وصلتني عشرات الرسائل الغاضبة من مقالي الذي كتبته أول أمس بعنوان الدكتور القرضاوي وعمرو خالد .. غالبيتها كانت رسائل عتاب من محبين ل"المصريون" من جهة وللعلامة الكبير د. يوسف القرضاوي من جهة أخرى ما لامسته من غضب جعلني اعود مرة اخرى لمقالي وقراءته مجددا .. بهدوء وتمعن وبعدها .. رأيت إما أنني قد خانني التعبير وإما أن القراء الكرام حملوا كلامي مالم اقصده . وإذا كان الغاضبون مما كتبت من المحبين لفضيلة الدكتور القرضاوي . .. فأنا والله لست أقل عنهم حبا واجلالا وتقديرا له . وأذكر اني عندما كنت في زيارة للعاصمة القطرية الدوحة منذ أقل من عامين لحضور ندوة عن التطبيع ، حرصت أن لاأغادر الدوحة قبل زيارة الشيخ .. واصطحبني إليه في بيته الداعية والأديب الصديق العزيز الشيخ عبد السلام البسيوني ، وأهداني فضيلته في نهاية الزيارة احدى كتبه التي كانت صدرت حديثا آنذاك . وبعد عودتي للقاهرة تصديت لكتابات صحفي ناصري اعتاد الاساءة للشيخ والهجوم عليه في صحيفة الاسبوع المستقلة . وتزامن ذلك مع زيارة لي للزميل والصديق مصطفى بكري في مكتبه المطل على مبنى نقابة الصحفيين ودار القضاء العالي ونادي القضاة .. وجاءت سيرة الشيخ القرضاوي فيما جرى بيننا من حديث وعندما علم اني عدت توا من الدوحة والتقيت الدكتور القرضاوي .. سألني عنه .. فقلت له : يقرؤك السلام ويدعو لك ! وبدا لي بكري وكأنه فهم مغزى كلامي . .. فرأبت علامات الحرج ترتسم على قسمات وجهه .. وبعد لقائي معه صدر العدد الجديد من صحيفة الاسبوع خاليا من مقال الصحفي الذي اعتاد الهجوم على القرضاوي . ما اريد قوله إن العلامة الكبير له في نفسى منزلة كبيرة .. فلست جهولا أو ممن لايقدر وزن الرجال وقيمتهم .. فقط ما لفت انتباهي أن فضيلته ناقش افكار عمرو خالد على الهواء مباشرة .. وفي غيبة من الرجل .. ولاأدري ما إذا كان برنامج الشريعة والحياة بقناة الجزيرة الذي يعده الصحفي السوري اللامع صديقي العزيز معتز الخطيب .. يسمح بوجود أكثر من ضيف أم لا .. إذ كان من الانصاف أن يكون الاستاذ عمرو خالد طرفا في الحوار الذي حدث ،ولكن يبدو أن الامر لم يكن مدرجا على اجندة البرنامج انما جاء عرضا في سياق حديث الدكتور يوسف القرضاوي ، فضلا عن أن كلام فضيلة الدكتور عن عمرو خالد كان مستفزا فعلا ولحد كبير ولقد وصلتني رسائل من كتاب لهم وزنهم تعقيبا على ما كتبت أكدوا لي شعورهم بالاستفزاز فعلا عندما استمعوا للشيخ في الشريعة والحياة . وعندما قلت إن ثمة غيرة خفية وخفيفة بين العاملين في مجال الدعوة لم أقصد ابدا أن اضع د. القرضاوي في سياق هذه الغيرة .. فالشيخ قامة كبيرة .. يكاد يكون امام عصره وعلامة من علامات العلم في القرنين : العشرين والحادي و العشرين . ولكن الذي حملني على هذا الكلام أني سمعت وقرأت كلاما مباشرا وفجا من بعض اساتذة الأزهر .. لايقرون مبادرة عمرو خالد .. فقط لأنها صدرت من "واعظ" لم يدرس بالازهر ! وهذا الكلام موجود ومنشور في الصحف المصرية . وانا لازلت عند رأيي بأن هناك رموزا كبيرة .. انفردت وحدها على مدى العشرين عاما الماضية بالظهور على المنصات وشاشات التليفزيون تتكلم بإسم الاسلام والمسلمين لاتقبل ابدا أن تأخذ بيد الجيل الجديد وتعده ليحل محلها بعد عمرطويل .. خاصة وأن جانبا من هذه المسائل اختلطت فيها الدعوة بالبزنس وبالبحث عن نجومية اجتماعية .. وعن سلطة ابوية على جمهور بسيط ومخلص يحسن الظن عادة بمن "قال : قال الله وقال الرسول " . على اية حال اتمنى أن يتحول هذا الخلاف إلى "حوار" دون وصاية من أحد أو استعلاء جاهلي يبغضه الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ... فما احلى الحوار وما اروعه .. إذا كان على ارضية الايمان بحق الاخر في الاختلاف باعتباره من قبيل التنوع والتكامل .. خاصة وأن "اختلاف التنوع" ..سنة من سنن الله عزوجل لاتستقيم حياة الناس ولاالكون كله إلا به [email protected]