أسوأ الناس في إعتقادي من يتاجر بدماء الشهداء، وأسوأ منهم من يدفع الأحياء ليموتوا ويصبحوا شهداء حتى يتاجر بدمائهم !!. قبل يومين أصدر المجلس العسكري البيان رقم 69 وفيه يتهم حركة 26 إبريل صراحة بإفساد العلاقة بين الجيش والشعب، وصدر هذا البيان بعد أسابيع من تجاوز أعضاء حركة ستة إبريل لحجمهم السياسي وحدوث الكثير من التجاوزات من جانبهم، صحيح أن اللواء الرويني قد أخطأ حين أتهمهم بتقاضي التمويل الخارجي- والتي هي تهمة ذائعة عنهم وليست جديدة- لكن الرجل المسؤول عيب عليه أن يتهم الناس جزافًا دون برهان ساطع وأدلة لا لبس فيها، وبالتالي يمكن إعتبار بيان الجيش غير موفق وإن كان قد جاء من باب نفاد الصبر . في نفس اليوم أصدرت الحركة بيانًا أدانت فيه بيان الجيش وردت عليه الهجوم بهجوم مضاد مشيرة إلى أن لهجة بيان الجيش هي نفسها لهجة عصر مبارك. إلى هنا والأمور متكافئة، بيان للجيش بعد تجاوزات كثيرة لستة إبريل، وبيان لستة إبريل يرد على الجيش، يبقى بيان قدام بيان، لكن ستة إبريل لم تكتف بهذه النتيجة، قررت أن تلعب لعبة المظاهرات الفئوية، قررت أن ترسل مظاهرة حاشدة تخترق القاهرة من ميدان التحرير إلى العباسية فالخليفة المأمون لتحاصر مبنى وزارة الدفاع وتؤدب المجلس العسكري (وتعرفه مقامه حتى لا يتطاول لاحقًا على أسياده !!). لاحظوا أن هذه المظاهرة لم تخرج للقصاص لدماء الشهداء، تذكرون الحديث عن الشهداء والشهداء ودماء الشهداء وحق الشهداء والمحاكمات السريعة !!، لم تفكر الحركة يومها في إخراج مثل هذه المظاهرة، ملأت الدنيا صراخًا في التحرير لكنها لم تفكر في مثل هذه المظاهرة لسرعة محاكمة القتلة، ولم يخرجوا هذه المظاهرة من أجل العدالة الإجتماعية ولا وضع حد أدنى للأجور، ولم يخرجوا هذه المظاهرة لمحاكمة عهد مبارك سياسيًا، والسؤال، طالما كان في إستطاعتهم ذلك فلم لم يخرجوها من أجل دماء الشهداء، ومن أجل محاكمة القتلة...إلى آخر تلك الأستار التي يستترون خلفها، الآن فقط خرجوا في هذا المظاهرة غضبًا لأنفسهم، وتأديبًا للمجلس الذي ذكرهم بسوء، كأن دماء الشهداء التي طالما ناحوا عليها وشبعوا عليها لطمًا ما كانت تستحق تلك المظاهرة، كأن ذكرهم بسوء في بيان واحد أغلى من دماء الثمانمائة شهيد الذين تعاملوا معه تعامل النائحات، تبكي الميت بالدمع وقلبها هواء. هذه المظاهرة غير المسؤولة كانت إستكمالًا لمنهج الغطرسة ونسيان النفس والتجاوز السياسي لهذه الحركة، والخلط بين الدعوة إلى الثورة وبين إدعاء ملكيتها وحقوقها الحصرية وما يتبع ذلك !!، وهو ذات المنهج الذي تجلى قبل أسابيع في تصريحات مسؤولي الحركة أن الحركة طلبت من (شرف) عزل 12 وزيرًا ذكرتهم بالإسم، وأنها تناقش معه في سرية الأسماء البديلة، وأنها ستقدم له قائمة كاملة بالمحافظين الجدد !!، ولا أدري إن كان (شرف) حين يكلمهم في هذا يجلس على مقعد رئيس الوزراء وهم جلوس أمامه، أم أن أحدهم يجلس على مقعد رئيس الوزراء وشرف يجلس امامه !!. لقد أرسل مسؤولو الحركة آلاف المواطنين في مظاهرة في أجواء بالغة الخطورة، وهم يعلمون أن المزاج العام الآن يختلف معهم ويضيق ذرعًا بتحركاتهم وأن الأهالي قد تتصدى لهم، ويعلمون ان الجيش وقد نفد صبره كما ظهر في البيان قد يتعامل بحسم زائد، ومع ذلك أرسلوا هذا العدد في مظاهرة فئوية غضبًا لحركتهم فقط، ومحاولة منهم لحصار القوة الوحيدة على الأرض الآن !!، خاصة في ضوء إستمرار غيبة الداخلية، وبالتالي ضخ مزيد من الفوضي في أنحاء البلاد، إذ ماذا يبقى بعد أن تُحاصر وزارة الدفاع !!. وبالتالي فإن ما فعلته حركة 6 إبريل بهذه المظاهرة لا أقول فقط أنه قمة في الإستهتار وإنعدام المسؤولية، وإفتقاد الحس السياسي والأمني السليم، بل إنني أتعدى هذا إلى القول أن الحركة ربما أرادت مددًا جديدًا من الشهداء يجدد شعبيتها، ويتيح لها ممارسة هوايتها المشهورة في النواح، ويعطيها الذريعة للمطالبة بإسقاط المجلس العسكري، (ما هو الشعب مش حيقبل فكرة: شيلوا المجلس العسكري علشان شتموا بتوع 6 إبريل !، يبقى لازم ذريعة أكبر، إيه هي، إن المجلس العسكري يقتل المتظاهرين)، وهاتك يا جنائز، وهاتك يا متاجرة بدماء الشهداء من أجل مكاسب سياسية، يبقى المطلوب ييجي حسبة 12 شهيد على حوالي مائة جريح، ويصبح المجلس العسكري بعدها تحت رحمة 6 إبريل، تفعل فيه ما تشاء، تؤجل الإنتخابات كما تشاء، وتغير الوزارة كما تشاء، تفعل ما تشاء. إن هذه الإستنتاجات تتفق مع ما أبدته الحركة إلى الآن من انعدام للمسؤولية، ومع تلك الحركة الجنونية التي لم يكن لها أي مسوغ وقد أصدروا بيانهم المضاد وإنتهى الأمر، من أصل ثمانمائة شهيد قدمها الشعب المصري خلال هذه الثورة العظيمة، كم شهيد سقط من أعضاء حركتكم المسجلين، كم ؟!، فأرجوكم، إن أردتم الشهادة فتقدموا أنتم الصفوف، لا أن ترسلوا غيركم ليموت منهم من يموت ثم تقولوا بعد ذلك أنكم غير مسؤولين عن مثل هذه المظاهرة، كما ذكرتم قبل أسابيع أنكم غير مسؤولين عن إغلاق مجمع التحرير الذي كان في قلب إعتصامكم !!، وكنتم غير مسؤولين يوم قطعت الطرقات نتيجة للإعتصامات التي دعوتم إليها، فإن كنتم غير مسؤولين، فهلا أعطيتم فرصة للمسؤولين ليقودوا البلاد إلى بر الأمان بدلًا من التآمر عليهم والتحرش بهم وملاعبتهم بشطرنج من أرواح المصريين وأجسادهم ...............شكرًا 6 إبريل على المظاهرة الأخيرة، دمتم لنا غير مسؤولين. [email protected]