رغم أن الأسد مازال يصر على مناورات كسب الوقت ، إلا أنه صدرت تصريحات سعودية قوية جدا من شأنها أن تجبر داعميه سواء في الداخل أو الخارج على إعادة حساباتهم . ففي 10 ديسمبر ، دعا رئيس الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز الحكومة السورية للتعاون مع جامعة الدول العربية لمعالجة الأزمة المستعرة في البلاد منذ مارس الماضي، قائلا :" لا نريد ليبيا أخرى في سوريا". وحذر الأمير مقرن، وهو أخ غير شقيق للملك السعودي، من إضاعة الفرص وعدم التعاون مع الجهود العربية التي لا تستهدف التدخل في الشئون الداخلية لسورية أو التعدي على سيادتها الوطنية بقدر حرصها على حماية أبناء الشعب السوري من القتل. ونقلت صحيفة "الوطن" السعودية عن الأمير مقرن قوله أيضا :"نحن لا نريد التدويل ولا نريد أن تدفعنا دمشق إليه لأنه سيأخذ الأمور إلى منحنى آخر ولن تبقى تحت سيطرة أو اختيار دمشق". وأوضح أن التدويل ستكون له تبعات قد تعني التدخل العسكري وتكرار التجربة الليبية، فيما يمكن الاستفادة من التجارب التي نجحت فيها الوساطة لإخراج بعض الدول من حالة الفوضى واحتمالات الانقسام والدخول في حرب أهلية، وذلك في إشارة إلى نجاح الجهد الخليجي في دفع أطراف الصراع في اليمن لتوقيع المبادرة الخليجية وآلياتها في الرياض والتي كفلت انتقال السلطة. ولم يقف الأمر عند تصريحات الأمير مقرن بن عبد العزيز والتي جاءت عشية اجتماع لجنة المبادرة العربية الخاصة بالأزمة السورية بالدوحة ، وإنما أعلن الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية السابق أيضا في 9 ديسمبر أن الدول العربية لن تسمح باستمرار 'المذبحة' التي يتعرض لها الشعب السوري، مضيفا أن من غير المرجح أن يتنحى الرئيس بشار الأسد عن السلطة طواعية. وقال الأمير تركي الذي ينظر إليه على أنه صاحب نفوذ رغم عدم توليه حاليا أي منصب عام خلال مؤتمر في فيينا في 9 ديسمبر إن الجامعة العربية لن تقف مكتوفة الأيدي وتسمح باستمرار المذبحة ضد الشعب السوري. وأضاف أنه تم فرض عقوبات وأن إجراءات إضافية ستتخذ في المستقبل القريب ، مشيرا إلى أن الرئيس اليمني وقع في النهاية على الاتفاق رغم التأجيل ومحاولة التعطيل لكسب الوقت. واللافت للانتباه أن التصريحات السابقة جاءت متزامنة مع فتوى أصدرها رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي وأكد خلالها أنه من حق السوريين الطلب من دول اجنبية وبدعم من الأممالمتحدة التدخل في بلادهم في حال فشل الدول العربية في وقف حمام الدم. وبالنظر إلى أن القرضاوي كان ممن دعموا التدخل الأجنبي في ليبيا، ودعا في رسالة وجهها عبر قناة "الجزيرة" الجيش الليبي للتحرك وقتل العقيد السابق معمر القذافي، فإن كثيرون يرجحون أن مناورات الأسد وتعويله على دعم روسيا وإيران لن تجدى نفعا . ولعل التصريحات التي أطلقها الأمير مقرن تؤكد أن صبر السعودية والعرب نفد بالفعل ، وأنه لن يتم انتظار تطور الأمور إلى تدخل أجنبي ، الأمر الذي يرجح ما ذهب إليه كثيرون حول احتمال تدخل عسكري تركي بدعم عربي لإنقاذ المدنيين السوريين ، أو اللجوء للخيار الآخر وهو دعم انقلاب عسكري من الداخل ضد نظام الأسد .