جاءني صوتها عبر الهاتف تعلوه نبرة حزينة لم تخفت طوال فترة حديثها معي الذي امتد أكثر من ساعة فالجروح كثيرة.. والأمل في تضميدها تراه بعيداً.. قالت: أنا سيدة متزوجة في العقد الثالث من العمر نشأت في أسرة بسيطة.. الأم ربة بيت والأب رغم يوميته المحدودة من عمله كبائع متجول يحلم بتعليمي وأشقائي السبعة بنات وبنين وكنت الوحيدة التي استطعت تحقيق هذا الرجاء له حين واصلت دراستي حتي الجامعة لكن وتحت وطأة المرض الخطير الذي أصابني وأنا في الثانوي العام لم استكمل دراستي الجامعية فمازلت أتذكر ذلك الصداع القاتل الذي كان يدق رأسي ويدفعني للصراخ والعويل حتي كشفت الاشاعات عن أسبابه.. وجود ورم خبيث خلف الأذن!! وفي البداية لن أحدثك عن عدد بجلسات المسح الذري التي خضعت لها لاسئتصال هذا الورم بل سأحدثك عن الجلسة الأخيرة التي ما أن انتهيت منها حتي جاءني خبر وفاة أبي.. و.. وبعده بشهور قليلة لحقت به أمي.. وبرحيلهما تبدل كل شيء خاصة في حياتي أنا وشقيقاتي البنات.. فأشقاؤنا الذكور الذين ظلوا بجوار أبي فترة علاجي ولم تنقطع زياراتهم عنه يوماً.. أشقائي انصرفوا عنا تماماً مثلما فعل أقاربنا من أبناء العم والخال حين بخلوا علينا بمجرد السؤال ولن أقول الانفاق!! حتيپ.. حتي عندما سقطت شقيقتي الوسطي في نفس دوامة المرض الخطير الذي أصابني لم يفكروا يوماً في زيارتها بالمستشفي الذ مكثت به لسنوات حتي أذن الله لها بالرحيل.. ولا أنسي ما قاله لي الطبيب النوبتجي وهو يراني أخرج من المستشفي في وقت متأخر لشراء بعض الأدوية لشقيقتي قال: "مفيش أخ.. معاكم"!! وفي ظل هذا العزوف الغريب من أشقائي وأقاربي لم أجد من يأخذ حقيپمن زوجي الأول الذي أساء معاملتي وأهله.. واستوليپعلي منقولاتي حينما وقع بيننا طلاق بعد أقل من عامين من الزواج!! لذلك لم يكن أمامي سويپالعودة للإقامة عند شقيقاتي رغم ظروفهن وأزواجهن الاجتماعية القاسية لذا ما كان لي أن أرفض الزواج من أول شخص يتقدم إليّ حتي لو لم يكن يحمل مؤهلاً أو كانت صنعته "مكوجي".. المهم ان يتوافر لديه الشرط الأساسي وهو السكن! وبعد وقت قصير من زواجي أجريت بعض الفحوص الطبية وجاءت النتائج لتكشف عن المأساة التي أسلمتني إليها جلسات المسح الذري السابق.. وهي عدم قدرتي علي الإنجاب تلك الحقيقة التي دفعت بزوجي إلي أن يتركني.. ويختفي من حياتي. والسؤال الذي دفعني للاتصال بك.. ويلح عليه بشدة هو ما فائدة الأشقاء والأقارب في حياتنا ان لم نجدهم في ساعات العسرة وما أكثرها تلك الساعات فيپحياتي وحياة شقيقتي الراحلة..!! أكرر ما الفائدة؟ علماًپبأنني وجدت فيپأزواج شقيقاتي البنات ما لم أره من أشقائي فلم يبخلوا بالسؤال عني.. بل والإنفاق عليّ .. حقاً رب أخ لم تلده أمك!! ع. ك. أ القاهرة ** المحررة: أوجزت الأمر في السطر الأخير من رسالتك فإن كان أشقاؤك الذكور قد قست قلوبهم عليك وعلي شقيقاتك.. وانصرفوا إلي حياتهم وزوجاتهم وأبنائهم.. فقد بعث الله لك بزوج الشقيقة الذي يسأل عنك وينفق عليك وانه كما تدين تدان فمثلما تخلي أشقاؤك عن السؤال عن شقيقتهم المريضة وفق روايتك وهو ما أثار دهشة الطبيب النوبتجي بعبارته الصادمة لك "مفيش أخ.. يساعدكم"؟ أقول مثلما تخلوا عنك وشقيقاتك فمن المؤكد سيأتي اليوم الذي سيكونون بحاجة لمن يسأل عنهم ولن يجدوه!! أعلم ان جراحك كثيرة.. لكن الحنان والعطف لا يتسولان من أحد مهما بلغت درجة قرابتك منه.. وعلي شقيقاتك ان يغرسوا في أبنائهن الحب لبعضهم البعض .. وان في توحدهم قوة.. وفي تفرقهم ضعف.. هديپالله أشقاءك.. وعوضك عما أصابك من آلام وأحزان بالخير القريب. ** إلي قراء النافذة: سنواصل عرض أصداء رسالة "ابن باشوات" العدد المقبل بإذن الله نظراً لضيق المساحة.. وفي انتظار مشاركتكم وآرائكم علي الإيميل المشار إليه في مقدمة الباب.. أو عبر الفاكس علي رقمي: 0225781666 أو 0225781555