سطور هذا المقال لن أتوجه بها فقط الى عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون أو المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء ولكننى سوف أوجهها أيضاً إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى , لأن لها تداعيات إقتصادية وإجتماعية خطيرة وتهم عدداً ليس بالقليل من المصريين وأسرهم . القضية بإختصار أننى قد تلقيت طوال الأيام الماضية العشرات من المكالمات الهاتفية والرسائل عبر الفيس بوك والبريد الإليكترونى من مجموعة من الإعلاميين العاملين فى دولة قطر . وقبل أن أنشر تفاصيل الإستغاثة التى طلبوا توصيلها إلى كافة الجهات الرسمية فى مصر أؤكد إننى شخصياً من أكثر الصحفيين الذين هاجموا السياسة القطرية تجاه مصر , وأيدت القرار الذى اصدره عصام الأمير بمنع تجديد أجازات العاملين بقناة الجزيرة التى تسيىء إلى مصر وجيشها الوطنى , وأيدت أيضا فصل أى شخص منهم يرفض العودة إلى مصر أو يتقدم باستقالته من اتحاد الإذاعة والتليفزيون . وفى الواقع لم أكن أتصور أن هناك جانب آخر أهم وأخطر فى هذه القضية , وهو موقف الإعلاميين من أبناء ماسبيرو من العاملين فى قنوات غير الجزيرة وكذلك الإذاعة القطرية والتدريب الإعلامى فى الجامعات والمراكز المتخصصة . والمفاجأة التى كشفت عنها تلك الإتصالات والمكالمات أن عدد هؤلاء الإعلاميين (بعيداً عن الجزيرة بكل قنواتها ) يصل إلى 1240 إعلاميا وقد صدر قرارمن عصام الأمير بمنع الموافقة على تجديد إجازاتهم رغم أنهم ليس لهم علاقة بالسياسة ولم يثبت فى حقهم أنهم اساءوا إلى مصر ولو بكلمة واحدة , وقد أكد لى البعض أنهم سبق أن تظاهروا داخل قطر ضد سياسات وتوجهات قناة الجزيرة . فى هذ السياق أستشهد ببعض النصوص الحرفية لما جاء فى هذه الإستغاثات على لسان هؤلاء الإعلاميين المتضررين : ( ليه الناس تتاخد كلها بذنب الجزيرة .. مش قادرين ع الجزيرة فيبهدلونا احنا!! , رئيس الاتحاد بيرفض التجديد كده بمزاجه مش قادر ع الحمار وقدر ع البردعة ! , طيب نعمل إيه؟ .. ليه بيتاجروا بينا؟! وبأكل عيشنا ؟! إحنا أكتر من 1240 إعلامي بنشتغل في جهات كتيرة .. وهم فى قطر مش هايخسروا حاجة لو مشينا كلنا..إحنا بس اللي هانتضرر في لقمة عيشنا , ورئيس الاتحاد كده بيأذينا ومش بيعاقب الجزيرة , واحنا مالناش علاقة بالقناة دي .. إحنا بندخل للدولة أكثر من ثلاثة ملايين دولار تأمينات سنويا غير تحويلاتنا لأهلنا , وقطر فيها أكتر من مائتين وسبعين ألف مصري .. نحن عاملون لاعلاقة لنا بالخلاف السياسي وتظاهرنا عدة مرات ضد الجزيرة فهل يعقل أن نعاقب نحن؟! وللعلم فإن رفض تجديد الأجازات خراب بيوت للكل خاصة ان لنا أبناء في مدارس وعلينا أقساط أراضى وشقق وسيارات وعلينا ديون للبنوك لأنها بتقرضنا لرسوم المدارس لأن التعليم هنا غالي جداً .. إحنا متبهدلين بجد ونفسنا قلب المسئولين يحن علينا ويجددوا لنا الإعارات .. والقطريين مش هايخسروا حاجة أصلا..هايجيبوا غيرنا من سوريا والأردن وأرخص مننا , والأخطر أنهم هايحجزوا علي أموالنا في البنوك لو عرفوا اننا هانمشي .. واحنا قلبا وقالباً مع مصر وبنمثل عنصر ضغط علي إعلامهم لدرجة انهم بيخافوا أننا نتظاهر ونصور وبيخافوا من كده جدا . إحنا بنشتغل وبنتعب جدا وحرام يروح شقي عمرنا وبنفيد بلدنا بتحويلاتنا .. وياريت يحاسبوا اللي غلطوا لكن احنا مالناش ذنب وفي حالنا ) . والسؤال الآن : اذا كنا جميعا متفقون على معاقبة كل من يهاجم بلده وجيشها ويثير الفتن ويشعل الخلافات فى مصر , فلماذا نعاقب الآخرين بلا ذنب إقترفوه أو جريمة إرتكبوها ؟ وهل يعقل ياسادة أنه فى الوقت الذى يصرخ فيه جميع المسئولين من الأعباء المالية الباهظة التى تتحملها الدولة لدعم ماسبيرو والتى تصل الى 11 مليار جنيه منها 220 مليون جنيه للأجور فقط كل شهر ؟ وهل تدرون ياسادة أن حصول هؤلاء الإعلاميون على إجازات يوفر على الدولة عشرات الملايين سنويا سوف يحصلون عليها فى حال عودتهم , وبحسبة بسيطة فإن هؤلاء ال 1240 إعلاميا من غير العاملين فى قنوات الجزيرة لو عادوا للعمل فى ماسبيرو وحصل كل منهم على ما يحصل عليه زملائهم فى الدرجة الثالثة وهو مبلغ 7000 جنيه شهريا لوجدنا أن هؤلاء سيتقاضون فى حال عودتهم كمرتبات ومكافآت فقط 104 مليون و160 ألف جنيه سنوياً ؟ واذا كان هذا هو الحد الأدنى للدرجة الثالثة فكيف سيكون الحال اذا علمنا أن الغالبية العظمى من هؤلاء فى الدرجة الأولى أو الثانية ؟ فهل ترفض قيادات الإتحاد توفير كل هذه الملايين سنوياً إلى جانب قيامهم بدفع 3 ملايين دولار سنويا للتأمينات علاوة على التحويلات التى يرسلونها بالعملات الصعبة إلى عائلاتهم فى مصر ؟ وما الجديد الذى سيضيفه هؤلاء إلى ماسبيرو والذى يعانى من مشاكل وأزمات لا حصر لها ؟. هذه صرخة واستغاثة أنقلها - كما وصلتنى - لجميع المسئولين فى الدولة وأرجو أن يتم التدقيق فى التداعيات الإقتصادية والإجتماعية التى يمكن أن تترتب على رفض تجديد الأجازات والإعارات لهؤلاء الإعلاميين ؟!! فهل يتم مراجعة هذا القرار وتجديد الموافقة لمن لم يثبت تطاوله على مصر , خاصة أن هناك محاولات جادة لتقريب وجهات النظر بين مصر وقطر حالياً .