هل هانت مصر علي أبنائها؟ نعم هانت مصر علي الكثير من أبنائها, وهل الشعب المصري عاق بأمه الغالية عليه في ادبياته فقط؟ نعم الكثير من أبناء الشعب المصري عاق بمصر والبقية الباقية مشاركون في العقوق بصمتهم وتخاذلهم تارة وتارة اخري بعدم نصرتها للخروج من محنتها التي شاركنا فيها ايضا بالحضوع والخنوع طوال الفترة الماضية, مصر التي منحت كافة ابنائها خيرها وامنهم, ارضها وحياتهم, عمرها ووجودهم, تبكي لحالها بعد فرح لم يدم طويلا, لن أدخل في جدل بيزنطي حول المتسبب في تفجير وإشعال نار الفتنة الطائفية, والتي ادعو الله أن يحمي مصر منها, ولن اوجه اصابع الاتهام لفئة دون أخري فلا انا ولا انت عزيزي القارئ جهة تحقيق كي نكيل الاتهامات لطرف بعينه. إن مصر تمر الآن بمرحلة من أدق المراحل –بل هي ادق المراحل- في تاريخها الحديث, والامر جد خطير, وهذه المرحلة تستوجب الترفع عن المطالب الفئوية والتسامي عن نظريات الاقصاء والاستقواء وفرض العضلات الشخصية أو المستعارة, وقد يكون لسان حالك يقول انني اساوي بين الجاني والضحية, بين القاتل والمقتول, ولكن يا عزيزي أشد ما اخشي منه هو ان تكون مصر هي الضحية, حينها سيكون الوضع صعب جدا وسوف يصل إلي درجة المأساوية, وسندفع الثمن جميعا وسيكون ثمننا باهظا لن يستطيع احد منا الوفاء به. إن افضل ما نتمتع به جميعا هو الكلام والدفاع عن وجهات نظرنا الخاصة بالحق أو بالباطل, دون أن ندري أننا نقع في نفس الاخطاء التي ننقد الآخرين من أجلها, جل الشعب المصري يتحدث في الاقتصاد والدستور والقانون والكورة والادارة والدين والفلك كخبراء ومتخصصين, وإذا تحدثت مع الكثير ممن يتحدثون في مجال عملهم وتخصصهم فتجدهم خواء,لا ضير في أن تكون ملما وقارئا جيدا في كافة التخصصات, ولكن الاهم أن تكون ماهرا في تخصصك وفي مجال عملك, السر في مأساتنا كما قال نزار قباني "ان صراخنا أضخم من أصواتنا وسيفنا..أطول من قاماتنا..وخلاصة القضية كما قال ايضا نزار ايضا توجز في عباره لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية...القضية اننا نتكلم كثيرا ونعمل قليلا أولا نعمل بالمرة في الوقت الذي يجب أن نكف عن الكلام وننغمس في العمل الجاد والمخلص والمستمر من أجل إعادة البناء لبلدنا الذي انهك وسلب ونهب, ولكننا بإصرارنا علي الدخول في معارك جانبية لا طائل منها بل علي العكس سيكون تأثيرها السلبي رهيب سنخسر جميعا وسخسر كثيرا. اعرف أن كل الانتهازيين يريدون ان يفرضوا واقعا جديدا وأن يحصلوا علي اقصي المغانم والمكاسب والهبات من وطن مازال يمر بمرحلة مخاض وفي أمس الحاجة منا لأن ندفع به للامام ونشد علي يده لا أن نجره إلي الخلف, أو ننزع عنه ثوب الامن والاخاء الذي ظل يرتديه منذ عهد عمرو بن العاص حتي ثلاتين عام مضت, يا ابناء الوطن, مصر تناديكم وترجوكم بأن تتنزهوا عن فرض مطالبكم ورؤيتكم في هذا الوقت الصعب والدقيق, وليحفظ الله مصر من مكر الماكرين وحقد الحاقدين. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية