يكتسب الكاتب الفرنسي "آلان جريش" احتراماً واسعاً في العالم ليس لمنصبه المرموق كنائب مدير صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية، إحدي أهم المطبوعات السياسية في العالم ورئيس مجلس إدارة طبعتها العربية فحسب، ولكن لمواقفه الداعمة للفلسطينيين وللإسلام في وجه الغطرسة الأوروبية والأمريكية وقبلهما الإسرائيلية والدعايات السياسية التي تستخدمها الحكومات الغربية ضد الإسلام، وهي مواقف سببت لجريش مشاكل كثيرة. ودفعت أحد المستمعين لمحاضرته التي ألقاها بالقاهرة الأسبوع الماضي لأن يقول له "لو كان كل الغربيين مثلك لعم السلام العالم كله". آلان جريش ولد بالقاهرة في 1948 لأسرة من أصول يهودية، وهو ابن المناضل الشيوعي المصري الفرنسي هنري كورييل. وبالإضافة لكون جريش المدير المساعد لصحيفة لوموند ديبلوماتيك هو خبير اقتصادي ومتخصص في شئون الشرق الأوسط. وجاءت تلك المحاضرة التي ألقاها بالمركز الثقافي الفرنسي ضمن زيارته لمصر التي التقيناه خلالها وأجاب فيها عن لماذا تنحاز أمريكا بشكل مطلق لإسرائيل؟ وعن كيف لم يفهم العرب الغرب؟. كما تعرض فيها للشرق الأوسط الجديد الذي بدأ يتخلق وتداعياته علي النظام العالمي ودلالة توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة للحصول علي اعتراف بدولتهم في هذا التوقيت، كما وضع جريش في الحوار رؤيته للموقف في مصر ورأي أن الثورة لاتزال في بداياتها وأن الطريق طويل، وألح علي ضرورة وجود برنامج اقتصادي حقيقي، وتعرض جريش لسوريا التي تدخل الثورة فيها منعطفاً خطيراً سيلقي بظلاله حتماً علي الربيع العربي بأكمله. وإلى نص الحوار: - "بوابة الأهرام" - بدأ الربيع العربي بسقف توقعات مرتفع بعد سقوط بن علي ومبارك في وقت قليل، ولكن سرعان ما بدأ الربيع ينحرف إلي صيف دموي مع الثورة السورية، وربما نحن مقبلون علي خريف عربي، كيف تري مشهد ما أصبح يعرف بالربيع العربي ؟ = الثورات في مصر وتونس حدثت فجأة وبسرعة وخلقت مناخا وهما بين المراقبين فبدأت مظاهرات في البحرين والمغرب والأردن، الناس اعتقدوا أن التغيرات ستحدث بسرعة ولكن ما حدث أن السلطة في كل بلد حضرت نفسها جيداً وتأهبت لمواجهة ذلك التسونامي بعد سقوط بن علي ومبارك، أنا أظن أن ما حدث هو تغيير تاريخي في المنطقة والعالم العربي، ولكن هذا التغيير التاريخي لا يمكن أن يحدث في أسابيع حتي في تونس ومصر اللتان سقطت فيهما السلطة بالفعل، التغيير سيأخذ وقتا، ولكن في اعتقادي أن التغيير الأساسي الذي حدث بالفعل كان عند الناس أنفسهم أو ما أسميه باسترداد الكرامة، الناس لم تعد تريد الرجوع للوراء مرة أخري فيما يتعلق بحرياتهم وحقوقهم في التعبير وهذا لا يعني أننا سننشيء ديمقراطية في أسبوعين، فكما قلت التغيير سيأخذ وقتا ولكنه يحدث.