انتقد خبراء اقتصاديون، إعلان الدكتور سمير رضوان وزير المالية أمس الأول اعتماد المجلس العسكري للموازنة العامة للدولة، دون أن تخضع للنقاش أو يتم طرحها أمام الرأي العام والجهات والمؤسسات الاقتصادية والخبراء والأكاديميين المتخصصين لإبداء الرأي حيالها. وأكد الدكتور عبد الله شحاتة أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ل "المصريون" أن الوزير لم يستجب لنصيحة كثير من الخبراء بطرح الموازنة للنقاش برأي الخبراء عند إعدادها، خاصة وأن النقاش الذي أعقب صدورها لم يكن ذا جدوى، حيث جاء في توقيت خاطئ، نظرا لضيق الوقت وضرورة اعتمادها قبل حلول يوليو. ووصف الموازنة الجديدة بأنها "موازنة اللامنطق"، حيث أنه لم يحدث في أي مجتمع من المجتمعات التي تمر بثورة أن يتم فرض ضرائب، فيما يفترض أن يتم تثبيت سعر الضريبة أو تخفيضها، وليس السعي زيادة شريحة جديدة إليها أو فرض ضريبة علي الأرباح الرأسمالية. وأشار شحاتة إلى أن الشريحة الجديدة التي تم إضافتها سيتم – على سبيل المثال- تحصيل مليار جنيه لمركز كبار الممولين الذي يتكون معظمه من رجال أعمال يحصلون على دعم صادرات قدره 2.5 مليار جنيه من الدولة وهذا معناه أنهم سيدفعون مليار جنيه من الدعم الذي يحصلون عليه من الدولة لها في صورة ضرائب، وهو ما يعني "استعباط الدولة"، بحسب تعبيره. وحذر من أن فرض وتصعيد الضريبة في الوقت الذي تعبر فيه مصر من أزمات خطيرة علي اقتصادها يعد مؤشرا خطرا على الاستثمار الأجنبي، لأنه في ظل الانكماش لابد من تثبيت معدل الضريبة وفقا لأبسط مبادئ الاقتصاد الموجودة بالكتب. وقال شحاتة إن الموازنة التي أعدها رضوان فيها ترضية للناس علي حساب التكلفة الاقتصادية، "من أجل الاستمرار على الكرسي"، لافتا إلى أنه اقترض بفائدة 12.5% لتحقيق مصالح شخصية، محذرا من استمراره في المنصب خاصة وأنه غير متخصص في المالية العامة، ولا علاقة له من قبل بموازنة الدولة حيث أن تخصصه في اقتصاديات العمل . وأوضح أن شهر يونيو الجاري شهد مهزلة لم تحدث من قبل حيث تقوم كل الجهات بتحصيل مستحقاتها من وزارة المالية علي حساب الموازنة العامة للدولة دون أن يبدي وزير المالية أي رأي أو اعتراض حيال ذلك. من جانبه، قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي إنه التقي وزير المالية هو وعدد من خبراء الاقتصاد والإعلاميين المتخصصين في المجال الاقتصادي وقدموا العديد من الاقتراحات والتعديلات حول بعض بنود الموازنة منذ أيام. لكنه قال إنه فوجئ بالدكتور سمير رضوان يعلن عن قرب اعتماد الموازنة من المجلس العسكري خلال سفره للخارج، في إشارة إلى اعتمادها يوم سفره. واعتبر هذا يؤكد أمرين، الأول أن يكون رضوان نفذ التعديلات وعرضها على مجلس الوزراء وحصل علي تفويض بإجراء التعديلات وتقديم الموازنة للمجلس العسكري، والثاني أنه لم يستجب لهذه التعديلات وقدم الموازنة للمجلس العسكري لاعتمادها دون إحداث أي تعديل من مقترحات الخبراء وهذا هو الأرجح نظرا لضيق الوقت. وقال إنه لو حدث الاحتمال السابق، فذلك يعني أن مناقشات الموازنة بعد الثورة لم تختلف عن مناقشات قبل الثورة، موضحا أنه إذا تم تمرير الموازنة دون تنفيذ فستكون معيبة، قائلا "موازنة العام الجديد بها فقر في الفكر والإيرادات".