بعد شدّ وجذب واتهامات بين فرقاء سياسيين تنوّعت اتجاهاتهم ومذاهبهم التقى مؤخرا قادة الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية العراقية في منزل الرئيس العراقي جلال الطالباني في المنطقة الخضراء المحصنة. اللقاءات التي وصفها المراقبون بأنها بداية للخروج من أزمة تشكيل الحكومة وعقد البرلمان ، جاءت بعد اتصالات مكثفة أجراها الرئيس الطالباني لجمع القادة الجدد للعراق ..وفي خطوة وُصفت بأنها جيدة لجمع فرقاء قد لا يتفقون في العديد من التوجهات والأفكار، ولكنهم اتفقوا على أن يحضروا مجتمعين وفي عدة مرات. المشاورات التي حضرها أشرف قاضي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان وزلماي خليل زاد السفير الأمريكي في بغداد كانت مهمة للتوصل إلى مفهوم مشترك فيما بين القادة، وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية تشترك فيها جميع الكتل الفائزة، وهذا ما أكده الطالباني. وبعد هذه الاجتماعات أخذ المواطن العراقي يتساءل إلى أين وصلت العملية السياسية بالبلاد ، ومتى يتم تشكيل الحكومة القادمة وبأي شكل ؟ قائمة الائتلاف قدمت أربعة أسماء لرئاسة الوزارة وهم: إبراهيم الجعفري رئيس الحكومة المؤقتة، وعادل عبد المهدي نائب الرئيس المؤقت، ونديم الجابري رئيس حزب الفضيلة، وحسين الشهرستاني نائب رئيس الجمعية الوطنية، وحددت السادس من شباط الجاري موعداً لاختيار المرشح، ولكن الاجتماع تأجّل؛ إذ أكدت مصادر الائتلاف أن الهيئة السياسية قررت في اجتماع استشاري وطارئ -وبناء على طلب حزب الفضيلة- تأجيل تسمية رئيس الوزراء. وذلك لإعطاء آخر فرصة لبناء التوافق المطلوب ، وفي محاولة لإنقاذ المبدأ الأخير، بدا مؤخراً أن الائتلاف يميل إلى التريث في الانتخاب الداخلي عبر دفع المرشحين الأربعة إلى اجتماع خاص يجمعهم في مسعى لحسم التنافس من دون اقتراع؛ إذ بدا المرشحون مفاوضات مباشرة فيما بينهم للتوصل إلى صيغة للتوافق حول اختيار أحدهم للمنصب. فيما تواترت الأنباء عن مساومات لاستبعاد نديم الجابري رئيس حزب الفضيلة من الترشيح؛ إذ أكدت مصادر صحفية أن حزب الفضيلة يطالب بمنصب سيادي مقابل الانسحاب من رئاسة الوزراء، أما حظوة الثلاثة الآخرين بهذا المنصب فقد وضعت في خانة التأييد أو الرفض من قبل الائتلاف نفسه أو الكتل الأخرى ؛ إذ أشارت بعض المصادر المطلعة إلى أن الدكتور الجعفري قد يكون مرشح حزبه (حزب الدعوة) وليس مرشح الائتلاف، ولا يحظى بتأييد القائمة مجتمعة؛ إذ إن فترة تولي الجعفري للحكومة أشّرت عليه بالعديد من المآخذ، وقد يكون لخلافه مع القائمة الكردية سبب آخر في عدم ترشيحه لمرة أخرى. ومسألة التأييد والرفض للمرشحين الأربعة قد لا تكتسب أهمية كبيرة لدى الائتلاف؛ لأنها الكتلة البرلمانية الكبرى، وإن لم تحصل هذه المرة على الأغلبية، إلا أنها في النهاية سوف تسمي مرشحها الذي يحظى بقبولها أولاً، ومن ثم قبول القوائم الأخرى. الكتل الأخرى والتي فازت في الانتخابات قررت الاشتراك في حكومة التوافق وحضرت العديد من اللقاءات التي كرست للمشاورات المكثفة؛ إذ أكد صالح المطلك زعيم جبهة الحوار الوطني والذي حصل على (11) مقعداً أن مثل هذه اللقاءات مناسبة لإيجاد بيئة ومناخ مناسبين للدخول في حوارت مكثفة حول تشكيل حكومة وحدة وطنية. أما محسن عبد الحميد رئيس مجلس شورى الحزب الإسلامي العراقي والمنضوي تحت لواء جبهة التوافق العراقية والتي فازت ب (44) مقعداً فقال: إن تشكيل الحكومة لم يتأخر لأن النتائج المصادق عليها لم تظهر بعد، مرجّحاً أن تبدأ الحوارات المعمقة بين مختلف الأطراف حالما تستكمل مفوضية الانتخابات دراسة الطعون، وفي الشأن ذاته أكد الدكتور ظافر العاني الناطق بلسان جبهة التوافق العراقية أن الجبهة وافقت على الاشتراك في الحكومة المقبلة إذا تضمن برنامجها بنوداً أهمها: إنهاء الاحتلال والحفاظ على وحدة العراق والقبول بإعادة النظر بالدستور، مشيراً إلى أن تلك ثوابت لن يتنازل عنها، وأضاف: إن النتائج التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية ليست المعيار الوحيد لتقدير حجم القوى السياسية التي اشتركت في تلك الانتخابات. أما مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان والعضو في القائمة الكردية فقد اقترح إنشاء مجلس مكون من قادة الكتل السياسية مجتمعين. ويبدو أن هذا المقترح جاء لإشراك الدكتور إياد علاوي رئيس القائمة العراقية الوطنية في إدارة الدولة، والذي حصل على (25) مقعداً بعد أن شكك علاوي بنتائج الانتخابات، وأُصيب بخيبة أمل بعد حملة انتخابية أنفق عليها الكثير من الأموال. بعد كل ما تقدم تبقى عيون العراقيين مترقبة لما تسفر عنه هذه المشاورات التي يتمنى أهل العراق ألاّ تطول كما حدث في انتخابات كانون ثاني /يناير2005، وألاّ يبقى العراق يُحكم بحكومة تصريف أعمال فقط ، ويتم بعدها اختيار وزارة تمثل هذا الشعب يكل اتجاهاته السياسية وتنوعه الثقافي ، لتأخذ بيده إلى بر الأمان، وتنقذه مما عانى من معضلات وتحديات مختلفة منذ دخول المحتل الأمريكي للبلاد المصدر : الاسلام اليوم .