ذكرت وكالة "رويترز" أن مصر شهدت خلال الأسابيع الأخيرة إجراءات أمنية غير مسبوقة, تحسبا لحدوث اضطرابات في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011 . وأضافت الوكالة في تقرير لها في 21 يناير أن البعض فسر هذه الإجراءات, بأنها تعكس "رعب" السلطات من ذكرى ثورة يناير, على حد قولها. ونقلت "رويترز"عن نشطاء مصريين قولهم :" إن الحملة الأمنية الحالية تعتبر الأكبر من نوعها, وتعكس القلق الواسع لدى السلطات, أكثر من إخافة المعارضين". وتابعت الوكالة أنه تم خلال الأيام الأخيرة تفتيش عدد كبير من الشقق بالقرب من ميدان التحرير, وذلك بعد إجراءات أخرى شملت اعتقال عدد من النشطاء وإغلاق عدد من المراكز الثقافية, بالإضافة إلى "الفتاوى", التي تعتبر الخروج للتظاهر في ذكرى ثورة يناير, أمرا محرما. وأشارت "رويترز" إلى أن ما يزيد من القلق الرسمي من ذكرى ثورة يناير, التي توافق يوم الاثنين, تدهور الأوضاع الاقتصادية, وتزايد الهجمات الإرهابية, على عكس وعود النظام الحالي في البلاد حول إنعاش الاقتصاد وإعادة الاستقرار. وكانت إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" قالت أيضا إن المؤشرات تظهر أن السلطات المصرية تشعر بقلق بالغ من الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011 , حسب تعبيرها. وأضافت "دويتشه فيله" في تقرير نشرته بموقعها الإلكتروني في 18 يناير, أنه رغم التقارير التي تفيد بوجود نحو 40 ألف معتقل بالسجون, فإن مصر شهدت في الأسابيع الأخيرة حملة اعتقالات واسعة ضد المعارضين, والمدونين, بالإضافة إلى مداهمة مؤسسات ثقافية. وتابعت "وجود غالبية النشطاء بالسجون، من شأنه أن يقلل فرص الحركات المعارضة في الحشد لإحياء الذكرى الخامسة لثورة يناير , ورغم ذلك, تم إلقاء القبض على عدد من أعضاء حركة ( 6 إبريل), ونشطاء آخرين, كإجراء احترازي قبل هذه الذكرى". واستطردت " تم أيضا مداهمة معرض ( تاون هاوس جاليري) , وهو من المؤسسات الفنية والثقافية, بالإضافة إلى مداهمة (دار ميريت) للنشر, وهي دار نشر مستقلة". وأشارت "دويتشه فيله" إلى أن إجراءات إسكات المعارضة وتقييد حرية الصحافة, التي تشهدها مصر حاليا, تعتبر أشد قسوة مما كان يحدث في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأضافت أن الأوضاع في مصر تبدو أكثر "قتامة" في الذكرى الخامسة لثورة يناير, حيث زادت أيضا الهجمات الإرهابية, ما تسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة, وتضرر قطاع السياحة بشكل غير مسبوق, حسب تعبيرها. وكانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية قالت كذلك في وقت سابق إن مصر شهدت حملات موسعة ضد النشطاء ومواقع التواصل الاجتماعي مع اقتراب ذكرى يناير, حسب تعبيرها. وأضافت الوكالة في تقرير لها في 2 يناير أن هذه الحملات شملت أيضا مؤسسات ثقافية بالقرب من ميدان التحرير في وسط القاهرة، مشيرة إلى مداهمة معرض " تاون هاوس جاليري"، الذي يعتبر واحدا من الأماكن الفنية الأكثر شعبية في مصر، بالإضافة إلى مداهمة "دار ميريت" للنشر ، وهي دار نشر مستقلة, يلتقي فيها أحيانا المثقفون, الذين يميلون للفكر اليساري. وتابعت أنه تم أيضا اعتقال أربعة من أعضاء حركة "6 إبريل", بالإضافة إلى اعتقال ثلاثة من أصحاب الصفحات على موقع "فيسبوك", على حد قولها. وفسرت الوكالة الإجراءات السابقة بأنها تعكس القلق البالغ لدى السلطات المصرية, مع اقتراب الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011 . وأشارت إلى أن السلطات المصرية تخشى بشدة مواقع التواصل الاجتماعي, التي لعبت دورا في اندلاع ثورة يناير, خاصة موقعي "فيسبوك وتويتر". وكان أستاذ العلوم السياسية في جامعة "جورج واشنطن" الأمريكية نبيل ميخائيل استبعد في وقت سابق قيام ثورة جديدة على غرار ما حدث في 25 يناير 2011 , مؤكدا أنه لا خشية على النظام الحالي. وأضاف ميخائيل, وهو مصري مقيم في الولاياتالمتحدة, في تصريحات ل"الجزيرة" أن ثورة 2011 على نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك, كانت تقوم على عاملين هما: الالتحام الثوري الجماهيري، ودعم الجيش, وهو ما لا يتوافر حاليا, حسب تعبيره. وفي رده على سؤال حول احتمال قلق النظام الحالي مع اقتراب ذكرى ثورة يناير, ودعوة البعض للنزول للميادين, أجاب ميخائيل "من الطبيعي أن يقلق الرئيس بسبب حجم المسئوليات الملقاة على عاتقه، حيث إن مصر بلا بترول والسياحة تعرضت لأضرار والثروات الطبيعية قليلة، بينما يتوجب إطعام ثلاث وجبات لتسعين مليون مواطن", على حد قوله. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قال إنه مستعد للتخلي فورا عن السلطة إذا كانت تلك رغبة كل المصريين. وأضاف السيسي في خطاب له في 23 ديسمبر بمناسبة احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوي الشريف، أن الكرامة الوطنية والأخلاقية والإنسانية لا تسمح له أن يبقى "ثانية واحدة ضد إرادة الشعب"، ولكنه في الوقت نفسه اشترط للتخلي عن السلطة أن يطالب بذلك الشعب المصري كله. وأكد الرئيس المصري أنه وصل إلى الحكم "بإرادة الشعب واختياره ولم يأت بالقوة"، وأضاف "باسمع دعوات بعمل ثورة جديدة. ليه؟ انت عايز تضيعها (مصر) ليه؟ أنا جيت بإرادتكم وباختياركم مش غصب عنكم أبدا". وأضاف "انظروا حولكم إلى دول قريبة منا لا أحب أن أذكر اسمها، إنها تعاني منذ ثلاثين عاما ولا تستطيع أن ترجع. والدول التي تدمر لا تعود". وحسب "رويترز", انطلقت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة تطالب بالنزول إلى الميادين احتجاجا على الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، تزامنا مع ذكرى ثورة 25 يناير.