كبار المبدعين يسيرون في الحياة نسمه هامسة. بعيدين عن صخب الإعلام. ومطاردات الانتهازيين من النقاد أصحاب المصالح والمنافع.. ولذا نري واحدا منهم. وفي صدارتهم مثل فولاذ عبد الله الأنور. يصدر الديوان تلو الديوان. ويبدع القصيدة عقب القصيدة. وكأن إضافة حقيقية لديوان الشعر العربي لم تحدث. وكأن نبضة فتية لم تضف إلي نبضات الابداع العربي. يستمر فولاذ في مسيرته الابداعية كواحد من طلائع جيل السبعينيات وكبار شعرائه وأحد فرائده النادرة .. لكن الواقع الثقافي لا يتوقف عنده كثيرا. ولا يرصد النقاد "الملاكي" تجربته الثرية الفذة. لأن فولاذ ما هو بمسئول كبير. ولا هو بإعلامي يملك وسائل "التلميع" و"التنجيم" ولا هو بالثري الذي ينفق علي سهرات الليالي!! بل كل ما يملكه موهبة لاتباري . وقلم لا يجاري!! ستة دواوين أصدرها الشاعر. أحدثها "روائح من عشب مارس" عن هيئة الكتاب. غير ما لديه من قصائد أخري لم تنشر بعد. آخرها "لعب السماوات السبع" ومازال يشق عباب الابداع الشعري العربي بلغته الصافية النقية. وصورته الشعرية. البضة المبتدعة. ورؤاه الناضجة العميقة.. لم يهتم الشاعر كثيرا بأن الحياة الثقافية لم تنصفه ولم يعبأ أنها ضخمت و"نفخت" آخرين كثيرين دونه في الإبداع والفكر. بل راح يواصل بناءه الثقافي ويعبر عمليا عن حتمية إنصاف كل المظلومين. فجاء هذا التعبير متجسدا في كتاب جديد صدر له مؤخرا عن الشاعر الراحل محمد الجيار.. وقد جمع فولاذ كثيرا من قصائده الشاردة والمهملة وأصدرها بعنوان "من أشعار محمد الجيار" مقدما له بدراسة نقدية ضافية بعنوان: "الجيار شاعر "التجارب الإنسانية" ليعيد هذا الشاعر الراحل الي ذاكرة الواقع. وقد مر علي رحيله ما يقرب من أربعة عقود.. وعنه يقول فولاذ: ستة وثلاثون عاما مضت علي رحيل الشاعر الكبير محمد الجيار الذي وقف معظم قصائده علي التجارب الإنسانية ليضيف الي ديوان الشعر العربي المعاصر ملمحا فريدا ومتميزا. كاد يبهت تدريجيا بعد تحول القصيدة العربية المعاصرة الي قلب التحولات المتردية علي الساحة العربية. منذ منتصف السبعينيات حتي وقتنا هذا.. يذكر فولاذ أن الجيار واسمه كاملا محمد عبد الخالق الجيار ولد في 16 أغسطس عام 1923 في إحدي قري الدقهلية . منحدرا من اسرة عريقة اشتهر ابناؤها بالتجارة والعلم. وقد عرف بعد ذلك بأنه شاعر الاذاعات المصرية فقد كان رخيم الصوت. حسن الاداء. يتخلل شعره مختلف البرامج الثقافية والمنوعات والأمسيات والسهرات مثل "شعر وموسيقي" و"حول الأسرة البيضاء" و"صباح الخير" وعرف كذلك بأنه شاعر الرومانسية الثورية . كما كان يحب ان ينعت نفسه. فولاذ عبد الله الأنور المنشغل بإبداع غيره عن نفسه!! لم يكتف بجمع ودراسة قصائد الجيار. بل يعد كذلك لإقامة مؤتمر بحثي عنه وعن قصائده خلال مارس القادم. مع بعض الجهات الثقافية.