أنجز وزير الثقافة د. علاء عبدالعزيز في أيام ما عجز عن تحقيقه أسلافه من وزراء الثقافة علي مدي عامين كاملين.. وطهر الوزارة من المنظومة القديمة التي تركها فاروق حسني متماسكة قوية. يؤيد بعضها بعضا وتنهش أي وزير يحاول الاقتراب منها إلي حد ان أحد أتباع ذاك النظام البائد حشد عشرات من المواطنين ودفع لكل منهم مائة جنيه ليذهبوا إلي د. شاكر عبدالحميد ويحاصروا مكتبه وهو في الوزارة حينما فكر في خلع هذا الموظف مجرد تفكير!! وفي ظل هذا النوع من الابتزاز والتهديد لجماعة المصالح والمنافع التي خلفها النظام السابق. لم يكن متيسرا تفكيك هذه المنظومة ولا الاقتراب منها.. فمع وجودهم في معظم الهيئات والقطاعات بالوزارة لديهم طابور طويل من المنتفعين منهم كمستشارين ورؤساء تحرير لإصدارات الوزارة ومدينين لهم من خلال المكافآت والسفريات والعروض المسرحية وسائر المنافع التي تحولت لحصة تموينية يستقتلون للحصول عليها طوال ربع قرن!! والثائرون حاليا علي تفكيك هذه المنظومة من الفساد المعقد. لا شك في ان بعضهم وهم قلة ليسوا من أصحاب المنافع ولم يغيروا شيئا من فاروق حسني ونظام مبارك. لكنهم يخشون علي وزارة الثقافة من "الأخونة" كما يذكر د. محمود نسيم ويرون وجود أتباع للنظام الساقط علي رأس الهيئات والقطاعات أخف خطرا ووطأة من وجود كوادر عديمة الكفاءة ولا يملكون سوي الولاء. ولذا فقد يحاصرون الابداع ويتآمرون ضد حرية الفكر وينحازون إلي تيار بعينه ضد كل تيارات القومية والوطنية المصرية.. هؤلاء المتوجسون من هذا التوجه وجدوا أنفسهم في تحالف مع رموز النظام الساقط. لكنه تحالف هش يمكن أن يفض فورا إذا تأكدوا ان علاء عبدالعزيز يختار كفاءات وعلماء ومتخصصين ومثقفين جادين وموضوعيين مكان هؤلاء الذين يخلعهم من مواقعهم..هذا ما يؤكد عليه الأدباء :أحمد عبده ومجدي جعفر وأحمد رشادأغا ويتطلع الوزير أن ينجح إذا غلب الكفاءة علي الثقة وأن يقدم نماذج أرقي وأفضل ممن كانوا مسيطرين ونجح في خلعهم.. حينها سيحقق النصف الثاني من مطالب الثورة.. فقد أجري عملية تطهير واسعة لا من أجل جلب أتباعه من غير الأكفاء. بل من أجل وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومن أجل انقاذ هذه الوزارة من آليات الفساد التي عششت فيها طوال ربع قرن. والتغيير ينبغي ألا يقف عند حدود الأفراد حتي لو حل الأكفاء محل الضعاف إداريا وفكريا. بل لابد من تغيير نمط التفكير والفلسفة لهذه الوزارة وفي القلب منها ما يسمي بالمجلس الأعلي للثقافة.. فقد تحول هذا المجلس علي مدي العقدين الماضيين إلي "حظيرة" لاحتواء المثقفين من خلال لجانه وسفرياته وجوائزه.. كل من كان يقدم خدمة لنظام مبارك فمكانه محفوظ في هذا المجلس وجائزته محفوظة وسفرياته دائمة ومتجددة!!.. فأدي هذا الكيان دورا تخريبيا فظيعاً. بدلا من أن يشارك في انقاذ الثقافة القومية ودعم الابداع والمبدعين.. بعيدا عن حملات تصفية الحسابات والدفاع عن المصالح الذاتية وحتي بعيدا عن هواجس الأخونة التي نأمل ألا يحققها الوزير.. ينتظر كثيرون من المثقفين والثوريين الذين لم يروا أية ثمرة لثورتهم حتي الآن. ينتظرون تصويب أداء هذه الوزارة وعودتها إلي حضن المثقفين لا المنافقين وتمثيلها لكل تيارات الفكر والإبداع. ولتكن البداية في هذا الصدد بالمجلس الأعلي للثقافة. الذي يعد اسماً علي غير مسمي!!!