جرائم عديدة ارتكبها النظام السابق، ومنها ما يحاكم عليه، ومنها ما لم يستطع أحد تقديم أدلة الإدانة لمحاكمة النظام السابق على ما ارتكبوه من جرائم فى حق الشعب المصرى، ولكن توجد جريمة واحدة مكتملة الأركان، ولكن لا أحد من رجال السياسية أو شباب الثورة التفت إليها أو فكر فى محاكمة النظام السابق عليها رغم أنها جريمة قتل للشعب المصرى مع سبق الإصرار والترصد والتخطيط لاستمرار الجريمة فى حصد الأرواح! وتلك هى الجريمة "الغائبة" حيث قام النظام السابق بإصابة الشعب المصرى بأمراض الكبد على مدار عقود من خلال رش المحاصيل الزراعية بالمبيدات المسرطنة، والإصرار على تلوث المياه حتى وصلت نسبة الإصابة بأمراض الكبد إلى 45 فى المائة، مما نشر الحزن فى كل بيت، وأفقد كل أسرة عائلها أو ولدها بعد ظهور ملامح هذا المرض الخطير بسنوات قليلة أو شهور. أمراض الكبد التى ترى أعراضها على وجوه نصف الشعب المصرى تقريبًا المسئول الأول عنها هو النظام السابق ومهندس الجريمة الدكتور يوسف والى، ولكن لا أحد يحاكمهم على تلك الجريمة البشعة المكتملة الأركان، والتى تعنى التخطيط المتعمد لقتل شعب وملايين الشهداء سنويًا، وللأسف لا أحد يتحرك من رجال السياسة للمطالبة بمحاكمة رجال النظام السابق عن أبشع جريمة عرفتها البشرية. والغريب أنه تم سجن من كشف هذه الجريمة مكتملة الأركان فى مطلع التسعينيات من الزملاء الصحفيين، بل استيقظت الجريمة مع الأسابيع الأولى للثورة ثم نامت ولا أعلم لماذا، وهل السبب أن "الجارة العدوة" هى من صدرت لنا مبيدات القتل المتعمد وذلك تحت رعاية يوسف والى - انتقم الله منه -، أم أن شباب الثورة يرون فيها جريمة تافهة لا يجب فتح ملفها لأنها لا تتعلق بما حدث منذ 25 يناير. الجريمة الغائبة هى أولى الجرائم التى يجب محاكمة رجال النظام السابق عليها لأنها جريمة لقتل الملايين وليس المئات أو العشرات، جريمة تحصد الأرواح يوميًا، لكن لا يتم محاكمة أحد عليها، ولا يتم محاسبة أى مسئول على دوره فى أبشع جريمة عرفتها البشرية، وهى جريمة أمراض شعب وقتل أبنائه يوميًا. أدرك أننى أعزف خارج السرب .. وأن أحدًا لن يهتم بهذه الجريمة لكنى أخاطب أصحاب الضمائر اليقظة .. ومن يعملون لله ويبتغون الآخرة وليس المناصب والكراسى أن يتحركوا لمحاكمة المسئولين عن الجريمة الغائبة. ولكن الأهم فى رأيى المتواضع هو أن يتبنى التيار الإسلامى المحبوب من الشعب المصرى حملات ضخمة لجمع التبرعات والزكاة والصدقات لبناء معاهد كبد فى كل محافظة وتوفير أحدث الأجهزة للكشف المبكر عن المرض وعلاج المصريين منه، وأن تكون سلسلة المعاهد هذه تحت رعاية هيئة طبية مستقلة ومتطوعة تعمل على صيانة هذه المعاهد أو المراكز وتوفير أحدث الأجهزة بها، وأمهر الأطباء لها. يجب أن يتحرك كل صاحب قلب رحيم .. ومن يبتغى وجه الله من أجل إنقاذ الملايين من هذا المرض القاتل الذى ينتشر بين أهلنا فى ريف مصر وصعيدها بل ومدنها، يجب التحرك لإيقاف جريمة القتل اليومية هذه بالتبرع بالمال والجهد طالما أن بلاء الكبد دخل كل بيت. الجريمة الغائبة التى لم يحاكم يوسف والى وشركاه عليها يجب أن يتدخل كل صاحب قلب لإيقافها ومنعها ببناء معاهد كبد على أحدث طراز عالمى، أم أننا نحتاج إلى تحرك سيدة مصر الأولى لجمع التبرعات! أعتقد أن من يبتغون وجه الله كثيرين، وأننا لسنا فى حاجة إلى أموال رجال الأعمال الذين كانوا يتبرعون لنيل رضاء سيدة مصر الأولى!!