مرة أخري يثار الجدل حول مولد "أبو حصيرة" في قرية "دميتوه" بدمنهور بمحافظة البحيرة بسبب المساخر المستفزة التي تحدث فيه.. والرفض الشعبي له.. والأخطر من ذلك التخوف من أن يتحول هذا المولد إلي طقس إسرائيلي مشروع في بلادنا.. أو قرار ديني يهودي يتمدد بمرور الأيام إلي مستوطنة داخل الأراضي المصرية. لقد كتبت كثيرا في هذا المكان ضد مولد "أبو حصيرة".. وكتب غيري.. وصدرت أحكام قضائية ضد اقامة هذا المولد المريب.. وصدر حكم بالطعن علي القرار رقم 75 لسنة 2001 باعتبار مقبرة "أبو حصيرة" من الآثار الدينية المصرية.. ومع ذلك مازال هناك اصرار علي اقامة هذا المولد الذي يستفز المشاعر الوطنية في شهر أكتوبر.. شهر النصر العظيم. و"أبو حصيرة" هذا شخص غامض.. البعض كان يقول انه شيخ ولي من أولياء الله الصالحين.. والبعض يدعي انه حاخام يهودي.. المهم ان اليهود عرفوا طريق "أبو حصيرة" وجعلوا من قبره المهجور مزارا.. ويتكاثرون علي زيارته عاما بعد عام.. فيحولون المنطقة المحيطة به إلي ثكنة عسكرية.. يمارسون فيها طقوسا غريبة.. وهو ما دعا أهالي المنطقة المحيطة بالمقبرة والقرية إلي الاحتجاج والرفض. وفي كل عام تزداد أعداد اليهود القادمين.. ويزداد استفزازهم.. ويزداد علي الجانب الآخر احتجاج الأهالي ورفضهم.. ويتصاعد التخوف من أن يصبح هذا القبر "مسمار جحا" لليهود الطامعين في بلادنا. وهذا العام أقامت المحامية أمينة عبدالنبي دعوي قضائية أمام مجلس الدولة بالاسكندرية تطالب فيها - مجددا - بمنع اقامة مولد "أبو حصيرة" الذي تسبب في تحول مدينة دمنهور إلي ثكنة عسكرية ودخول 6 آلاف إسرائيلي للبلد بحجة زيارة ما يعتبرونه "القبر المقدس" الأمر الذي يهدد بكارثة حقيقية. وطالبت المحامية أيضا باصدار الحكم بنقل أبو حصيرة وغيره من رفات اليهود المحيطين به إلي إسرائيل وتسوية الأرض وتطهيرها لتعود لأحضان مصر - علي حد تعبيرها - كما دعت إلي تغيير اسم كوبري أبو حصيرة إلي كوبري شهداء مدرسة بحر البقر. وكانت الصحف قد ذكرت ان قرية "دميتوه" بدمنهور قد تحولت إلي ثكنة عسكرية.. حيث حضر 6 آلاف يهودي لزيارة قبر "أبو حصيرة" بحجة انه "قبر مقدس" وطالبوا الحكومة بزيادة مساحة الأرض المخصصة حول قبر "أبو حصيرة" إلي 8400 متر لبناء فنادق يقيمون فيها عند زيارتهم للقبر.. وذلك لتحقيق أغراضهم الخفية وهي الاستيلاء علي قرية "دميتوه" وجعلها مستعمرة لهم وبناء منازل وفنادق للاقامة بها كما فعلوا في فلسطين. ومما يؤجج الشعور الوطني بالاستفزاز ان زوار هذا القبر المزعوم انه مقدس كانوا عشرات ثم أصبحوا مئات والآن صاروا ألوفا.. حوالي 6 آلاف كما قالت الصحف.. ويعلم الله وحده ماذا سيكون عليه الموقف العام القادم وبعد القادم.. لأننا نعلم علم اليقين ان اليهود لا يتراجعون وإنما يتزايدون ويتكاثرون.. ويكسبون أرضا جديدة كل يوم. ومن حقنا أن تصيبنا الغيرة علي أرضنا ووطننا.. ومن حقنا أن نشعر بالخوف والتوجس.. فلقد دفعنا ثمنا غاليا من أجل تحرير أرضنا وتطهيرها من دنس اليهود.. دفعنا ثمنا غاليا من دمنا في ساحة الحرب.. ودفعنا ثمنا غاليا أيضا في ساحة المفاوضات والتحكيم.. ورفض المفاوض المصري بكل قوة في كل المراحل أن يترك لليهود مسمارا واحدا في سيناء ليعودوا إليه.. ورفض بكل قوة أن يأخذوا بالسلام ما لم يأخذوه بالحرب. وأذكر انني شاركت مع مجموعة من الصحفيين والمثقفين في أول زيارة إلي "طابا" بعد أن رفع الرئيس مبارك علم مصر علي أرضها لأول مرة وأعادها إلي حضن الوطن.. وشاهدنا هناك تمثالا علي هضبة عالية قيل لنا انه لسيدنا موسي.. فطالبنا جميعا أن يزال التمثال.. أو يرد إليهم.. وكان هذا رد فعل طبيعيا لما يعتمل في صدورنا.. فليس لدينا - كمصريين - أي استعداد لأن نري لهم أثرا علي أرضنا.. ولو كان تمثالا.. أو شيئا أشبه بالتمثال. ولا أدري - حقيقة - السبب الذي من أجله يقبل البعض باقامة مولد "أبو حصيرة" رغم كل ما أثير حوله؟!.. إذا كان من أجل السياحة فنحن في غني عنهم وعن أموالهم السياحية.. وليغننا الله من فضله.. وعنده - سبحانه - أبواب الرزق مفتحة بعيدا عن الطامعين في بلادنا.. وإذا كان من أجل التسامح الديني فلقد تسامحنا كثيرا.. وقدمنا الكثير والكثير ولكن المقابل كان الجحود والطمع والعدوان.. وإذا كان من أجل السلام فما أتعس السلام الذي يأتي علي يد نتنياهو وليبرمان وعصابة اليمين الحاكم في إسرائيل. نحن لسنا ضد اليهودية كدين.. ولسنا ضد اليهود كأتباع دين سماوي له كل الاحترام والتقدير.. ولقد عاش اليهود معنا في مصر.. وكانوا اخوانا للمصريين مسلمين ومسيحيين.. لكننا ضد اليهود أصحاب المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني التوسعي.. الذين يثبتون كل يوم أنهم ليسوا أهلا للثقة.. وليسوا أهلا للسلام. اعذرونا.. فما نراه من هؤلاء في فلسطين يجعلنا نتوجس خيفة علي مستقبل أبنائنا هنا في مصر.. فلسنا بعيدين عن أطماعهم ومؤامراتهم.. ونحن نريد أن نتعلم الدرس.. لكي يعيش أبناؤنا وأحفادنا آمنين مطمئنين في وطنهم. إذا ثبت ان "أبو حصيرة" هذا حاخام يهودي فعلا.. وان قبره مقدس لدي اليهود كما يزعمون فلا حاجة لنا به.. ومن الأفضل أن نعطيه لهم.. حتي نستريح من صداع كل عام.. ونستريح من الاستفزازات التي يتسببون فيها لأبناء "دميتوه" والقري والمدن المحيطة بها. ان خطر اليهود علينا في الداخل لا يتوقف عند فتنة "أبو حصيرة".. فلقد نشرت الصحف مؤخرا تحقيقات خطيرة حول زواج الإسرائيليات من شباب كرداسة الفقراء.. الذين يقدمون المهر للعروس "حجة البيت" ثم تأخذ العروس العقد وترحل إلي إسرائيل.. والخوف الذي طرحته الصحف أن نواجه بعد فترة بمطالب إسرائيلية رسمية بملكية الأرض والمنازل باعتبار أنها أرض العرايس. هذا ليس افتراضا خياليا.. ولنتذكر جميعا ان إسرائيل نفسها كانت فكرة خيالية لكنها بالنصب والتحايل صارت واقعا. إشارات * ذكرنا أحمد قريع أحد قيادات السلطة الفلسطينية ان اسحاق شامير رئيس وزراء إسرائيل الأسبق قال في الكنيست: "دعونا نفاوض الفلسطينيين 10 سنوات ونفعل ما نشاء علي الأرض حتي لا يجدوا ما يتفاوضون عليه". قال قريع ان نتنياهو ينفذ خطة شامير بكل دقة. * الدنيا مقلوبة في فرنسا بسبب قانون رفع سن التقاعد للمعاش.. اضرابات واحتجاجات واعتصامات.. الحمد لله قانون رفع سن التقاعد عندنا مر بهدوء كأن شيئا لم يكن.. برافو يا د. بطرس.. وبرافو يا مجلسنا الموقر. * الاعتذار الذي قدمه رجل الأعمال مصطفي السلاب عن عدم الترشيح لمجلس الشعب بسبب ظروفه المرضية يستحق الاحترام والتقدير. شفاك الله وعافاك.. ومتعك بموفور الصحة.. وخدمة الناس يا باشمهندس ليس بالضرورة من خلال عضوية مجلس الشعب والحصانة.. بل ان خدمة الناس من غير العضوية أفضل.. لأنها ستكون خالصة لوجه الله.. ومقبولة أكثر.