أبرزها فتح أفرع لجامعاتهم بمصر.. وزيرا التعليم العالي والفرنسي يناقشان 3 موضوعات بباريس    محافظ الإسكندرية يستعرض استراتيجية تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء أمام البرلمان    إعلام لبناني: إخلاء المستشفى الحكومي في بعلبك شرقي البلاد    أول تعليق من كونراد ميشالاك على تأهل الزمالك إلى نهائي كأس السوبر المصري    طفل يقود سيارة نقل.. كواليس دهس عامل بالجيزة    العرض العالمي الأول لفيلم "التدريب الأخير" بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    عاوز تخف من الإنفلونزا بسرعة- طبيب يوصي بتناول هذه الفاكهة    بالصور .. تدريبات بدنية مكثفة للاعبي "المصري" بمعسكره بالمغرب    الأردن داعيا لحظر تسليحها: مذبحة إسرائيل في شمال غزة يتوجب التعامل معها بحسم    استعدادا لرحلات السياح إلى أسوان.. رئيس هيئة السكة الحديد يتفقد محطة بشتيل    مجدي البدوي مشيدا بتصريحات الرئيس السيسي: كاشفة بالأرقام لتحديات واجهت الدولة المصرية    ملك الأردن: وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان ضرورة    أسماء مصابي حادث حي الزيتون بمدينة السادات في المنوفية    وزير الصحة يدير جلسة «التنمية البشرية في أوقات الأزمات» ضمن فعاليات افتتاح المؤتمر العالمي PHDC24    مي فاروق نجمة ختام مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 32    سائح فرنسي بعد زيارة محطة قطارات بشتيل: «إحنا متأخرين عنكم» (فيديو)    عاجل - تفاصيل مشروع وفاء عامر لدعم الأرامل والمطلقات    خالد داغر مدير مهرجان «الموسيقى العربية»: اعتذار النجوم عن حفلاتهم أربكت حساباتنا    الانشغال بالعبادة والسعي للزيادة.. أمين الفتوى يوضح أهم علامات قبول الطاعة    زوجى يرفض علاجى وإطعامي .. أمين الفتوى: يحاسب أمام الله    رمضان عبد المعز: الإسلام دين رحمة وليس صدام وانغلاق    اهتمام إعلامي دولي بحوار «المصري اليوم» مع وزير الخارجية الإيراني    توقيع الكشف على 241 حالة خلال قافلة طبية بمركز ملوي    استشاري: الدولة وفرت أدوية بالمجان وبأسعار زهيدة لمواجهة فيروس سي    التربية والتعليم توضح الفئات المسموح لها دخول امتحانات الثانوية العامة بنظاميها القديم والجديد    تموين الإسكندرية تكثف حملاتها الرقابية على محطات تموين السيارات    أستاذ تفسير: الفقراء حسابهم يوم القيامة أسرع من الأغنياء    نقيب المعلمين يفتتح الدورة التدريبية 105 لمعلمى كفر الشيخ    ريفالدو يُقيم أداء برشلونة مع فليك وفرص الفوز بلقب الدوري الإسباني    وزير التموين يعقد اجتماعاً مع بعثة البنك الدولى لتعزيز التعاون فى الحماية الاجتماعية    الرئيس السيسي بالمؤتمر العالمى للصحة والسكان: مصر لديها تجربة ناجحة فى تحويل المحنة لمنحة.. والقضاء على فيروس سي أصبح تاريخ نتيجة تحرك الدولة بشكل فعال والبطالة انخفضت ل6.5% وواجهنا تحدى النمو السكانى بشكل جيد    عقد مجلس شؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة رقم 201 بجامعة الفيوم    مباشر السوبر المصري - الزمالك (1)-(1) بيراميدز.. ضغط متواصل    فريق القسطرة القلبية بمستشفى الزقازيق ينجح في إنقاذ حياة 3 مرضى بعد توقف عضلة القلب    القبض على عاطل هارب من إعدام وآخر مطلوب للتنفيذ عليه في 8 أحكام تزوير بالدقهلية    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم ميكروباص بالمواطنين بشبين القناطر    الرئيس يوجه والحكومة تنفذ لخدمة الأكثر احتياجا.. جميع استثمارات العام المالي المقبل موجهة لاستكمال مشروعات "حياة كريمة"    المجلس الوطنى الفلسطينى:انتهاكات المستوطنين باقتحام الأقصى إرهاب منظم    عبد الغفار: مصر حققت نجاحات في قطاع الصحة بشهادة المؤسسات الدولية    رئيس البرلمان الإيراني: خامنئي هو الركيزة الأساسية للبنانيين    نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى كتاب جديد لمصطفى بكري    وكيل أوقاف الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يفتتحان معرض الكتاب بالمكتبة المركزية    ندب الدكتور حداد سعيد لوظيفة رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء    رد الجنسية المصرية ل24 شخصًا.. قرارات جديدة لوزارة الداخلية    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    «شبح الإكس يطاردهم».. 3 أبراج تعتقد أن شريكها السابق أفضل    87 شهيدا ومفقودا وأكثر من 40 مصابا جراء مجزرة الاحتلال فى بيت لاهيا شمال غزة    هاتريك ميسي يقود إنتر ميامي لرقم قياسي في الدوري الأمريكي    رئيس نادي الزمالة السوداني: الاسم أسوة بالزمالك.. ونتمنى ضم شيكابالا مهما كان عُمره    جثة شاب ملقاة بجرجا وآثار طعنات غامضة تثير الرعب.. البحث جارٍ عن القاتل    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 50 مليار جنيه    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    استشاري: السيدات أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام «المرض الصامت»    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    اليوم.. نظر قضية ميار الببلاوي والشيخ محمد أبوبكر    حسام المندوه يطلق تصريحات قوية قبل السوبر المصري    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سكر" وكتابه "لطفي جمعة".. رحلة الانتصار للمظلومين
نشر في المصريون يوم 14 - 03 - 2016

لا أعرف لماذا وفور أن انتهيت من قراءة كتاب صديقي الكاتب الصحفي والباحث "ربيع سكر" حول المفكر الموسوعي "محمد لطفي جمعة" سيطرت على ذهني خاطرة حول العلاقة الوثيقة بين الدرب والمنهج الذي اختطه سكر لنفسه منذ كان شابا يافعا وبين سبب اختياره لشخصية "لطفي جمعة" إذ وجدت أن ثمة خيط قوي يربط بين الأمرين ف"ربيع سكر" الذي تعرفت عليه كما تعرف عليه أندادي في منتصف التسعينات من القرن الماضي مناضلا شريفا أخلص سنوات شبابه الأولى للدفاع عن الحرية وحقوق المظلومين من أبناء هذا الوطن المسلوبة تشاء الأقدار أن تكون باكورة أعماله الفكرية أيضا محاولة للانتصار لمفكر مصري عانى ما عانى من ظلم التجاهل والتهميش رغم كل هذه الإسهامات الفكرية العظيمة التي قدمها الرجل – حوالي أربعين كتابا في مجالات مختلفة - والتي إن لم تفق ما قدمه آخرون نالوا ما نالوا من الشهرة لا تقل عنها أهمية الأمر الذي كان يفرض على الجميع أن يلتفت لها ويحسن ترويجها حتى يستفيد منها الجميع وهو بكل أسف ما لم يحدث فبقيت حدود معرفة الرجل مقصورة على الباحثين والمتخصصين .
والكتاب رغم صدوره العام الماضي إلا أن قصة تأليفه تعود لنحو أكثر من 15 عاما تقريبا إذ وكما أشار صديقي "سكر" في مقدمته للكتاب أن موضوع البحث كان أطروحة لنيل درجة الماجستير بقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة غير أنه ونظرا لظروف عمله بالصحافة لم يتمكن من إنجازها حيث شغله العمل الصحفي .. والحقيقة أن صديقي "سكر" حاول بما يقدمه من مبرر أن يجمل الصورة بعض الشئ فالحقيقة الكاملة تشير إلى أن ثمة أسباب أخرى كانت باجتماعها صخرة تحطمت عليها الأحلام البحثية للكثيرين بينهم "سكر" إذ قدر لآخرين ممن يعملون بالصحافة والإعلام أيضا أن يستكملوا دراساتهم ويحصلوا على درجات علمية رفيعة بيد أن الصحفيين في مصر ينقسمون إلى فئتين فئة التحقت بمؤسسات صحفية كبيرة جعلت المنتمين لها في حالة استغناء عن البحث عن عمل آخر سواء في صحف أخرى أو في مكاتب عربية أو غير ذلك فتوفرت لديهم سعة الوقت وقدر من الطاقة والجهد تمكنهم من إتمام أبحاثهم وفئة أخرى تنتمي لمؤسسات لم تمنح العاملين بها حد الكفاية ما اضطرهم للعمل في أماكن أخرى سعيا وراء الرزق وسد للاحتياجات.
أخيرا نجح صديقي "سكر" في أن يصدر الكتاب الذي طالما حلم بإنجازه حتى يشعر بينه وبين نفسه أنه تمكن من القفز فوق واقعه الأليم يوم كان مضطرا لأن يتجاوز حلما من أجل حلم آخر .. وليؤكد لنفسه قبل الآخرين أن المسالة لم تكن متعلقة بكفاءة أو بقدرة بحثية مفقودة وهو ربما الأمر الذي يفسر لدي إصرار "سكر" على إصدار هذا الكتاب بالذات على الرغم من إدراكه اليقيني بأن الكتاب ربما لا يحظى بشهرة أو شعبية وكان يمكن أن يقدم موضوعات أخرى أكثر إثارة مما يقبل عليها الناس ..
والصديق "سكر" محق في ذلك فكفاءته البحثية ومنذ كان طالبا تفوق الكثيرين ممن حصلوا على درجات علمية سمحت لهم أقدارهم وظروفهم بذلك لهذا فيقيني أن يكون كتاب "سكر" عن "لطفي جمعة" بداية سلسلة طويلة من الكتب والدراسات فبداخله الكثير والكثير الذي يريد أن يقوله خاصة وقد أدرك أن ما بقي من محطات القطار أقل مما فات ومن ثم لم يعد ثمة وقت يضيعه.
وكتاب "لطفي جمعة" جاء في ستة أبواب شملت الحديث عن حياة مفكرنا وعصره ومدرسته الفكرية وآراؤه في العقيدة والفلسفة الإسلامية وفي الفلسفة العامة فضلا عن الآراء الإصلاحية والمعارك الفكرية التي خاضها "جمعة" وأخيرا موقفه من المذاهب الفكرية والأديان.
واعتقادي أن الباحث "سكر" حاول أن يلتزم بمخطط البحث الذي كان قد تقدم به لقسم الفلسفة بدار العلوم للحصول على إجازة للقيام بالدراسة غير أنني وللحقيقة تمنيت لو كان قد تمرد على هذا المخطط خاصة وأنه قد اطلع بما فيه الكفاية على الكثير من كتابات ودراسات مفكرنا "لطفي جمعة" ومن ثم فقد كان يمكنه اختيار العديد من القضايا التي كانت ولم تزل أكثر إثارة وطرحها مفكرنا عبر كتبه ودراساته ومقالاته وهو الأمر الذي كان يمكن أن يضرب عصفورين بحجر فيحقق حلمه وفي ذات الوقت يكون الكتاب مادة تغري على القراءة لدى جيل أصابه ما أصابه.
لكن ذلك على كل حال لا يمنعنا من الاعتراف بأن "سكر" نجح إلى حد كبير في أن يقدم مفكرنا "لطفي جمعة" بصورة بانورامية للجيل الحالي فقارئ الكتاب حتما سيخرج بفكرتين لا ينفكا تطارداه لفترة من الزمن الأولى أن الثقافة في عصر هؤلاء العمالقة كانت تعني الموسوعية وما كان لأنصاف الموهوبين مكانة مرموقة بين هؤلاء والثانية أن التاريخ وبكل أسف لم يفتأ يمارس شكلا من أشكال الظلم حيث أغمض حق شخصية مثل شخصية "لطفي جمعة".
وعلى المستوى المنهجي فإني لي ملاحظتين:
الأولى: الإيجاز الشديد في طرح آراء مفكرنا لطفي جمعة حول بعض القضايا فجاءت وكأنها عناوين مختصرة لا تزيد النفس إلا ظمأ ورغبة في الاستزادة من معرفة تفاصيل لهذه الآراء.
الأخرى: أن الصديق "سكر" اقتصر على مجرد طرح رؤى مفكرنا دون مناقشتها سلبا أو إيجابا.
وللمزيد من التوضيح فقد كنت وبصفتي قارئ أود لو يستطرد الباحث في موقف "جمعة " حول هل لليهود فلسفة أم لا ؟ وإعجابه بالمعتزلة وكيف ينسجم ذلك مع موقفه الإيجابي من الحركة الوهابية؟ ووجهة نظره فيما يخص تأويل آيات القرآن الكريم وهي إشكالية يعلم صديقي "سكر" أنها شديدة التعقيد.
ومنها أيضا الاستطراد في رأيه حول منصور الحلاج وهل يتسق مع موقفه من التصوف البدعي أم لا ؟.. إذ اقتصر الباحث على الإشارة لمدى اهتمام مفكرنا بالحلاج حتى انه ألف مسرحية حول سيرته أسماها "مصرع الحلاج".
وكان يمكن للصديق "سكر" أن يستطرد أيضا في سرد رأي مفكرنا حول نظرية التطور الدروانية وهي النظرية التي وعلى الرغم من كل الانتقادات التي نالتها لا زالت واحدة من الأدوات التنظيرية التي يستخدمها اليسار في نقاشاته .
ولا يفوتنا تناول بعض القضايا الإصلاحية التي طرحها مفكرنا كالموقف من الديمقراطية وهو موقف للحقيقة ووفق ما جاء في بحث "سكر" ملتبس وغير واضح إذ لم يتم الكشف عن مفهوم الديمقراطية أو آلياتها وكيف السبيل لتحقيق نموذج أكثر ملائمة لواقعنا المصري والإسلامي.
ولعل من أكثر الإشكاليات التي جاءت ببحث "سكر" هو موقف "جمعة" من المرأة فهو لم يخضع للثنائية التقليدية التي أحدثت حالة من الاستقطاب بين مفكري هذا العصر بل وحتى الآن إذ وفي الوقت الذي يشيد فيه بدعوة قاسم أمين من خلال كتابيه تحرير المرأة والمرأة الجديدة نراه يرفض ترشحها للبرلمان وتوليها للقيادة السياسية وهي مسألة كانت تحتاج لكثير تفصيل بالفعل من قبل باحثنا "ربيع سكر".
كذلك ووفق تصوري فإن أهم أبواب الكتاب هو الباب المتعلق بالمعارك الفكرية لمفكرنا "لطفي جمعة" إذ هي أولا تكشف عن قيمة الرجل في عالم الفكر بالقدر الذي جعله قادرا على الدخول في معارك تنظيرية مع قامات فكرية كبيرة منها طه حسين ومنصور فهمي وعبد العزيز فهمي وسيد كيلاني وغيرهم وهي معارك كانت تتسم بالسخونة الشديدة حينئذ ولم يكن ليقدر عليها إلا متمكن فالمثقفين المصريين آنذاك كانت لديهم حاسة ثقافية عالية ورفيعة.
كذلك فقد كان استعراض موقف "جمعة" من بعض المستشرقين الذين التقاهم آنذاك فاتحا الباب لإثارة العديد من القضايا التي يجب أن تناقش من زواية جديدة منها مثلا "المستشرقون والتجسس" والمستشرقون وعلاقتهم بالنخبة السياسية" وغير ذلك مما يمكن تناوله من خلال السير الذاتية لرواد هذه الفترة.
ولا أنسى أن أشير إلى أن الكتاب وعلى الرغم من أنه جاء مرتكزا ومتمحورا حول شخصيته "لطفي جمعة" إلا أنه يعد وبحق نافذة جيدة لكل شباب هذا الجيل للاطلاع على ظروف وأوضاع البيئة المصرية آنذاك فضلا عن أهم القضايا السياسية والفكرية والاجتماعية التي شغلته وكانت ساحة للنقاش والتناظر بين رواده.
وفي الختام أراني مدفوعا إلى أن أوصي صديقي الكاتب "ربيع سكر" بالحرص على إصدار طبعة ثانية من الكتاب بحيث تكون أكثر استرسالا في استعراض آراء مفكرنا "جمعة" حاملة في الوقت ذاته رؤية نقدية لهذه الأفكار ورادة على بعض الأسئلة التي ما زالت تدور في خلدي ومنها مثلا.. لماذا في الوقت الذي انتقد فيه مفكرنا "جمعة" الأحزاب السياسية المصرية التحق بأحد هذه الأحزاب؟ ولماذا في الوقت الذي رفض فيه نظام الانتخابات البرلمانية الذي كان يراه غير ديمقراطي تأسف على أن حزبه لم يرشحه لهذه الانتخابات؟
بقي أن أقدم شكري لصديقي "سكر" على أن منحني شرف إدراج اسمي في صفحة الشكر والعرفان بصدر الكتاب فيما أشار إلى شخصي أيضا في مقدمة الكتاب ذاكرا أني من لفت نظره لمذكرات "محمد لطفي جمعة" وإن دل ذلك على شئ إنما يدل على كرم أخلاقه وشدة تواضعه .. أسأل الله عز وجل أن يرفع من قدرنا ويرزقنا تواضعا لأجله الكريم وأن يحسن خاتمتنا جميعا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.