بيني يدي كتاب بعنوان "الإنسان الحائر بين العلم والخرافة " من تأليف د. عبد المحسن صالح الصادر عن عالم المعرفة بدولة الكويت ، العدد 235 ( يوليو1998م) والكتاب كما هو واضح من عنوانه يناقش المعتقدات الشائعة و الخاطئة المتداولة من العلاج الروحي والجراحات الروحية والعلاجات بالخرافات و القوى الروحية الخارقة مثل ثنى المعادن عن بعد الي الأطباق الطائرة ومثلث برمودا وهل للأهرامات معجزات تعطل الشرائع الطبيعية .... وبمجرد تصفحي لمحتويات الكتاب تذكرت على الفور كاتبنا الكبير أنيس منصور الذي خصص جزءا كبيرا من حياته لعرض هذه الموضوعات (والكسب منها بالطبع) ... وناقش المؤلف باقتدار يحسب له هذه المعتقدات وقام بتفنيدها الواحدة تلو الأخري وتعرض للأستاذ أنيس (بالاسم) بكثير من التفصيل لما كتبه (في الصفحات 102 ، 111 ، 260 ، 263) كما تعرض لغيره ( الدكتور رؤوف عبيد ) إلا ان المؤلف خص الاستاذ/ أنيس بالجزء الاكبر في تفنيد ما جاء في كتب الاخير عن الظواهر الخارقة وبين أن كل ما كتب عن الظواهر الخارقة يدخل في ما يشبه العاب الحواة وشد انتباه الناس إلي أشياء غير حقيقية بالمرة وان أنيس وهو ينقل عن الكاتب( ليال واطسون) في كتابه – فيما وراء الطبيعة - ... جاء كلام د عبد المحسن صالح في الصفحة 263 بالحرف ( لاحظ ان هذا الوصف يختلف في أمور عن الوصف الذي جاء في كتاب أنيس منصور) . والاستاذ أنيس مهما اختلف الانسان مع ما يطرحه الا اننا لا نستطيع ان نغفل دوره و تواجده القوي على الساحة ، ويبدو لفترة ليست بالقصيرة وكأنه تخصص في الكتابة والنقل عن غيره – فيما يخص هذه الظواهر الغير طبيعية - وهي موضوعات تشد انتباه الناس خاصة واننا نبدو امام هذه الموضوعات بعقول طفولية مستعدة لتصديق كل ما يقال خصوصا اذا غلفت بغلالة كاذبة من العلم ، ويحاول الكاتب دائما ان يزاوج بين العلم والخرافة حتى تبدو موضوعاته وكأنها قائمة على أساس علمي .. وهو الشيء الغير صحيح بالمرة. وقد يقول قائل إن انيس منصور لم يبتدع هذه الموضوعات فقد كتب فيها علماء متخصصون ونشروا ابحاثهم على نطاق واسع ... ونرد : وقد ثبت بالدليل العلمي القاطع كذب كل هذه الادعاءات ( راجع كتاب د عبد المحسن الذي اشرنا اليه فى البداية) بل انني ازيد ان ما قام الاستاذ انيس بنقله ... لم يكن دقيقا في نقله حسب ما ذكره د صالح فى الصفحة 263. ونوعية هذه المقالات (عن الظواهر الخارقة) اوجدت لها شريحة كبيرة من القراء تصدق الكاتب فيما يكتبه في هذه الموضوعات وغيرها ... وتقرأ بعجب كيف ان القراء يبدون إعجابهم الشديد بالكاتب ، والكاتب له إسهامات في موضوعات أخري تجد لها رواجا كبيرا بين الشباب خصوصا إذا تحدث عن مارلين مونرو ممثلة الإغراء والتأوهات على الشاشة وكيف انه لا يطيق زوجها ارثر ميلر ! وكيف أنها قالت له : هاى ... انت.. وبالطبع هو يدرك تماما ماذا سوف تفعله هذه الكلمات في قراءه من الشباب ... ولك عزيزى القارئ ان تتعرف على نوعية قراء هذه المقالات .. أنا هنا لا أحقر منهم ولكني اقصد أنهم في مرحلة عمرية معينة وتجد من يتصيدهم بمثل هذه الكلمات والمقالات المثيرة لمن هم فى مثل سنهم . وان يكتب الكاتب في هذه الموضوعات فهذا شأنه ، أما أن ينتقل الى الكتابة فى الشأن العام فذلك ما يستفزك الى اقصي درجة ، فالرجل يكتب كتابة غير مترابطة ، ويبدو انه لا يقرأ ما يكتب .. خذ مثلا ما كتبه عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) : " فالشعب الفلسطيني الذي كفر بحكم فتح عشرات السنين اختار جماعة حماس.. لأنه يريدها ولأنه كفر بفتح.. إنها الديمقراطية التي جعلت شعبا يختار شكلا عنيفا في الحكم.. فلا مشكلة بينه وبين حماس التي اختارها.. والمشكلة هي بين حماس وإسرائيل وأمريكا وأوروبا وكلها تؤمن بالديمقراطية.. ولكن إذا أفرزت الديمقراطية حماس, فهي صورة جديدة من صور الشر القديم.. فلا عيب في حماس.. وإنما هو العيب في الديمقراطية.. أو لا عيب في الديمقراطية.. وإنما كل العيب في حماس التي خدعت شعب فلسطين أكثر شعوب العرب استنارة وثقافة وحقا في الحياة الكريمة! وحماس يجب أن تنظر وراءها في أسف وأمامها في قلق.. لابد أن تعيد النظر.. فهذا جوهر السياسة.. فحماس تري أن مصر دولة الخيانة للعرب.. وتري أن مصر هي الدولة التي أعطت أرض المسلمين للكفار مكتوب كده في دستورها " كلام مليء بأخطاء من كل نوع .. لاحظ كلامه " فلا عيب في حماس " ثم في السطر الذي يليه " وانما كل العيب في حماس" ... ولا تعرف من كلامه في الفقرة السابقة ، هل هو ينتقد الديمقراطية التي أفرزت حماس ، أم ينقل رؤى إسرائيل وأمريكا ام أن هذا هو رأيه... ام ان كل هذه التعرجات في الكلام مقصودة حتى لا ينسب له شيء أو رأي. ثم ما هذه العبارة التي تبدو دخيلة على النص (خدعت شعب فلسطين أكثر شعوب العرب استنارة وثقافة) كيف خدع اذن وهو كما تقول شعب مستنير ومثقف ؟! ام هى محاولة للتقرب للشعب الذي تهاجم خياره . واذا كان الاعلام المصري يحاول جاهدا ان يصور للناس أن مصر مازلت تقود العالم العربي ، وذلك غير صحيح ، فمصر الغائبة والمغيبة عن دورها الطبيعي في الخليج ، غابت لأنها لم تكن مستلطفة أو بالأحري كان هناك حالة نفور من الدور المصري في عهد السادات (في الخليج بالذات) وغيبت بالأمر لأن راعي الحلال جاء يديره بنفسه (أمريكا) وبذلك قدمت مصر خدمة لا يمكن حسابها بأي أرقام لإيران وبدون أي مقابل حتى ولو رمزي ، بل أن الدور المصري في دارفور يبدو كأنه منح لمصر لجبر الخاطر ، وترك الأمر برمته إلى ليبيا التي يبدو أنها ترث الدور المصري الغائب في عموم أفريقيا بعد ان لمست ليبيا وقدرت ان مصر لم تستطع ان ترفع عنها العقوبات او تحل مشكلة لوكربي ، وبرز الدور السعودي في ليبيا ولبنان (اتفاق الطائف) وأصبح منصب امين عام الجامعة العربية مطمح للدول العربية وذلك طبيعي في ظل تراجع التأثير المصري في مجمل القضايا العربية ، ولم يعد أمام السياسة المصرية دور سوي فلسطين (بحكم الجوار الجغرافي) حتى تبدو وكأنها تدير الأزمة وتظل في دائرة الضوء مادامت فلسطين هي بؤرة الاهتمام العالمي – وهو دور مبذول فيه مجهود كبير بالفعل - .... وهنا يجئ كلام أنيس منصور ليشعل فتنة بين الدور المصري ..... المرتجي ...... وصاحب القضية الآن (حماس) وقارن عزيزي القارئ بين كلام أنيس منصور عن حماس وكلام الرئيس السوري بشار الذي صرح بأن الدول العربية كانت تضغط عليه لإخراج حماس من سورية وهو يستغرب الي أين تذهب حماس إذا طلبنا منهم الخروج من سوريا .. هل نرميهم في البحر (تعبير الرئيس السوري) وواضح أن الرئيس السوري وظف الأمر كي يظهر وكأنه هو المنقذ الوحيد ... وغيره تخلي في وقت الشدة ... وفي نفس الوقت يرد بقوة على صفعة ظهور عبد الحليم خدام في قناة العربية . الخطورة في كلام أنيس منصور انه محسوب على النظام وقريب الى حد كبير من دائرة صنع القرار وقد يفسر كلامه على انه يعكس رأي القيادة بدرجة أو بآخري او أن هناك رسالة يراد إيصالها الى حماس... أو أن القاهرة لم تكن تحبذ حماس وكانت تريد استمرار فتح ... أو أن القاهرة تخشي حماس لأنها تري فيها نموذج ممكن تطبيقه فى مصر ( مع الإخوان) وذلك ليس صحيحا ، فمصر ليست فلسطين والإخوان ليسوا حماس وهى كلها تأويلات تضر بالموقف المصري ... فالأمور في مصر تحت السيطرة التامة ، بل وأكثر بكثير من سيطرة الاسرائيليين على فلسطين ، والإخوان ليسوا بحماس ، الإخوان حركة لها تواجد يقرب من الثمانين عاما وقد وعوا وتعلموا تماما كيفية التعامل مع الدولة ، والاخوان ليسوا فى سدة الحكم ، ولن يصلوا لها لا في المنظور القريب أو البعيد فالأمور مختلفة ... ولكن هجوم السيد انيس على حماس بهذا الشكل ، يطرح مثل هذه التأويلات والأسئلة ... ويضر بما هو مخطط له ... بل ويضعف الموقف بشكل عام . وتري أحداثا جساما ، يتعامي عنها سيادته ، فلم نسمع منه ولو تعليق صغير على ما قامت به الدبابات الإسرائيلية من اقتحام المكان الذى كان موجود به احمد سعدات والقبض عليه ، والمقصود طبعا هو إحراج حماس وجرها لرد قد يدينها عالميا وبالتالي يدمر حاضرها السياسي ويرفع الخجل عمن كانوا لا يؤيدون نجاحها . اما تعليق الكاتب المذكور على المحجبات .......... فهو شأن آخر ... قبل الخوض في موقف صاحبنا من الفنانات التائبات - في مقالة قادمة- (أصلح الله حالهم أن شاء الله ) يبدو أن هناك حملة منظمة ضد المنقبات ... ففي نفس التاريخ تقريبا خرجت علينا صحيفة (المصري اليوم) بمقالة طويلة تستهجن هذا الظهور الغير مبرر لمنقبة بمارينا وكأن هذا أعتراف لا يحتاج الى تأكيد من صاحبة الرسالة التى ارسلتها الى كاتب المقالة الاستاذ حمدي رزق فى (المصري اليوم) عن ان مارينا مكان للهو واللعب والعري وليس مكان للمنقابات ... وهى تحذر بشدة من اقتحام المنقبات وما سوف يستتبع ذلك، والخوف الشديد على مستقبل مارينا ، وفى نفس التوقيت هناك مقالة للرجل الذي كنت احسن الظن به كثيرا د وحيد عبد المجيد فى صحيفة القاهرة وهو يحكي عن صديقه الذي سأله في استنكار : ماذا تفعل إذا استيقظت ذات صباح فوجدت زوجتك وقد أصابتها موجة التدين الشكلي الطقوسي فصارت امرأة أخري غير تلك التي تعرفها. ماذا افعل ...... احمد الله يا دكتور عبد المجيد .. حتى ولو كان تدينها شكليا كما يبدو لصديقك اذا كان فعلا هناك صديق قال لك ذلك .... قبل ان اختم المقال اريد ان اشير الى جزء جاء فى مقال الاستاذ انيس اعطاه سيادته رقم (3) جاء فيه: وانما لدينا استعداد عظيم للايمان بالخرافات. هل اقدم لك امثلة. لا لا تقل لي شيء فى تلك انا اصدقك تماما ومتفق معك واذا جاء هذا القول من سيادتكم فأنا غير محتاج لأمثله . [email protected]