إذا كانت قوة العمل في مصر تقدر ب22 مليون عامل من بينها 6 ملايين في القطاع الحكومي فإن معني ذلك أن هناك نحو 16 مليوناً يعملون في القطاع العام وقطاع الأعمال والقطاع الخاص.. وهذا يعني أيضاً أن القطاع الأخير "الخاص" يستحوذ علي أكبر نسبة من العاملين. ولاشك أن الأمل في حل مشكلة البطالة يعتمد علي الاستثمارات المحلية والأجنبية لإقامة مشروعات كثيفة العمالة بحيث تنحسر نسبة البطالة إلي أقل قدر ممكن.. وهي أهم مشكلة تؤرق المجتمع المصري حالياً. وبصراحة فإن القطاع الخاص في مصر حتي الآن لم يلتزم بقيم العمل التي يجب أن تسود بين صاحب العمل والعاملين معه.. فهناك استغلال ممقوت من بعض أصحاب الأعمال ولا أقول كلهم للعمال وخاصة في قطاع تجارة التجزئة. فالعامل يقضي في العمل ما بين 8 ساعات و10 ساعات أو أحياناً 12 ساعة متواصلة دون أن ينال الأجر الذي يستحقه عن هذه الفترات الطويلة.. بل إن بعض أصحاب العمل يخصم من العامل أجر يوم الإجازة وأي يوم يمرض فيه. بل إن هناك عمالاً كثيرين يعملون في القطاع الخاص دون إبرام عقود عمل معهم ودون التأمين عليهم ويشعرون بأنهم في مهب الريح.. ومن هنا يتمسك الشباب بالعمل في الأجهزة الحكومية أو القطاع العام أو قطاع الأعمال باعتبار أن هذه القطاعات فيها ضمان لمستقبل العامل. وحتي في بعض الشركات الكبري الخاصة والشركات العملاقة لا تترسخ فيها قيم العمل المفروض أن تربط العامل بالشركة.. فبعض الشركات تلجأ إلي حيل خبيثة للتخلص من العامل الذي يتصاعد مرتبه بطريقة تحايلية.. كأن تعيد هيكلة قطاعاتها فيجد الرئيس نفسه مرءوساً لمن هو أقل منه.. أو تسحب اختصاصاته فيضطر للاستقالة حفاظاً علي كرامته واحتجاجاً علي أن الشركة لم تقدر أداءه ووضعت المادة نصب عينيها بغض النظر عن كفاءة العامل وجودة أدائه. وفي محاولة لضبط أداء وقيم العمل بين العامل والشركة أو المؤسسة التي يعمل بها أقرت المجموعة الوزارية للشئون السياسية والتشريعية برئاسة الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية مشروع اللائحة التنفيذية للقانون الخاص بمرتبة امتياز حقوق العمال للحفاظ علي هذه الحقوق في المنشآت أو الشركات المطروحة للبيع أو التصفية أو الإغلاق كبند هام من بنود الحفاظ علي حقوق العمال. خاصة في ضوء المشاكل التي حدثت أو صاحبت خصخصة بعض الشركات خلال السنوات الماضية. وقد أقرت لجنة الدكتور شهاب إعطاء الأولوية لحقوق العمال قبل أية حقوق أخري كالديون والمصروفات القضائية والمبالغ المستحقة للخزانة العامة. وتضمن مشروع اللائحة التنفيذية عدم الإخلال بأي مزايا أفضل مقررة للعمال في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو الأنظمة الأساسية أو غيرها من لوائح الشركات والمنشآت.. كما ألزمت صاحب العمل بأن يؤدي للعامل المبالغ المستحقة له وفقاً للإجراءات والمواعيد المنصوص عليها قانوناً والمتفق عليها في عقود العمل المبرمة. ويبقي علي لجنة الدكتور مفيد شهاب أن تضع آليات تنفيذ هذه الإجراءات وألا تترك الأمر للقوانين المدنية العادية التي تجعل صاحب الشركة أو مديرها يماطل أو يسوف في تنفيذ هذه الإجراءات والقواعد. إن الحفاظ علي حقوق العاملين واستقرارهم في أعمالهم عامل أساسي في الحفاظ علي استقرار الوطن.. فهم القوة الدافعة والمؤثرة في الإنتاج وأي انتقاص لحقوقهم يعود بالسلب علي هذا الإنتاج وبالتالي علي الوطن.