ثمّن دبلوماسيون سابقون وخبراء سياسيون بالدعم الذي قدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه الخميس الماضي للاقتصاد المصري من خلال منح مصر ملياري دولار في شكل تسهيلات قروض لتمويل عدد من المشروعات في مصر، والتنازل عن مليار دولار أخرى كديون أمريكية مستحقة على مصر، مؤكدين أن هذا الدعم يعد دعما من قبل الإدارة الأمريكية للثورة المصرية، رغم. وقال السفير حسن عيسي مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن الدعم الأمريكي للاقتصاد المصري مع السعي الأمريكي لدعم الديموقراطيات يأتي إدراكا منها بأن وجود تجربة ديموقراطية بالمنطقة هو أكبر دام لمصالحها، ومن هنا قدمت واشنطن هذا الدعم حرصا منها على استقرار مصر سياسيا واقتصاديا باعتبارها من أهم القوي المؤثرة في المنطقة. وشدد على أهمية الفصل بين العلاقات الوثيقة التي تربط الولاياتالمتحدة بإسرائيل، لأن واشنطن لن تتراجع عن دعم إسرائيل باعتبار ذلك سياسية استراتيجية غير قابلة للتعديل، مبديا استغرابه من توجيه البعض لانتقادات لخطاب الرئيس أوباما وتشكيكه في جدوى الدعم الأمريكي لمصر، بعكس ما يرى أنه يجب أن يقابل بتقدير مصري للدعم الاقتصادي لا من توجيه الانتقادات بمناسبة وبدون مناسبة لواشنطن. وأكد أن مصلحة مصر تقتضي أن يكون هناك علاقة تقارب مع الولاياتالمتحدة، لأن أي توتر بين البلدين لا يخدمها بقدر ما تستفيد منه إسرائيل، معربا عن اعتقاده بأن أي تقارب بين مصر والولاياتالمتحدة من شأنه أن يكون له تداعيات إيجابية وقد تخفف من غلواء الدعم الأمريكي لإسرائيل. وكانت الحكومة المصرية أعربت السبت عن تقديرها التام لما أعلنه الرئيس الأمريكي في خطابه بشأن حزمة دعم الاقتصاد المصري. وأكدت في بيان أصدرته وزارة الخارجية أهمية العلاقات الإستراتيجية القائمة مع الولاياتالمتحدة وتطلعها إلى تعزيز هذه العلاقات في المرحلة المقبلة بما يخدم تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة للبلدين ويدعم جهود إحلال السلام والعدل والديمقراطية والتنمية في أرجاء المنطقة بأسرها وهو ما سيعزز بدوره الأمن والسلم الدوليين. في نفس الإطار، ترى الدكتورة هاله مصطفى رئيس تحرير مجلة "الديموقراطية"، أن الدعم الأمريكي للاقتصاد المصري يعد دعما سياسيا في المقام الأول يرجع إلى رغبة واشنطن في تحقيق استقرار سياسي في مصر، بما يخدم مصالح واشنطن في أمن إسرائيل وتأمين مرور السفن الأمريكية بقناة السويس، والحفاظ على أمن واستقرار بلدان الخليج العربي, وهو ما يصيب في مصلحة واشنطن. وأكدت أن واشنطن تدافع عن مصالحها الاستراتيجية، مستنكرة حديث البعض عن تقديم واشنطن رشوة سياسية لمصر، بغية ضمان عدم حدوث تغيير في السياسة المصرية، رافضة الربط بين علاقة واشنطن بإسرائيل وعلاقتها من ناحية أخرى بالدول العربية، باعتبار أن هذا الأمر من أكثر المشاكل التي أثرت بالسلب على علاقات واشنطن بالعالم العربي ويصعب تجازها في ظل استمرار القضية الفلسطينية، مشددة على أن احتفاظ مصر بعلاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة يخدم المصالح العربية. كذلك نظرت الدكتورة منار الشوربجي أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة إلى أن هناك نقاطا إيجابية تضمنها خطاب أوباما، منها إعلانه أن واشنطن ستساعد مصر في إعادة أموالها المنهوبة، وهو ما يعد إقرار من جانبه بوجود أموال منهوبة، معتبرة أن أي دعم أمريكي للاقتصاد المصري يهدف إلى تحقيق مصالح واشنطن، كما تفعل أي دولة تقدم معونات وهو أمر لا تخفيه واشنطن. وأشارت إلى أنه يجب علي مصر أن تعيد بناء علاقاتها مع واشنطن بعيدا عن مقررات التبعية والهيمنة، وأن تقوم العلاقات علي الندبة والاحترام فواشنطن عليها أن تحافظ علي مصالحها ولكن بدون أن تتجاهل مصالح الطرف الآخر. وأكدت ضرورة أن تبذل مصر جهدا لكي تراهن واشنطن علي قوتها وتأثيرها الاستراتيجي بدلا من النظر إليها كعامل لاستقرار أمن إسرائيل، ورأت أن توقيت خطاب الرئيس أوباما واقتراب موعد الانتخابات الأمريكية هو الذي حكم مواقف الرئيس الأمريكي من القضية الفلسطينية وتبنى سقفا أقل في دعم حقوق الفلسطينيين من خطابه الذي توجه به للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة في مايو 2009.