أشعل ملف إعمار ليبيا العلاقات المصرية الأمريكية، وعاد التوتر مرة أخرى ليلقى بظلاله بعد فترة من الدفء شهدتها هذه العلاقات خلال الزيارات المتتالية التى قام بها مسئولون أمريكيون للقاهرة، من بينهم الرئيس الأمريكى السابق، جيمى كارتر، ومساعد وزير الخارجية الأمريكية، وليم بيرتر. وما زاد من التوتر هو عدم حصول مصر على نصيب وافر من كعكة إعادة إعمار ليبيا - بحسب اتفاقيات ودية تم إبرامها بعد سقوط النظام الليبى- حيث لم تجد القاهرة استجابة من القيادة الليبية لمطالبها سواء السياسية أو الاقتصادية أو المشاركة فى إعادة الإعمار بشكل قوى. ولعبت الضغوط الأمريكية، التى مارستها واشنطن على المجلس الوطنى الانتقالى الليبى، الدور الأهم فى إشعال هذا التوتر، خاصة أن مسئولين ليبيين أبلغوا نظراءهم المصريين أن المشكلة تكمن فى الضغوط الأمريكية وليس فى موقف القيادة الليبية الحالية بكل قوة لتدعيم علاقاتها مع مصر. ولم تتوقف التوترات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وواشنطن على الملف الليبى فقط، حيث أبدى المجلس العسكرى غضبًا شديدًا من إصرار واشنطن على رفض أى مرشح عسكرى لانتخابات الرئاسة المصرية، بعدما أبلغت قيادات العسكر عدم وجود أى قبول شعبى أو دولى بوجود رئيس عسكرى فى مصر، وهو ما ضيق الخناق على قيادات الجيش وجعلهم يبحثون عن مرشح توافقى مدنى يحظى بدعمهم وتأييد الإسلاميين فى نفس الوقت. ويرى السفير رضا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، أن علاقات القاهرةوواشنطن تشهد حالة شد وجذب خلال الفترة الأخيرة، ولم تكن هذه العلاقات تتجاوز أزمة منظمات المجتمع المدنى، حتى ساد الضباب هذه العلاقات، وجعلها تدخل فى سياق برود جديد على أثر الخلافات فى الملف الليبى، وتباين المواقف حيال الاستحقاقات السياسية المختلفة. واستشهد بتصريحات الرئيس الأمريكى الأسبق، جيمى كارتر، عن عدم تسليم المجلس الأعلى للسلطة بشكل كامل، وكذلك تأكيد واشنطن على ضرورة وجود رئيس مدنى على رأس السلطة فى مصر، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يحظى بدعم المجلس العسكرى الذى يفضل رئيسًا مدنيًا ولكن بخلفية عسكرية. صحيفة أمريكية: زيارة "المشير" لليبيا رفضاً للتواجد الأمريكى والأجنبى فى المنطقة من جهتها، قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إن زيارة المشير طنطاوى إلى ليبيا، تأتى فى إطار مساعى المجلس العسكرى المصرى إلى تحجيم التواجد العسكرى الأمريكى والغربى فى المنطقة العربية. وقالت الصحيفة إن الزيارة فى هذا التوقيت الحرج، ربما تأتى بعد إعلان الرئيس الأمريكى عن استعداد الإدارة الأمريكية إرسال 12 الف جندى أمريكى موجودين فى مالطا إلى ليبيا، وهو ما يعد رفضا قاطعا لهذا التواجد الأمريكى فى المنطقة، ويعتبر رسالة مهمة من الإدارة المصرية للمجلس الانتقالى الليبى عن رفض مصر أى وجود للقوات الأمريكية والأجنبية فى المنطقة، أيا كان السبب وأيا كان المبرر. ونقلت الصحيفة عن مراسلها فى ليبيا أن المشير طنطاوى، التقى رئيس المجلس الوطنى الانتقالى مصطفى عبد الجليل وأبلغه تأييد مصر للمجلس الوطنى الانتقالى ولجميع مطالب الشعب الليبى، وأعرب المشير عن استعداد بلاده لتقديم جميع المساعدات سواء العسكرية أو الاقتصادية متمثلة فى نقل الخبرات المصرية فى عملية إعادة الإعمار أو الاستعانة بالعمالة المصرية. لكن الرسالة الأهم للمشير فى زيارته، هذه كانت إبلاغ رئيس المجلس الانتقالى عن رفض مصر لأى وجود قوات أمريكية وأطلسية فى الأراضى الليبية وتحديدا الحدود المصرية الليبية. وأشارت الصحيفة إلى أن المستشار مصطفى عبد الجليل قد تفهم الدافع لرفض المشير لأى قواعد عسكرية أمريكية فى ليبيا، قائلا : نحن (أى المجلس) نرفض وجود قوات أمريكية أو أطلسية فى الأراضى الليبية والعربية وأذا كان هناك قوات موجوده سابقا وقوات قد أتت الينا للمساعدة فى ظل الثورات العربية، فأننا الآن قادرون على أن نستغنى عن هذه القوات ونحقق الأمن لبلادنا دون الاستعانة بأى أجنبى.