أخيراً عادت الروح إلي كرة القدم المصرية.. ودبت في عروقها الدماء بعد عام بالتمام والكمال قضته في غرفة الإنعاش عقب تعرضها لحادث بورسعيد الأليم.. والكارثي.. حتي ظن البعض إنها ماتت إكلينيكياً. ولكن جهود الرجال المخلصين وفي مقدمتهم الوزير العامري فاروق وزير الرياضة وقواتنا المسلحة الباسلة ووزارة الداخلية ممن يملكون قرار عودة الحياة الطبيعية لملاعبنا الخضراء كانت وراء انطلاق مسابقة الدوري من جديد لتعود الحركة والنشاط لأنديتنا ولاعبينا ولكل من يرتبط بالساحرة المستديرة من إداري ومدرب وحكم في منظومة اقتصادية ضخمة أضير الكثيرين من توقف النشاط المحلي للعبة.. وكان من الطبيعي أن تمتد الآثار السلبية إلي الناحية الفنية ليصبح منتخبنا الوطني مهدداً بخسارة حلم الوصول لنهائيات مونديال البرازيل أهم وأعظم وأغلي الأحداث الرياضية علي سطح الكرة الأرضية لابتعاد لاعبينا عن المباريات الرسمية. مما يهدد تراجع مستواهم الفني والبدني. بينما يحتاج المنتخب لوصول اللاعبين لأعلي فورمة تقودهم لمواجهة وحوش أفريقيا في رحلة التصفيات المؤهلة للمونديال.. وحرصت الوزارات الثلاث الدفاع والداخلية والرياضة علي اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير التي تضمن نجاح المسابقة بداية من إقامة المباريات دون جماهير مروراً بإقامتها في ستاد القوات المسلحة التي يتوافر بها كافة الشروط الأمنية التي طالبت النيابة العامة بضرورة توافرها في الملاعب التي تقام بها مباريات رسمية.. لضمان حماية أرواح الجماهير حتي لا تتكرر كارثة مباراة بورسعيد التي سقط فيها 74 شهيداً.. وما يهمنا هنا أن يكون جميع عناصر اللعبة جماهير ولاعبين واتحاداً قد استفاد من الدرس القاسي لكارثة بورسعيد التي سالت فيها الدماء علي الملاعب الخضراء وأزهقت فيها أرواح بريئة.. ولعل أهم الدروس أن تتخلص الجماهير من كل مظاهر التعصب والاحتقان. وأن تتعامل مع مباريات الكرة في إطارها الصحيح والوحيد. وأنها للمتعة والتسلية فقط.. ولابد أن يجتهد حكامنا ويبذلوا قصاري جهدهم لتحقيق العدالة في الملعب دون النظر لناد جماهيري وآخر تابع لهيئة.. وننتظر من الإعلام المصري المرئي والمسموع والمكتوب مراعاة ضمائرهم بالبعد عن الإثارة والتعامل بمنهج جديد يقضي علي كل مظاهر التعصب والاحتقان والشغب. بالتأكيد علي الأهداف النبيلة في الرياضة والدعوة للتمسك دائماً والتحلي بالروح والسلوك الرياضي والحضاري. والتركيز علي النقد البناء والتحليل الفني.. ويأتي هنا دور اللاعبين والمدربين بتجنب إثارة الجماهير بالاعتراض علي قرارات التحكيم وتحميل الحكام فشلهم في المباريات لأن هذا الأسلوب المكشوف يشعل غضب الجماهير والفتن بينها.. وأعتقد أن المبادرة التي قام بالدعوة لها نجوم الكرة بقيادة وائل جمعة كابتن الأهلي والعميد أحمد حسن لاعب الزمالك لعقد مؤتمر تحت عنوان "نبذ التعصب" بحضور مازن مرزوق رئيس لجنة المسابقات وعبدالرحمن يوسف المدير التنفيذي لوزارة الرياضة بهدف التأكيد علي أن جميع عناصر الكرة المصرية "ايد واحدة" من أجل نجاح واستمرار الدوري. فالكل تعهد ويتعهد بفتح صفحة جديدة في تاريخ ومستقبل ومسيرة الكرة المصرية بعد أن تعرضت لأسوأ جريمة في تاريخ اللعبة منذ عرفها العالم.. وثقتي كبيرة في أن شعب مصر المسالم بطبيعته وصاحب أعظم وأعرق حضارة في تاريخ الإنسانية سوف يقدم من الآن فصاعداً الصورة الحضارية والوجه المشرف للرياضة والكرة المصرية للعالم. لتكون أيضا بمثابة رسالة بأن الحياة في طريقها لتعود لطبيعتها داخل المجتمع المصري.. ولكن لابد أن يسعي كل المهتمين بعودة كل مظاهر الاستقرار والأمن والأمان لمصر المحروسة.. وفي مقدمتهم أسرة كرة القدم لتحقيق المصالحة الحقيقية بين جماهير ألتراس الأهلي والنادي المصري البورسعيدي لنغلق ملف تلك المأساة بلا رجعة لنفتح علي أرض الواقع صفحة ناصعة البياض في مستقبل الكرة المصرية أكثر إشراقاً ورحابة تحقق حلمنا وهدفنا في أن تصبح الكرة المصرية رسالة حب وسلام ومودة بين جماهير أنديتنا وشعبنا العظيم.. ولشعوب العالم أجمع.. لنثبت علي أرض الواقع إننا بالفعل أصحاب أعظم الحضارات الإنسانية.