هطل الدمع، وانكسر القلب، وبح الصوت, أمام مشهد يتصدره أب يبكي قلبه دماء علي طفلته التي لم تبلغ من العمر خمس سنوات, وهو يحتضن جثتها, وكل ما يمتلكه هو الصراخ والحسرة. «رهف», بطلتنا اليوم, وغيرها من مئات الأطفال الذين حفرت أسمائهم بالدماء, صاروا أبطالا دون أن يعي أحد منهم معني البطولة, مثل «محمد الدرة, وإيلان». تماما كما تفعل كل مساء, الأم "نور حسان"، الحامل في شهرها الخامس إلى النوم، خلدت برفقة طفلتها "رهف" ابنة العامين للنوم, ولم تدرك أن هذه الليلة ستكون الأخيرة لها ولصغيرتها. ففي تمام "الثانية" فجراً تقريباً، عندما استيقظ الأب حسان (35 عاماً)، فزعاً على أصوات انفجارات ناجمة عن قصف شنته طائرات حربية إسرائيلية، على أرض ملاصقة لمنزل شقيقه في إحدي ضواحي حي الزيتون جنوبي شرق مدينة غزة, أحال أجزاءً كبيرة منه، إلى أكوام من الدمار. وأودى القصف الإسرائيلي الأم وصغيرتها, فيما أصيب آخرون، في مشهد يصفه صبري حسان شقيق زوج القتيلة (سلفها) ب"المأساة الإنسانية". قال حسان، لحظة خروجه من بيته مسرعاً إلى منزل شقيقه القريب، "ما إن وصلنا حتى صدمنا بمشهد الركام والنيران".وأخذ يصرخ بصوت مخنوق: "قصفوا الدار (المنزل)، هاتوا (أحضروا) الإسعاف". ويبدو أن قوة تأثير الغارة الإسرائيلية، على منزل "حسان" البسيط المتواضع، كانت السبب في ذلك المشهد الذي لم يتوقعه الفلسطينيون هذه الليلة، فقد انهار بشكل كامل، ودفن تحت أنقاضه أسرة مكونة من 4 أفراد، وتطايرت أحجاره لمسافات بعيدة. ولم يتبق من المنزل الذي تحول لمجرد كومة من الركام والحجارة، غير دمى ممزقة، وملابس، وأثاث محطم ومحترق. ويضيف: "البيت كان مكوناً من طابق واحد فقط، والآن لم يتبق منه غير الملابس الممزقة والأثاث المحروق والمحطم ودمى الأطفال", القصف الشديد أدى لحفر حفرة تحت البيت يزيد عمقها على السبعة أمتار. ويتابع بنبرة حزينة، بينما كان يتواجد في ثلاجة الموتى في مجمع الشفاء الطبي، إلى جانب جثتي طفلة شقيقه ووالدتها: "ألعاب وملابس وذكريات دفنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي تحت ركام المنزل، كان هنا يعيش أطفال لم يأخذوا حقهم في الحياة ,ولا أظنها كانت تحلم إلا بدمية جديدة". شاهد الصور..