رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ل «المصريون»: مسار دراسات سد النهضة «عبثي».. ولا توجد مفاوضات حقيقية إثيوبيا أغرفت المفاوض المصري في التفاصيل.. وأدخلته في متاهات التدخل السياسي أصبح ضروريًا لحل أزمة «سد النهضة».. ولا أنصح بالتدخل العسكري تصريحات «مغازي» لا علاقة لها بالواقع.. وكأنه وزير للري في بلد آخر
حوار- مروة رسلان
أكد الدكتور هانى رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن إثيوبيا خدعت مصر فى مفوضات سد النهضة، ولذلك يجب على مصر تقديم شكوى لمجلس الأمن لحفظ حقوقنا فى نهر النيل، مضيفًا أن مسار دراسات سد النهضة الحالى "عبثي"، ولا توجد مفاوضات حقيقية. وقال رسلان، فى حواره ل"المصريون"، إن إثيوبيا أغرفت المفاوض المصرى فى التفاصيل وأدخلته فى متاهات، وإن التدخل السياسى أصبح ضروريا لحل أزمة "سد النهضة" فالتدخل العسكرى لا يصلح لهذه المرحلة.
وإلى نص الحوار..
**كيف ترى المشهد الحالى بين مصر وإثيوبيا بخصوص سد النهضة.. خاصة مع تعنت الجانب الإثيوبي؟ الجميع يعلم أن تعنت الجانب الإثيوبى واضح منذ البداية، فالاستراتجية الخاصة بهم ثابتة ولم تتغير، وهى السعى بكل قوه لكسب الوقت وتأخير بدء الدراسات، وفى حالة الاضطرار يتم إسنادها للمكتب الاستشارى الفرنسي، والذى لديه أعمال كثيرة فى إثيوبيا، وتربطه بأديس أبابا علاقات وثيقة، لكن الإدارة الإثيوبية للمفاوضات نجحت فى نهاية المطاف فى الوصول للموقف الحالى الذى هو فى الحقيقة جزء كبير منه تعنت إثيوبى وجزء سوء إدارة للملف لدينا، والدليل أن تصريحات وزير الرى طوال الوقت لا علاقة لها بالواقع وكأنه ليس وزيرا للرى فى مصر ولكن فى مكان آخر.
**فى إثيوبيا مثلا؟ ممكن. ** معنى هذا أن الدكتور حسام مغازى لم يدر هذا الملف جيدًا؟ للأسف الشديد، المسار الذى تسير فيه المفاوضات لن يؤدى إلى أى نتيجة، وهناك "خيبة" فى إدارة هذا المسار، لكن فى الأساس لن نصل به لأى نتيجة، لأن الإستراتيجية الإثيوبية واضحة، فهى تراوغ وتضيع الوقت حتى تستطيع إتمام بناء السد، وهذا واضح منذ اليوم الأول، منذ أن تم وضع حجر الأساس للسد دون أن تكون هناك دراسات، ومنذ تم الإعلان عن اللجنة الثلاثية الدولية الأولى مع وضع بند يجعل نتائجها غير ملزمة.
**إثيوبيا لم تقدم الدراسات للجنة الثلاثية الحالية؟ كان من المفترض أن يتم تقديم الدراسات من المكاتب الاستشارية الحالية، والتى تم إسناد العمل لها، وهذه المرحلة لم يتم انجازها بنجاح فقد كان من المفترض أن تنتهى الدراسات فى مدة محددة لا تتجاوز الستة أشهر، والآن وبعد مضى أكثر من عام لم يتم إسناد الدراسات أصلا، وهذا معناه أن المسار نفسه عقيم وعبثى. ** هل توقيع الرئيس السيسى اتفاقية أديس أبابا أهدرت حقوقنا المائية التاريخية ؟ يجب أن تعلمي.. إن إعلان المبادئ كان فيه مجموعه من المبادئ لحل الخلافات، والتى أبدى السيسى فيها قدرًا من المرونة، واعتمد على مبدأ الاستخدام المنصف والعادل، ولم يتحدث عن هواجس مصر المتمثلة فى السعه التخزينية للسد وحجمه المبالغ فيه، كما أنه لم يتحدث أيضًا عن إيقاف البناء فى السد وبالتالى كان محاوله منه لبناء جسور الثقة وللتعاون والتنمية، والدليل أن الرئيس السيسى قال فى كلمته الرسمية بعد توقيع الاتفاقية بالخرطوم، إن الأكثر أهمية من توقيع الاتفاقيات هو وجود إرادة سياسية والتفاوض بحسن نية، والآن ثبت أنه لا يوجد إرادة سياسية ولا حسن نية لدى إثيوبيا. **كيف ترى حل الأزمة دون الاضطرار إلى تدخل عسكرى؟ نحن فى حاجة لمبادرة سياسية جديدة من الرئيس بقمة ثلاثية جديدة يطلب فيها تفويض المسار الحالي، والدخول إلى تفاوض سياسى مباشر حول مخاطر سد النهضة وفى حاله عدم تفاعل الجانب الإثيوبى أو قبوله لهذه المبادرة، وفشل جهودها السلمية للوصول إلى حل، على مصر أن تتجه إلى تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولى تثبت فيها كل الأسانيد السياسية والقانونية وتعلن تضررها الشديد من الموقف الإثيوبي.
** وهل هذا يفيد؟ نحن أمام أمر واقع.. إثيوبيا أكملت 55% من بناء السد الحالي، والمسار الحالى لا يعالج الموقف بل يعنى موافقة ضمنية على ما تفعله إثيوبيا، لكن لجوؤها لمجلس الأمن يضمن لمصر حقها فى الرد على ما تفعله إثيوبيا فى الوقت المناسب وبالطريقة التى تراها صحيحة، وليس بالضرورة أن يكون ثوريا لأن الظروف الحالية لا تسمح بذلك. **وماذا عن التدخل العسكري؟ لا انصح به. **عبد الناصر والسادات لم يكن لديهما استعداد للتفاهم بشأن حقوق المصريين فى نهر النيل، ومبارك كان يدرس بالفعل اللجوء للخيار العسكرى فئ 2010 ضد إثيوبيا حين هددت ببناء السد.. فكيف ترى موقف القيادة السياسية الحالية هل تعاملت مع الملف على قدر من المسئولية ؟ لا نستطيع أن ننكر أن كل ما مرت به مصر منذ ثورة يناير حتى الآن غير من موقفنا الدولي، فنحن لدينا الكثير من المشاكل الداخلية، كما أن الإقليم نفسه به اضطرابات هائلة لم تكن موجودة فى عهود سابقة، لهذا قام الرئيس السيسى بمحاولة بناء جسور الثقة وإيجاد حلول وسطية، لكن الطرف الإثيوبى يتعنت بشكل كبير، وبالتالى نحن فى حاجة لمبادرة سياسية. ** إثيوبيا تعتبر أن النيل الأزرق نهرًا إثيوبيًا لنا فيه مجرد حصة وليس نهرًا دوليًا مشتركًا؟ هذا موقف قديم ويوجد مذكره بذلك منذ عام 57 تحمل نفس المعني، لكن إثيوبيا وقتها لم تكن تمتلك القوة أو التقنية الفنية المناسبة للسدود، أم الآن يوجد لديها تقنية بناء السدود، ففى الماضى لم تكن تستطيع بناء سد فى هذا الهضبة المنحدرة بهذا الشكل أم الآن أصبح ممكنا.
** هذا إذا لم يتعرض للانهيار خاصة أنه سد أسمنتى بالكامل وليس سدًا ركاميًا مثل السد العالى؟ هذا موضوع آخر.
**كيف ترى زيارة الرئيس لسنغافورة لدراسة تحليه مياه البحر؟ هذا ليس حلاً.. لأن تحلية المياه تكلفتها مرتفعة وتصلح فقط لتلبية احتياجات البلدية فى المدن الساحلية لكننا لا نستطيع تحلية مياه للزراعة . **هذا يعنى أن الرئيس فقد الأمل فى الوصول لحل مع الجانب الإثيوبي؟ هذا يعرفه الرئيس وحده. ** هل هى خطة ممنهجة من قبل إسرائيل لتعطيش الأراضى المصرية؟ بالطبع.. هذا السد أهدافه سياسية وليست أهداف تنموية لإثيوبيا لأن الأهداف التنموية محدودة للغاية. ** بعض الخبراء أكدوا أن حصة مصر لن تتأثر بسبب سد النهضة لأن غرضه توليد الكهرباء فقط؟ هذا غير حقيقي.. ونوع من أنواع التهريج.
** وماذا عن مشروع نهر الكونغو؟ مشروع وهمى غير قابل للتنفيذ ووزارة الرى رفضت المشروع رفضًا كاملاً.
**متى سيظهر تأثير سد النهضة على مصر؟ لن يظهر التأثير الآن.. بل سيظهر فى وقت لاحق لأن مصر لديها مخزون فى السد العالى وبحيرة ناصر، يمكن أن تستخدمه تسحب منه ولذلك لن نلاحظ تأثير سد النهضة فى الفترة القريبة، ستظهر عند حدوث دورات فيضان منخفضة، وهذه الدورات تحدث كل 100 عام، لذلك عندما يمتلئ سد النهضة سنجد نقص فى إيراد المياه، ومن هنا سيبدأ شح المياه الشديد.
** كما حدث فى السودان؟ هذا صحيح.. فهذا العام حدث فيضان منخفض جدا تعانى منه السودان، أما مصر لم تتأثر به لأنها تعوض النقص من بحيرة ناصر، أما فى المرات القادمة لن يكون لدينا مخزون فى بحيرة ناصر، وكهرباء السد العالى ستكون منخفضة، ومن هنا ستظهر أثار كبيرة فى الأراضى الزراعية وخاصة على أراضى الدلتا. **مصر تتعرض لمجاعة قريبًا؟ لا أعلم.. لأن دورات الفيضان المنخفض ليس لها مواعيد محددة. **هل سيأتى الوقت الذى سنقوم باستيراد المياه من إثيوبيا؟ هذا احتمال وارد.. ولكن الاستيراد سيكون من المنابع الجنوبية، لأن إيراد النيل الأزرق هو 48 مليار متر مكعب تشترك فيه السودان ومصر وإثيوبيا، لذلك لن يكون هناك فائض لتصديره . ** وماذا عن المياه الجوفية؟ لا نستطيع الاعتماد عليها لأن مصر تعتمد على النيل بنسبة 95%.