حينما نشرت "المصريون" الغراء فى 19/11/2011م مقالاً لى بعنوان: (هل من نبلاء يشيدون الجسور؟) تناولنا فيه بعض ملامح الاستقطاب الحادة فى الشأن المصرى العام، حيث أصبح كل طرف يستدعى للطرف الآخر أسوأ ما قد يكون فيه, ليدلل به على توجسه وارتيابه وشكه فيه, وقلنا إن الأوطان لا تُبنى بهذا الشكل, وخاصة فى هذه المرحلة الفارقة والمهمة من تاريخ مصر, بل ومن تاريخ أمتنا, ورأينا أن بعض الفضائيات تؤجج هذا الصراع لأغراض تجارية مقيتة أوحزبية ضيقة أو أيديولوجية متعصبة, وختمنا المقال بهذه العبارة: "هل آن الأوان أن يساهم إعلام نزيه متجرد فى استقرار الأرض بعد اهتزازاتها, وتبقى الخلافات, لكن فى صورتها الصحية لا المرضية, ولكى يتحقق ذلك لابد أيضًا من جهد يُبذل لرأب الصدع, فالجزر المنعزلة وحالة التفكك المجتمعى, بحاجة ماسة إلى وقفة جادة من نُبلاء الوطن فيعقدون جلسات صلح ينتج عنها ميثاق شرف وطنى, نختلف نعم, نتحزب نعم, لكن يجمعنا الوطن, وتجمعنا سفينة إنقاذ واحدة فى اللحظة الراهنة نريد أن نجتاز بها إلى بر الأمان, هذا الدور نرشح له حكماء الوطن الذى لا يبتغون إلا الغايات الكبرى والنبيلة, ولعل مؤسسة الأزهر الشريف وهى محل إجماع وطنى تساهم فى ذلك, فقد فوض ساويرس شيخ الأزهر من قبل فيما يتعلق بشئون الأقباط, كما استقبل فضيلته فى مكتبه رموز الحركات الإسلامية, ووثيقة الأزهر حظت بتوافق وطنى إسلامى وليبرالى ويسارى, فلعل الأزهر أن يقوم بهذه المهمة ويدفع سفينة الوطن للمسير قُدمًا".. ولم أكن أتصور أن تحدث استجابة بهذا الشكل, فقد تم يوم (الأربعاء 11/1/2012) اجتماع فى الأزهر الشريف بحضور شيخ الأزهر ومرشد الإخوان والبابا شنودة ومرشحى الرئاسة وممثلى أهم القوى السياسية, وتم التوافق على وثيقة الأزهر لجمع شمل القوى الوطنية حول أهداف الثورة من حيث التأكيد على الحريات وتسليم السلطة للمدنيين فى أسرع وقت.. واختلطت المشاعر بين الفرحة والأمانى أن يكمل الله مسيرة الخير لثورتنا المباركة لتحقيق أهدافها الشاملة, ولا أستطيع أن أزعم أن ما تم فى الأزهر يوم (11/1/2012) هو استجابة لمقال تفضلت إدارة تحرير المصريون الغراء بنشره, لكن تبقى الفرحة والسعادة لأى كاتب أن يشعر أن ما يكتبه يكون له أحيانًا قدر من الصدى أو الاستجابة, أو على الأقل, أن يكون ما يفكر فيه الواحد منا يفكر فيه آخرون وينفذونه.. لذلك أتوجه بالشكر للأزهر فى ثوبه الجديد بعد ثورة 25 يناير.. فبعد أن أطلق الأزهر فتواه الشهيرة بخصوص حق الشعوب فى الحرية والكرامة, وتحريم الظلم والقهر والاستبداد, وأن ثورة الشعوب على ظالميها هى حق أصيل لها, وهى الفتوى التى وصفها عالم المغرب الكبير الدكتور" أحمد الريسونى" بأنها "فتوى العصر" وذلك فى ضمن حديثه لقناة الجزيرة "برنامج الشريعة والحياة".. والشكر موصول لجريدة "المصريون" على إتاحة الفرصة لنشر الآراء والأفكار المهموم أصحابها بهذا الوطن ومستقبله وخيره.. والشكر أولاً وأخيرًا للقارئ الكريم. [email protected]