... تذكرت مقولة الأديب السورى محمد الماغوط وأنا أقرأ عن عدد قتلى الثورة السورية: "الوحدة الحقيقية القائمة بين العرب هى وحدة الألم والدموع" وتساءلت لماذا إذن يعتبر بعض القوميين الأذكياء أن الوحدة الحقيقية بين العرب هى الانتصار لبشار الأسد والانقضاض على أحرار الشام وشتمهم. وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم وإذا قتل فضلاء الشام فلا حياة لكم, وإذا اعتقلت نساء الشام فلا حياء لكم, وطوبى للشام طوبى للشام طوبى للشام...ومن لم يهتم بأمر الشام, فإنه يستطيع أن ينام.. بل بإمكانه أن يظل يرغى ويزبد ويتجشأ ويتمطع ويرفع البرقع ويكتب لنا أن تعاليم العروبة توجب شتيمة الثوار والانتصار للمجرم بشار, وفكرت أن أنقل لكم تقرير جريدة الجارديان البريطانية مجردا ودون تعليق, ليعلم القوميون العروبيون المتخلفون عقليا منهم والساكتون والمرتشون من إيران علانية وجهرا, أن فى سوريا أكثر من ستة آلاف وثلاثمائة قتيل وأن أربعمائة منهم على الأقل من الأطفال وأن أكثر من ستمائة منهم قتلوا تحت التعذيب يعنى قتلوا صبرا كما تقول العرب يا أفاكى العرب ومهرجيها. ويقول التقرير الذى أكد لى صحته ثوار سوريون :إن عدد المعتقلين على أيدى ميليشيات وجيش النظام البعثى بلغ تسعة وستين ألفًا على أقل تقدير، منذ مارس الماضى. هذا يجرى يا من تتحدثون عن الغيرة فى بلد يحتضن سيف خالد بن الوليد وجسد صلاح الدين, ورائحة العز بن عبد السلام. لا يمكن أن تكون قوميًا عربيًا وتسكت عن قتل آلاف السوريين, ولا يمكن أن تدافع عن بشار بدعوى أن جيشه يقف بالمرصاد لإسرائيل, فلو كنت لا تعرف أنه لا فرق مطلقا بين بشار الأسد ونتنياهو فإنك غافل مغفل أو أنت قابض بالشمال لتكتب باليمين. ومشكلة سوريا اليوم مختلفة عما حدث فى مصر وغيرها, فالسوريون عزل أمام جيش دموى وشبيحة مجرمين, وبالمشهد جامعة عربية لا حول لها ولا قوة ولا قرار غير إرسال بعثة مراقبة, بينما كل جهات المراقبة الدولية تقول إنه لا يمكن السكوت أمام إبادة شعب درعا وبانياس. أقول إن نصرة الشعب السورى واجب على كل عربى غيور قبل أن يتدخل الغرب المنتظر أى مصيبة ليشبعنا فيها لطما وتقتيلا.. يجب أن يكون الأمر بيدنا لا بيد أوباما. اعذرونى إذا تكلمت كثيرا عن دمشق فلها فى ذاكرتى وذاكرة كل من أحب الأدب العربى أنسجة وأوردة وشرايين وأكباد موجوعة, وحتى ألقاكم غدا هذه قطعة موسيقية قد تقرب لكم ما معنى دمشق بأصابع نزار قبانى: "هذى دمشق .. وهذى الكأس والراحُ/ إنى أحب .. وبعض الحب ذباحُ/ مآذن الشام تبكى إذ تعانقنى وللمآذن كالأشجارأرواحُ/ هناجذورى, هنا قلبي, هنا لغتى.. فكيف أُوضح؟ هل فى العشق إيضاحُ؟/ما للعروبة تبدو مثل أرملة..أليس فى كتب التاريخ, أفراحُ؟/ يا رب مصر والشام يا رب. محمد موافى [email protected]