جماعة الإخوان المسلمين، أكبر من قياداتها، وأقدم و"أسبق" ممن يتحدثون باسمها الآن، وهناك فارق كبير بين الجماعة "كمؤسسة" و"القيادات النظام" الذي يحكمها.. المسألة ربما تتطابق مع فكرة الدولة ذاتها، ومع النضال السياسي المتراكم عبر تاريح الدولة الحديثة من أجل إنهاء مقولة لويس الرابع عشر "أنا الدولة". هذا الاستهلال أراه مهما، للتعقيب على الرسالة التي عممها يوم أمس الأول 31/10/ 2009، العضو في مكتب الارشاد د. محمود غزلان، وتكلم فيها ب"فظاظة" مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، "تأديبا" له على تصريحات نسبت إليه، وصفت موقف "المتشددين" داخل الجماعة والمناهض للتصعيد التنظيمي الذي اقترحه فضيلة المرشد العام للإصلاحي الإخواني البارز د. عصام العريان بتعبيرات ربما أثارت غضب البعض داخل الحركة. ولا ندري ما إذا كان د. غزلان قد راجع قيادته السياسة واستأذنها قبل أن يلاحق العلامة الكبير بخطاب وضع فضيلته موضع "التلميذ" الذي من المفترض أن يعاد تعليمة "فقهيا" من جديد في إحدى "كتاتيب" الجماعة؟!. اللغة "الاستعلائية" التي استخدمها د. غزلان، أعادت مجددا احياء ما يتردد بشأن "الاستعلاء التنظيمي" للإخوانين الجدد، والذي عادة ما يضعها في "صدام" مع المخالفين لها، حتى من داخل التيار الإسلامي ذاته من جهة، وتخصم من رصيدها عند النخب "العلمانية" التي تتعاطف معها من جهة أخرى. وأنا لا أدري من الذي خول ل د غزلان، أن يتحدث باسم الجماعة، وبهذه الخشونة والفظاظة، مع مرجعية علمية سنية كبيرة، تحظى بجماهيرية وشرعية دينية، قد تضر بمكانة الجماعة، حال تعمدت الصدام معه بهذا الشكل الذي ينال من مكانة الرجل في الضمير والوعي الإسلامي العام؟! رسالة "عزلان" الخشنة، إما أنها صدرت بعد إذن من أعلى سلطة تنظيمية داخل الجماعة وهذا ما استبعده وإما أنه لم تعد هناك سلطة "رسمية" وأن السلطات المخولة بها "معلقة" منذ أزمة مكتب الإرشاد الأخيرة مع نجمها الأول د. عصام العريان، وأن الأمر ربما تعتريه بعض "فوضى" على نحو مقلق سمح بخروج هذه "الرسالة الورطة" بدون رقيب أو بدون خوف من مساءلة تنظيمية متوقعة.. وإذا كان محمود غزلان يطلب من فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، أن يصدر بيان "توبة" مما نسب إليه من نقد "المقدس" التنظيمي عند الإخوان، فإن على الجماعة إذا كانت فعلا لم تتأثر بالأزمة الأخيرة، وأنه لا يزال هناك "مرشد عام" مسئول عنها، ان تصدر بيانا إما مؤيدا أو رافضا مما صدر من د. محمود غزلان.. لأن الأخير لم يكن فظا فقط مع العلامية الكبير، وإنما مع "أخيه" في التنظيم د. عصام العريان، إذ تعمد عدم ذكر اسمه وتجاهله وكأنه شخصية "نكرة" رغم أنه هو الأكثر شهرة وحركة ونشاطا وابداعا داخل الجماعة من غزلان ذاته.. الأمر جد لا هزل.. وما حدث يحتاج إلى بيان لأنه يعكس حجم العنف تجاه المخالفين الذي يضمره "المتطرفون" داخل الجماعة في نفوسهم، وربما يكون عنفا مقموعا بحكم حالة "الاستضعاف" و"الاضطهاد الأمني" الحالي.. وربما يثير المخاوف لدى البعض بأنه قد يعبر عن نفسه حال خُففت القبضة الأمنية عن الحركة، أو حال وصولها إلى الحكم. ويبقى أن أذكر أن الإخوان جماعة كبيرة وأهم الجماعات السياسية في مصر على الاطلاق، وهي "مشروع دولة "بديل ومتوقع.. وما يصدر عن بعض قياداتها يسيئ إليها وإلى تاريخها وإلى مشروعيتها كقوة سياسية مسئولة وأمينة على "حقوق" المصريين: "المخالفين" قبل "المتعاطفين" أو المحبين لها. [email protected]