ننام ونصحو.. ثم نصحو وننام.. فنجد أن قضية النائب العام هي الشغل الشاغل للرأي العام في مصر سواء علي المستوي السياسي أو القضائي أو الشعبي. بعد الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف "دائرة رجال القضاء" ببطلان القرار الجمهوري بعزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود. وإلغاء قرار تعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله واعتباره كأن لم يكن. دخلنا بمقتضي هذا الحكم في دوامة من الخلافات القانونية مع وضد الحكم.. وانقسم القانونيون والسياسيون والمواطنون حوله بين مدي مطابقته لصحيح القانون أو عدم مطابقته؟ وهل يعود النائب العام المقال إلي منصبه أم لا؟! وهل سيبقي النائب العام المعين بقرار جمهوري شاغلا للمنصب أم سيرحل؟! ولم نصل إلي رأي قاطع.. هل الحكم صدر مشمولا بالنفاذ أم لا؟ فالبعض يؤكد أنه يجب تنفيذه فورا حتي لو تم الطعن عليه.. والبعض يري أنه غير مشمول بالنفاذ ويبقي النائب العام المعين في منصبه حتي صدور حكم النقض. النائب العام المستشار طلعت عبدالله حضر إلي مكتبه والتقي مع وفد من المستشارين والمحامين العامين وأكد حرصه علي الشرعية الدستورية والقانونية. كما أكد أن حكم "الإلغاء" غير واجب النفاذ. وأنه سيطعن عليه. وأيد هذا الرأي المستشار مصطفي دويدار المتحدث باسم النيابة العامة قائلا إن الحكم غير قابل للتنفيذ لكونه حكما ابتدائيا وليس نهائيا ومن ثم يجوز الطعن عليه أمام محكمة النقض وفقًا لتعديلات السلطة القضائية عام .2006 وتتضامن رئاسة الجمهورية مع النائب العام المعين علي لسان الدكتور محمد فؤاد جاد الله المستشار القانوني للرئيس فيؤكد أن عودة النائب العام السابق لمنصبه بعد هذا الحكم مستحيلة.. وأن الحكم الصادر بإلغاء القرار الجمهوري الخاص بتعيين النائب العام له حجيته وواجب الاحترام لكنه غير واجب النفاذ لأنه ليس مشمولا بالنفاذ المعجل. في نفس الوقت حذر أعضاء بجماعة الإخوان الرئيس محمد مرسي من تنفيذ عزل النائب العام. علي الجانب المقابل أكد المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة أن عدم تنفيذ الحكم يمثل جريمة طبقًا للمادة 26 من قانون العقوبات.. وطالب بعودة المستشار عبدالمجيد محمود إلي منصبه واستقالة المستشار طلعت عبدالله ليضمن لنفسه الخروج بشكل مشرف. وفي نفس التوجه قال المستشار محمود الشريف المتحدث الرسمي باسم نادي القضاة إن بقاء النائب العام في منصبه يؤدي إلي بطلان جلسات المجلس الأعلي للقضاء وأعمال النيابة. وكان أول رد فعل لحكم محكمة الاستئناف علي المستوي العملي أن دفع دفاع المتهمين في قضية حادث قطار البدرشين ببطلان إحالة القضية لأنها صادرة من النائب العام المستشار طلعت عبدالله الذي حكمت الاستئناف ببطلان تعيينه. وفي ظل هذا الخلاف المستحكم وتمسك المستشار طلعت عبدالله بالبقاء في منصبه.. ماذا سيحدث لو أن النيابة العامة أحالت إحدي القضايا إلي المحاكمة.. ثم رفض القاضي نظرها لأنها محالة من النائب العام الذي قضت الاستئناف ببطلان تعيينه. معني ذلك أنه ستحدث حالة اضطراب وفوضي في الجهاز القضائي ستنعكس بالضرورة علي مصالح المواطنين وقضاياهم المرفوعة أمام المحاكم وهي تعد بمئات الآلاف إن لم تكن بالملايين. الجديد الأكثر أهمية في هذا الصراع القضائي السياسي أن المستشار عبدالمجيد محمود تسلم الصيغة التنفيذية للحكم.. ومن حقه أن ينذر رئيس الدولة ووزير العدل والمستشار طلعت عبدالله بالحكم لتنفيذه. بقيت هناك إشكالية وهي كيفية التوفيق بين الحكم الصادر بعودة المستشار عبدالمجيد محمود لمنصبه وبين النص الدستوري الذي يحدد بقاء النائب العام في منصبه 4 سنوات فقط. وقد مضي عليه أكثر من هذه المدة؟! هناك رأي يقول إن المستشار عبدالمجيد محمود يعود لمنصبه ويتسلمه رسميا تنفيذا للحكم ثم يقدم استقالته فورا.. فهل هذا المخرج صحيح قانونا أم لا؟! والسؤال: إلي متي سننام ونصحو علي مشكلة النائب العام؟