سبق أن نشر الأستاذ فهمى هويدى مقالا عن التعليم الأساسى و يتبعه اليوم كما متوقع بنظرة على التعليم الجامعى. فى هذا المقال الجديد لم يتعرض الأستاذ فهمى هويدى إلى عبثية و وهم مشروعات تطوير التعليم العالى خاصة HEEPF و كذلك تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس و هذا هو الهزل الحقيقى فى مقام الجد فكما تحدث سيادته فى مقاله عن أنه من المنطق أن نوفر التعليم في البلد أولا ثم نسعي إلي تحسينه وتجويده. فهذا ماينطبق تماما على وهم و عبثية مشروعات تطوير التعليم العالى الممولة بقروض من البنك الدولى. ربما لم يبلغ الأستاذ فهمى بعد أن هذه المشروعات القصد منها توزيع المنح و العطايا على المقربين المحظوظين و القصد منها كما يقال صراحة هى أساسا زيادة مرتبات بعض أعضاء هيئة التدريس المقربين مع منح السلطة لرؤساء الجامعات فى التصرف كيفما يشائون حيت يمارس البعض منهم المنح و المنع بل يزيد الغة أكثر إلى سحب المشروعات ممن يستعصى تطويعه على المشاركة فى هزل و عبث التطوير و يحاول تقديم إضافة جادة. يحدث هذا تحت سمع وبصر وبموافقة ضمنيه و مباركة من متخذ القرار فى صندوق تطوير المشروعات و وزارة التعليم العالى من أجل مجاملات و موائمات أبعد ماتكون عن صالح عملية التطوير. و يستخدمون فى ذلك حججا واهية يتفقون عليها بليل و مبررات غير قانونية أو شرعية لا تخلوا من شتى صور المخالفات القانونية التى لا يمكن أن تصمد فى ساحة القضاء بما يمثل أنواع شتى من الإنتهاكات فى حقوق الحريات الأكاديمية لحرية البحث و حقوق الملكية الفكرية لأصحاب المشروعات حيث يقومون بمصادرتها و منحها لمن لم يشاركوا بالجهد فى كتابة حرف واحد أو إعطاء تصور يتيم و لم يحاولوا طوال سنين كانوا فيها فى موقع المسئولية التقدم بأى مشروع (يستثنى من ذلك مشروعات المؤامرة) أو بذل أى جهد من أجل تطوير التعليم بالجامعة و الذى تذكروه. و لكن يبدو أن تطوير التعليم العالى إستيقظ فجاة فى جامعة حلوان من السبات العميق على هذه "السبوبة الكبرى" بعد أن ظل يغط فى فيما يشبه الغيبوبة لسنين طويلة توالى خلالها نفس الأشخاص على إدارة القسم و الكلية و الجامعة متجاهلين و غير عابئين بالتدهور الحاد الذى و صلت إليه العملية التعليمية بالصورة التى يذكرها الأستاذ فهمى كما سأعرضها عليكم فى مقام آخر. أما ما لايخطر على بال الأستاذ هويدى و كان سيتعجب أكثر لو نما إلى علمه أن مشروعات تطوير التعليم العالى كما يشاع فى الوسط الجامعى تدار بواسطة من لم يتقدموا بمشروع واحد سابقا و طبعا فاقد الشيئ لا يعطيه. و هنا كان سوف يتسائل عن أى نوع من الرؤية و نوعية الإدارة المترتبة على ذلك. و أعتقد أن الكثيرين منا تتفق معي في الرأي مع الأستاذ هويدى فى أننا صرنا نحتاج إلي بذل جهد لكي نصل بالتعليم عموما إلي درجة الصفر, و بالتالى فإن مشروعات تطوير التعليم العالى ليست سوي دعوة عبثية سيسدد خدمة الدين عنها الأجيال القادمة، لأنه لا يوجد الآن تعليم عال يصلح للتجويد كما توصل إلى ذلك الدكتور محمد أبو الغار فى مقاله الأخير . و أعتقد أن دعوة د يحيى القزاز لترقيع التعليم أكثر واقعية من وهم تطوير التعليم. و لكن يفوتنا جميعا من المستفيد، فلو فتشنا سنجد الأمر مرتبط بمناصب و إدارات جديدة تدفع بسخاء سواء من أموال دافعى الضرائب أو من أموال القروض. و عموما أستعير مقولة للأستاذ الدكتور عبدالجليل مصطفى أن "كلمة التطوير أصبحت كلمة سيئة السمعة" أما عن ما ذكره الأستاذ فهمى عن حقيقة الفساد في الجامعات المصرية فلقد رأينا فى حواراتنا أمثلة فجة لها حين تم الإبلاغ عن مخالفات فى و وقائع فساد مالى و إدارى فى إدارة مشروعات التخطيط العمرانى فى إحى الجامعات باقاهرة الكبرى [و هى أيضا كانت سبوبة كبرى من إحدى الوزارات التى لها باع مشهود فى تلك الأمور و ربما ستظهر تفاصيلها على المل لو عقد مزاد متل مزاد ماتبقى من مارينا مؤخرا و من الذى إستحوذ على نصيب الأسد و لماذا و فى أى ظروف تم ذلك أو لو ظهرت الكشوف و المستندات الأصلية؟ و هى أمور خاصة بجهات سيادية و لا تخصنا]. و ما سيصدم الأستاذ هويدى أكثر أن الخبر كفى عليه ماجور و لم يحدث شيء أو محاولة للكشف عن الفساد و تماما كما تم تسريب ممدوح إسماعيل إلى لندن و إيهاب طلعت إلى جهة لا نعلمها تم التغطية و التعمية المضحكة على تلك المخالفات و تسريب نائب مدير المشروعات بتلك الجامعة إلى برلين فى و ظيفة أعلى تعبيرا عن رضا الإدرة العليا للتعليم و الإمتنان بعد أن حاربت و حاولت أن تقمع التصدى لهذا النوع من الفساد . و هنا فلا نستطيع الإختلاف مع تساؤل الأستاذ فهمى الفساد يستشري يوما بعد يوم في جامعاتنا المصرية, فبأي ماء وجه أو حياء نتحدث عن البحث العلمي والمستقبل؟ أو حتى شفافية الإدارة فى مستشارية برلين الثقافية؟ فهل سيتسع مقال الأستذ هويدى القادم لعرض و الغوص فى مثل تلك التفاصيل الكارثية و الفواجع؟ أما عن الجامعات (بعضها بوتيكات) الخاصة التى إستفاض فى شأنها القائمة على الربح فلها شأن آخر على الأقل فى إخلالها بتكافؤ الفرص و منح الشهادة لمن يقدر على الدفع. أعتقد أن مايعنينا أن نخاطب المؤسسات المانحة مثل البنك الدولى لترسل فرقا محايدة لتقييم عبثية مشروعات تطوير التعليم العالى و مدى جدوى المردود مقابل القرض. كذلك يجب أن نطلب من البنك الدولى أن يصر بصرامة على تطبيق معاييره الدولية فى الشفافية مثل نشر تفاصيل كاملة عن المشروعات التى يتم تمويلها على Internet و معايير منح و رفض المشروعات كما هو مطبق عالميا و عن ما إذا ما كان هناك إهدار عبثى للمال العام امدفوع خصما من الأجيال القادمة فى إدارة تلك القروض من خلال مشروعات عديدة متكررة إقتضتها المواءمات. و كذلك كفاءة و شفافية عملية الإدارة خاصة فى ضوء ترتيب البنك لقائمة الدول الأكثر فسادا فى إدارة المشروعات. كذلك تقوم تلك الفرق بتقييم الأجهزة المشتراة لحساب تلك المشاريع و عن نوعيتها و التكلفة الحقيقية لها و مدى حداثتها. أما الأهم لحركة 9 مارس فهو ما إن كانت إدارة تلك المشروعات تلتزم بمبادئ الحريات الأكاديمية فى البحث و مدى إلتزامها بحماية حقوق الملكية الفكرية للباحثين كما تنص على ذلك المواثيق الدولية التى تلتزم بها الجهات الدولية المانحة. كذلك إذا ماكان هناك أى تفريط من إدارة الصندوق فى التصدى لأى نوع من إنتهاكات و تدخلات فجة من بعض الإدارات الجامعية أم أنها توافق عليها ضمنا من خلال مجاملات غير متعارف عليها عالميا من الجهات المانحة. و نأمل أن يولى مثل هذا لتقرير الإهتمام الكافى بعرضه على الملأ و مناقشته فى مجلس الشعب لأنها أمور تستحق أن نوليها و توليها الدولة أعلى درجات الإهتمام حرصا على مستقبل الوطن. مع أطيب التحية محمد شرف