حزب النور الذي أرغى و أزبد كثيرا في عهد مرسي ، و أظهر له العين الحمراء في وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية ، وأنه قائم عليها ، أصبح لا يخجل من وصف نفسه بأنه حزب سياسي ، لن يزايد الشعب في إسلامهم ، مع أننا نتذكر جيدا وصايتهم على الشعب ، و على سخريتهم من منهج الاخوان الذي طالما وصفوه بأنه منهج غير شرعي ، فإذ بهم لا يرون غضاضة في أن ينتزعوا عن أجسادهم ثيابهم الإسلامية ، و يستعرضوا ليبراليتهم العارية حتى من ورقة التوت ، لعل و عسى أن تستجلب أفعالهم رضا أولي الأمر منهم . فصور المرشحات على دعاية الانتخابات البرلمانية القادمة أضحت أمرا مقبولا ،و قد كان يستعاض عنها سابقا بصور أزواجهن في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة يناير ، قاصدين بفعلتهم أن يضفوا إرثا من التخلف و الرجعية على حكم الإسلاميين على وجه العموم ، و كم من أفعال قام بها منتمون اليهم ، نسبت زورا و بهتانا إلى جماعة الإخوان المسلمين ، في ترحيب خفي ماكر و غير معلن منهم بضيق الشعب من تصرفات الإسلاميين، التي كانوا أبطالها بدون منازع . .
و تسعفنا ذاكرتنا كفاية ، أن نستعيد مواقف حزب النور المتشددة في عدم تهنئة الأقباط في اعيادهم، أو إدراجهم على قوائمهم الانتخابية ، و كيف هاج و ماج المصريون البسطاء و هم يرون مصر تقسم بأياديهم العابثة إلى إسلاميين و ليبراليين ومسيحيين ، ثم عاد حزب النور نفسه و وضع على قوائمه أسماء تدين بالديانة المسيحية ، بدون أن يروا في ذلك تناقضا لمواقف متشددة اتخذوها سابقا ، لم يكلفوا حتى أنفسهم تبيان أسبابها للشعب المصري ، و هل كان في سبيل إرضاء راغبي المتعة الحرام ، أم كان دورا مرسوما للحشد النفسي ضد الإخوان ؟
حتى فضيحة مدرب الكاراتيه ، أوجد لها نادر بكار جذورا في حكم الإخوان ، و كأن الاخوان قد قصروا في أداء واجب حراسة زوجات القضاة في الأماكن الترفيهية و الملاعب التي يقصدونها ، و ان فعلوا ، لاتهموا أنهم وهابيون يريدون ليستجلبوا جماعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلى مصر ، و التي أوجدت لها كيانا على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي بالفعل ، بعد أن يأسوا من أن ينجر الإخوان إلى مخططاتهم الاستربتيزية .
و قد بدأ الهلع ينتشر بين جموع الشعب ، في ظل ترحاب و تأييد منهم ، مستغلين جهل المصريين البسطاء في التفرقة بين من هو سلفي و اخواني ، فكلهم اسلاميون من وجهة نظرهم ، لذا كان عدم احترام العلم و النشيد الوطني ، فجاَّ غير خجول أمام وسائل الإعلام المرئية ، حين عزف السلام الوطني في برلمان 2012 ، وامتنع أعضاء من حزب النور عن الوقوف، لم لا و قد أريد لصورة الاسلاميين ألا تحيد كثيرا عما قدمه الممثل عادل إمام في أفلامه ؛ شهوانيين ، جهلة ، لا يرون غضاضة في استخدام الدين لخدمة أغراضهم الدنيوية الدنيئة طالما أنها ستوصلهم إلى أهدافهم العليا في التحكم في مصائر و رقاب الشعب المصري ، على حين أن رئيسهم يونس مخيون وقف" كالألف الشامخة " في أثناء عزف النشيد الوطني في حفل افتتاح قناة السويس ، ليس هذا فحسب ، بل أكد عضو الهيئة العليا للحزب ، أن أعضاء الحزب سيقفون احتراما للسلام الوطني، في البرلمان المقبل، على خلاف ما حدث سابقا .
كما شهد عهد حكم الرئيس مرسي ، العديد من المفارقات الغريبة المقدمة منهم ، منها ما حدث تحت قبة البرلمان ، كإلغاء اللغة الإنجليزية ، قابلها سفر نادر بكار إلى أمريكا للحصل على منحة هارفارد ، و منها ما أخذ في تشددها صولات و جولات كما حدث في المادة 219 عند إعداد مسودة دستور 2012 ، و التي ما لبث الحزب أن تنازل عنها سريعا مضحيا بها قربانا على أول مذبح للسلطة .
و يواجه حزب النور الآن معضلة في هويته بعد أن خلع الرداء الإسلامي ، فهو مازال عاريا ، يقدم نفسه أنه البديل الاسلامي الوحيد للإخوان المسلمين لمن يريد حكما إسلاميا ، في ذات التوقيت الذي يقدم فيه نفسه أنه حزب غير إسلامي ، تتركز أهدافه في محاربة الفساد و تحقيق الصالح العام .
و قراءة المعطيات الحالية، تنبئ بأن حزب النور سينجح في الانتخابات البرلمانية القادمة بنسب محددة سلفا ، نظير ما قدمه من خدمات ، و لكن يظل وجوده مرهونا بعلاقة طردية مع درجة السمع و الطاعة لأعضائه ، فأوراق حَلُّه باعتباره حزبا دينيا ، جاهزة أن تغادر الأدراج إلى أروقة القضاء ، على اعتبار أن الدستور قد حظر إنشاء الأحزاب على أسس دينية .
و لأن الفكرة تؤرقهم ، فقد تراجعوا عن توصيف أنفسهم بأنهم حزب قائم على الشريعة الاسلامية ، إلى حزب ذو مرجعية إسلامية ، مجسدين في سخرية المثل الشعبي العبقري :
" رقصت على السلالم ، لا إلى تحت شافها ولا إلى فوق سمعها "