لطالما كان رأيي في بلال فضل أنه إعلامي يحترم قيمة الكلمة ويدرك أهمية الموضوعية في الصحفي ولكني أعاتبه اليوم عتابا رقيقا تحت باب أن لكل جواد كبوة ولكل سيف نبوة فلعله يتداركها ويصلح ما كان منه لعل أهم جملة تعلمتها في حياتي في أصول المنهج العلمي في الاستدلال جملة قالها وصاغها الشيخ الفقيه محمد بن العثيمين رحمه الله تعالى وهي جملة لو تعلمون عظيمة ولو تعلمها الناس وطبقوها لأراحوا ولاستراحوا ,يقول الشيخ رحمه الله "ينبغي على طالب الحق أن يستدل ثم يعتقد لا أن يعتقد ثم يستدل لأنه إن استدل ثم اعتقد هدي للحق وإن اعتقد ثم استدل لوى عنق الدليل ليوافق الرأي" انتهت كلمة الشيخ الوهابي القادم من بلاد الانغلاق ومن صحراء البداوة كما يحلو لأعدائه أن يصفوه فيرسي قاعدة هامة جدا لتلامذته وهو قاعدة الحياد العلمي ,وهي قاعدة لا يطبقها تقريبا أي إعلامي ممن يعتقد ابتداءا بدور للإسلاميين في كل مصيبة ثم يبدأ في الاستدلال على اعتقاده! القاعدة الثانية التي تعلمتها من العلامة الدكتور محمد إسماعيل المقدم جملة قالها في بعض محاضراته ولا زالت منهجا في أي نقاش حتى لا يتحول لمضيعة للوقت حيث قال: "ونحن في نقاشنا لا نناقش البديهيات ولا ننسحب لمناقشتها حين نناقش شرعية هجمات الحادي عشر من سبتمبر – بعيدا عن حقيقة كون المسلمين ضالعين فيها أم لا – فإننا لا نناقش إجرام الغرب وعدائه للإسلام فهذه بديهية ونحن لا نناقش البديهيات " فخلاصة هذه القاعدة ألا ننسحب من النقاش الموضوعي لمناقشة بديهية لا علاقة لها بنقطة البحث حين نناقش يا أستاذ بلال هل ستيف جوبز في الجنة أو النار فإننا لا ننسحب يا سيدي إلى حسناته أو مآثره فمقياس دخول الجنة والنار لا علاقة له بالعبقرية أو الثراء ولكن له علاقة بأمر واحد هو الإيمان بالله كما أمر في لما قدمت سفانة بنت حاتم الطائي بعد أن أسرها المسلمين في غزو طئ قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا محمد ! إن رأيت أن تخلّي عنّي فلا تشمت بي أحياء العرب ؟! فإني ابنة سيّد قومي، وإن أبي كان يفكّ العاني، ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرّج عن المكروب، ويفشي السلام ويُطعم الطعام، ولم يردّ طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي " فقال لها النبي محمد صلى الله عليه وسلم: " يا جارية، هذه صفة المؤمن حقاً، لو كان أبوك مسلماً لترحّمنا عليه خلّوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق ". فأنظر كيف عالج النبي الموقف ؟ عرف لأباها خلقه وفضله وأرشد المؤمنين أن هذا هو سلوك المسلم الحق وأكرمها كرامة لخلق والدها ونبه إلى ضرورة أن يكتسب المسلم الحق هذه الصفة ثم امتنع عن الترحم عليه لأنه لم يمت على الإسلام فهلا فعلت مثلا يا أستاذ بلال؟ هلا قلت إن واجب المسلمين في هذا الزمان أن يكون كلهم ستيف جوبز وكل من على شاكلته من العباقرة كما كان أجدادهم من قبل وتتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وتقول لو كان مسلما لترحمنا عليه ؟ يا أستاذ بلال أنت غضبت من ناقديك لأنهم أسائوا إليك وشددوا عليك النكير في مقالك ونسيت أنك أن نفست قلت من الأبلة الذي يتصور أن الله قد خلق مليارات البشر كومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيه أن يدخل المسلمين وحدهم الجنة أقول لك أنا هذا الأبلة يا أستاذ بلال وتقريبا الستة مليار بني أدم بلهاء على حد تعبيرك لأن كل أصحاب ملة معتقدين انهم وحدهم يدخلون الجنة دون غيرهم ,أنا الأبله الذي سببته يا أستاذ بلال والمصيبة أنه ليس معتقدي وحدي ولكنه معتقد أهل الملة كلهم منذ بعثة النبي إلى اليوم دعنى أرد عليك يا أستاذ بلال وأسألك فمن ذلك الغبي الذي يتصور أن الله قد أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ليكون في النهاية معيار دخول الجنة ليس الإيمان والفكر ولكن المعيار يكون بنفع البشر ؟ كيف تتصور وأنت الأديب الأريب أن يكون الذكاء التجاري أو العلمي هو مقياس دخول الجنة وتعتقد أن هذا عدل الله ورحمته فأنت ضمنيا تقول إن الأذكياء يدخلون الجنة ,الأثرياء يدخلون الجنة إذا فمعيار دخول الجنة ليس اجتهاد الإنسان ولكنه ذكاؤه أو ثراؤه فهل هذا هو العدل الذي تنسبه لرب العالمين؟ من الغبي – وسامحني يا أستاذ بلال فلكل جواد كبوة – الذي يتصور أن الله يرسل الأنبياء ليؤمن من آمن ويكفر من كفر فليس إيمانك بمحمد أو كفرك به هو مقياس دخول الجنة أو النار ! بعد أن قرأت مقالك يا أستاذ بلال حمدت الله أن أبا جهل لم يخترع نظام التشغيل الأندرويد وإلا لرأيت من يطالب برد الاعتبار التاريخي إليه يا أستاذ بلال هل فاتك قول الله عز وجل: "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" أي إنسان في الكون يمكن أن يؤمن بالإسلام أو بالنصرانية أو اليهودي ويتقيد بأحكامها وشرائعها إذا كان هو ومن كفر بهاء سواء؟ لماذا يصلي الإنسان ويصوم ويزكي ويحج إن كان لا يحتاج كل ذلك ؟ لماذا يؤمن أمثال ستيف جوبز وأينشتين وجيتس وابن سينا إن كانت أفكارهم واختراعاتهم كفيلة بدخولهم الجنة يا أستاذ بلال إن كان أهل الإسلام قد أجمعوا على أن من أنكر معلوما من الدين بالضرورة فقد كفر فكيف بمن أنكر الصلاة والصيام والزكاة والحج وشهادة التوحيد ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبالكتاب المنزل والملائكة والنبيين؟ يا أستاذ بلال سامحني إن اشتدت العبارات فلا أقول لك إلا إن أجرمت فعلي إجرامي ولا يمنعنك سوء أدب الناصح أن تقبل نصحه يا أستاذ بلال لا أدري إن وصلتك رسالتي أم لا ولكن إن وصلتك فتذكر جملة الفقيه التي نقلتها في أول كلامي: " ينبغي على طالب الحق أن يستدل ثم يعتقد لا أن يعتقد ثم يستدل لأنه إن استدل ثم اعتقد هدي للحق وإن اعتقد ثم استدل لوى عنق الدليل ليوافق الرأي"