كل المؤشرات والأخبار القادمة من إثيوبيا والتعامل المتراخى من جانب النظام المصرى، تشير إلى أن بناء سد النهضة أصبح أمرًا واقعيًّا، وأن إثيوبيا لن تتراجع عنه، خصوصًا أن هناك من الواضح دعمًا لها من دول فى المنطقة وخارجها، هانى رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أنه حتى الآن لا تزال هناك فرصة أمام مصر لتعطيل بناء سد النهضة، خلال حزمة من التحركات المتكاملة، لكن الأمر يحتاج إلى «إرادة سياسية من الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين باعتبار أنهم مَن فى الحكم حاليًا»، وأشار رسلان إلى أنه من الواضح من تصريحات جماعة الإخوان أنهم لا يرغبون فى خوض مواجهة مع إثيوبيا أو القيام بأى تحركات جادة «لأنهم منشغلون فى تأكيد سلطتهم فى الداخل، وهى غير مستقرة حتى الآن»، حسب رسلان، لافتًا إلى أن دخول الإخوان فى مواجهة مع إثيوبيا سيؤثّر سلبًا على مسألة التمكين التى تعمل عليها جماعة الإخوان، ويبقى وفقًا لرسلان أن الرئيس وجماعته يتحملان مسار ونتائج هذه الأزمة، مشددًا على أن العنجهية والغطرسة التى تتحدث بها إثيوبيا حاليًا، لأنها ترى أن حاكم مصر رجل ضعيف لا يستطيع اتخاذ قرار فى مسألة مصيرية تتعلق بالأمن المائى. رسلان شدد على أنه فى حالة استمرار نفس السياسة الحالية مع الأزمة سيتم الانتهاء من بناء السد وستتأثر مصر به كما يؤكد الفنيّون وستكون له انعكاسات سياسية خطيرة على الموقف المصرى وستصبح مسألة وصول المياه إلى مصر ورقة ضغط إثيوبية على مصر، وسترسخ قاعدة تقول إنه لا يهم ضرر الغير، وبناء السدود دون اتفاق مع دول المصب، وسيفتح المجال أمام إثيوبيا لاستكمال مشروعها الكبير فى بناء السدود الثلاثة الأخرى المقرر بناؤها على النيل الأزرق.
لكن مع أسوأ الفروض وهو الأقرب إلى الواقع فى الحقيقة فهل هناك بديل عن مياه النيل خصوصًا أن هناك مجموعة من الخبراء طرحوا تجديد مشروع قناة جونجلى، وهو الفكرة القديمة التى كانت قائمة على استخدام مياه النهر الأبيض وروافده حيث تضيع كميات كبيرة من المياه فى منطقة السدود الاستوائية، وهى سدود من النباتات والأحراش تسيح فيها المياه وتنتشر على مساحة كبيرة فتتبخر النسبة الكبيرة منها إلى السماء، ويذهب بعضها إلى باطن الأرض.
بدوره أكد الدكتور نادر نور الدين خبير المياه وأستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، ضرورة منع بناء سد النهضة، وأن لا تقبل مصر بسياسة فرض الأمر الواقع، لافتًا إلى أن حجم تأثر مصر من هذا السد كما رصدته دراسات شارك فيها خبراء مياه وسدود يشير إلى أن هناك تأثيرًا يقدر من 15 إلى 25 مليار متر مكعب خلال 8 سنوات، وأن هذا السد قابل للانهيار خلال 25 سنة، ولفت نور الدين إلى أن بناء هذا السد سيؤثر على 40% من كهرباء السد العالى، وأشار نور الدين إلى أنه لا يوجد بديل لنا فى مصر سوى نهر النيل «وحتى مصادر المياه الأخرى معظمها يكون مصدرها هى مياه النيل كمياه الصرف الزراعى ومياه الصرف الصحى والمياه الجوفية فى الدلتا»، وقال نور الدين إن الحل الوحيد هو أن يتم التفاوض حاليا على بناء سدّين صغيرين تكون سعتهما ما بين 12 إلى 15 مليار متر مكعب من المياه، ويكون بشراكة مصر والسودان، وأن هذين السدين سيوفران نفس كمية الكهرباء التى سيوفّرها سد النهضة.
وأشار نور الدين إلى أن إثيوبيا لا تسعى إلى الخيارات الدبلوماسية، وإن هدفها هو إذلال مصر وتركيعها لتصبح هى مركز التنمية بشرق إفريقيا، كما أنها ترغب فى احتلال موقع مصر لتكون لها القيادة فى القارة الإفريقية، مضيفًا أن نهر النيل سيتحول إلى ترعة صغيرة وستحصل مصر على حصتها من المياه بشكل يومى نتيجة العجز المائى.