"احترس أنت مراقب" عبارة باتت بديهية لدى الشعب المصري، لا تحتاج إلى وضع ورقة بها للتنبيه، فبعد مرور أكثر من عام منذ أحداث 3 يوليو وزيادة المخاطر والتهديدات التى تتعرض لها الدولة بات الجميع رقباء على الجميع، بدأت أجهزة الأمن فى تجنيد المواطنين ل"مصلحة الدولة" – كما ادعوا- ودعوتهم إلى سرعة التبليغ عن من يشكون فيه أو يتحدث بوجه اعتراض عن سياسيات الدولة، إلا أن آلان جريش، الكاتب الفرنسى المصرى ورئيس تحرير جريدة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية، الذى جاء فى زيارة إلى مصر لم يتوقع أن الوضع وصل إلى تلك الحالة، ربما لو رأى مثل تلك اللافتة أمامه لكفته الموقف الذى تعرض له. روى إسماعيل الإسكندرانى، الكاتب والباحث فى شئون سيناء، تفاصيل ما تعرض له آلان جريش رئيس تحرير جريدة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية "، قائلًا: جلس جريش مع صحفية بالشروق وطالبة جامعية فى كافيتيريا حلوانى "لابوار" المواجهة للسفارة البريطانية، وتبادلا أطراف الحديث بالعربية والإنجليزية عن الأحوال فى مصر، وبعد نصف الساعة، قامت زبونة كانت تجلس بجوارهم وصرخت فيهم أنهم يريدون تخريب البلد. وأضاف "الإسكندراني"، عبر صفحته على الفيس بوك: خرجت السيدة التى يصفها جريش بلكنته الخواجاتى بأنها "upper class Foloul" وأبلغت قوات الشرطة الرابضة فى محيط السفارتين البريطانية والأمريكية، فانتظروهم حتى خرجوا وتم توقيفهم، بعد نصف الساعة من الأسئلة والاستجواب، أعادوا له جواز السفر وأخبروه بإمكانية انصرافه، على عكس الفتاتين فأصرّ على عدم الانصراف إلا معهما، فأعادوا سحب جواز سفره. - بعد اتصالات مكثفة مع السفارة الفرنسية ونقابة الصحفيين، وبعد أسئلة مكررة سخيفة، تدخلت تعليمات عليا وتم صرف ثلاثتهم. وتابع: عاد إلى فندقه مرهقًا، ونام قليلًا، ثم استقبل مكالمة هاتفية فى الفندق حوالى الساعة 6، وأخبره المتصل أن سيارة ستأتى لاصطحابه إلى وزارة الداخلية لتقديم الاعتذار، جلست فى انتظاره بحسب موعدنا، فأرسل رسالة نصية إلى هاتفى يخبرنى بأنه فى مأزق وأنه يجرى اقتياده إلى وزارة الداخلية.
وأشار الإسكندراني، إلى أنه أجرى اتصالات سريعة بالزملاء الصحفيين فى عدة مؤسسات، وأكد تقييد حريته واقتياده بدون إرادة حرة منه إلى الوزارة لا يمكن تسويغه بالرغبة فى الاعتذار، وأن الذى يريد أن يعتذر يمكنه إجراء مكالمة، أو من اللياقة أن يذهب إلى من تم الخطأ فى حقه، لا أن يقتاد إلى مكتبه. واستطرد: خرج آلان بعد قليل وأتى إلى مكان موعدنا حاملًا درع من وزارة الداخلية وبعض المطبوعات التى أهداها له المسئول عن قسم حقوق الإنسان فى الوزارة، الذى أراد توظيف الموقف فى الترويج لازدهار حقوق الإنسان فى وزارة المذابح، وضع جريش الدرع والمطبوعات على الأرض وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث، فحكى عن تفاصيل يومه، وأبدى انزعاجه الشديد من ظاهرة المواطنين الشرفاء، الذين يراهم أخطر من أى قمع بوليسى نظامي.