"بالطول بالعرض هانجيب بولا الأرض"، "يسقط يسقط الأنبا بولا"، "فين العدل يا بابا شنودة"، كان ذلك بعض من هتافات رددها قرابة 300 قبطي داخل الكاتدرائية أمام المجلس الإكليريكي احتجاجًا على رفض الأنبا بولا رئيس المجلس الإكليريكي – أحد لجان المجلس الملي الذي يرأسه البابا شنودة – تنفيذ مئات الأحكام القضائية واجبة النفاذ، بمنحهم تصاريح زواج، استنادًا إلى لائحة 1938. يأتي ذلك بالرغم من حصول بعضهم على حكم بالطلاق لعلة الزنا من المحكمة منذ سنوات، في الوقت الذي حصل فيه آخرون على أحكام قضائية بموجب اللائحة، التي يرفضها البابا شنودة متذرعاً بمقولة " لا طلاق إلا لعلة الزنا"، ما تسبب في حالة من الهرج والمرج، خاصة عند رؤية المحتجين للأنبا بولا، حيث حاولوا الاعتداء عليه، لكنه خلص من أيدهم بعد تدخل الأمن. وتعامل أمن الكنيسة - التابع للبابا - بغلظة شديدة مع المحتجين، إذ استخدم ولأول مرة في تاريخ الكنيسة كلاباً بوليسية على المعتصمين واعتدى عليهم بالضرب بالعصي الغليظة، محاولاً طردهم من الكنيسة، ما تسبب في إصابة العشرات منهم بجروح بالغة، وبينهم ميخائيل حكيم الذي أصيب إصابات بالغة في رأسه. وهدد المحتجون بالتصعيد إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم. وقال حكيم الداعي للوقفة الاحتجاجية ل "المصريون": "ندرس الاعتصام المفتوح والإضراب عن الطعام أمام المجلس الإكليريكي بالمقر البابوي"، منددًا بتصرف الكاتدرائية مع المعتصمين عندما أطلقت عليهم "الكلاب البوليسية" عليهم وكأنهم ليسوا بشرًا لهم حقوق. وأضاف: معي مئات المستندات التي تثبت فساد الأنبا بولا والمجلس الإكليريكي لرفضه تنفيذ أحكام قضائية رغم أنها لعلة الزنا التي تعترف بها الكنيسة، لعدم حصوله من الحاصلين على تلك الأحكام لمبالغ مالية تصل في بعض الأحيان إلي 100 ألف جنيه، واتهمه بأنه طلب منه شخصياً، ناقل عنه قوله له: "الطلاق هايكلفك كتير قوي"، وتابع: عندما رفضت لم يصدر لي تصريح بالزواج منذ 4 سنوات. وكشف الداعي للاعتصام أنه دخل الكاتدرائية متنكرًا بلحية ونظارة شمسية وكاب، حتى يستطيع تجميع الأقباط للاعتصام، مؤكدًا أن هدف المعتصمين هو الاعتراف بلائحة 1938 كالكنيسة الإنجيلية. وترجع الأزمة إلى عام 2008 عندما شرع البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في تعديل لائحة 1938، والتي قال منذ أن وصل إلى الكرسي البابوي إنه لا يعترف بها من الأساس، والتي تحصر أسباب الطلاق فيها بشكل تام في الزنا وتغيير الدين فحسب، وهو ما يدفع بالكثير من المسيحيين التابعين للكنيسة القبطية بالتحول إلى طوائف مسيحية أخرى أو اعتناق الإسلام من أجل الزواج ثانية. لكن البابا شنودة رفض التراجع عن موقفه، قائلاً إنه لن يتراجع عن تنفيذ نصوص الإنجيل التي تؤكد أنه "لا طلاق إلا لعلة الزنا"، وأضاف على ذلك تغيير الدين، و"كأن البابوات منذ القرن 12 لم ينفذوا تعاليم الإنجيل"، كما يقول المفكر القبطي جمال أسعد، لأن لائحة 1938 المعمول بها في القضاء المصري الآن لم تستحدث أسباب جديدة للطلاق، فأسباب الطلاق العشرة معروفة منذ القرن الثاني عشر، وقد جاءت تعديلات عام 1955 والتي قضت بإلغاء المحاكم والمجالس الملية بهدف وطني وهو توحيد قضاء المصريين وإلغاء آثار المحاكم المختلطة، وهو ما قد يدفعنا إلى الفرقة والتفتت أكثر وأكثر حينما تطالب كل فئة بمحاكم لها وأحكام وفق قراءتها وفهمها للإنجيل وهذه كارثة بكل المقاييس وحلها هو القضاء المدني، فكلنا مصريين أمام القضاء. وأضاف أسعد: "في رأيي إن التعديل الذي أجرته الكنيسة زاد من تفاقم مشكلات الطلاق في المسيحية، فالبابا أغلق الباب تمامًا أمام الأقباط للحصول على الطلاق المدني، الذي يمكنهم من الزواج المدني على أسوء تقدير". وأشار إلى أن الدولة سعت لمحاولة إخراج البابا من مأزق عدم تنفيذه لإحكام القضاء "وهو موظف عام" فجعلت القضاء يرضخ لرأى البابا "وليس الإنجيل" حتى تربأ هذا الصدع في علاقة الدولة مع الكنيسة. يذكر أن لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية أصدرها المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس في 9 مايو سنة 1938 وضعت أحكامًا في المواد من 50 إلى 58 ، بعدها صدر قرار المجمع المقدس في مايو سنة 1945 ويقضى بقصر الطلاق على علة الزنا فقط حسب منطوق الإنجيل، كما صدر القرار البابوي رقم 7 لسنة 1971 ويقضى بعدم اعتراف الكنيسة بأي طلاق يفصمه - ما يزال قائما. لكن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وإن كانت قد رفضت أسباب التطليق المقررة في لائحة 1938 في المواد من 50 إلى 58 لصدورها بالمخالفة لأحكام شريعة الإنجيل أخذت مؤخرًا بنص المادة 50 من تلك اللائحة والتي تجيز لكل من الزوجين أن يطلب التطليق لعلة الزنا بالمخالفة لمنطوق الإنجيل المقدس الذي أعطى للرجل وحده أن يطلق زوجته ويتخذ غيرها حال حياتها إذا ارتكبت الزنا. ويأتي ذلك بالرغم من أن قرار المجمع المقدس الصادر سنة 1945 اعتبر هذه المادة ضمن المواد المخالفة لشريعة الإنجيل المقدس التي تقضى بأن الزواج لا ينحل إلا بأحد أمرين "وفاة أحد الزوجين وزنا الزوجة فقط"، وعلة ذلك أن الشريعة المسيحية لا تجيز التطليق وحل الزيجة لزنا الزوج مطلقا. فالزوجة البريئة إذا طلقت زوجها لسبب زناه وتزوجت بآخر تكون هي التي زنت وفى هذه الحالة تعد المرأة زانية ويحل لزوجها أن يطلقها ويتخذ غيرها. وكانت الكنيسة قلصت أسباب للطلاق قلصتها الكنيسة إلى سبب واحد وهو الزنا علاوة على تغيير الدين وليس الملة كما كان معمولاً من قبل، فالتعديل جاء لخدمة الكنيسة وليس الشعب القبطي كما يروج البعض، فالقضاء يحكم لائحة 1938 والتي تقضى بالطلاق في تسع حالات وهى: "الفرقة لمدة ثلاث سنوات، الهجر لمدة خمس سنوات، الموت الحكمي أو السجن أكثر من 7 سنوات، الجنون، شبهة وجود خطر على أحد الزوجين من الآخر مثل المرض المعدي والمرض المستعصي علاجه، تغيير الملة، الاعتداء الجسيم من أحد الزوجين على الآخر واستحالة العشرة، الرهبنة، وسوء السلوك وفساد الأخلاق، إضافة إلى الزنا. بيد أن الكنيسة ترفض قبول أحكام القضاء منذ عهد البابا متمسكة بمقولة: "لا طلاق إلا لعلة الزنا فحسب" .