الغموض هو شعار المرحلة الحالية، بعدما أضحى يخيم على المشهد السياسي في مصر، لاسيما الانتخابات الرئاسية حاليًا، إذ لم ينجح إعلان الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق في عدم خوضه انتخابات الرئاسة، وما تلاه من تبنى الفريق أحمد شفيق نفس الخطوة، وما أعقبه من تأكيد المرشح الرئاسى السابق خالد على عدم خوضه الانتخابات الرئاسية باعتبارها "مسرحية هزلية" في تجلية هذا الغموض ودفع المشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع إلى حسم موقفه وإعلان ترشحه للرئاسة فى وقت يتبرع من يعتبرون أنفسهم مقربين منه وفى مقدمتهم الكاتب مصطفى بكرى على نشر تسريبات منذ عدة أسابيع عن أن المشير سيستقيل خلال ساعات وسيعلن الترشح بشكل رسمى وهى أشياء لم تتأكد حتى اللحظة. وأفادت مصادر مقربة من المؤسسة العسكرية، أن هناك مخاوف نقلها السيسى لجهات عربية وغربية من أن استقالته من منصبه وإعلان ترشحه للرئاسة ستفجر الوضع فى الداخل، وستعطى الفرصة لجماعة "الإخوان المسلمين" وحلفائها لمضاعفة عمليات العنف لجر البلاد أكثر إلى الفوضى، وهو ما يدفع المشير إلى التريث واختيار الوقت المناسب باعتبار أن استمراره فى قيادة القوات المسلحة حتى آخر لحظة يضمن الاستقرار فى هذه المؤسسة لسنوات قادمة، لاسيما أن إجراءه حركات تغييرات فى الهياكل القيادية قد جاء لرفع الحرج عن وزير الدفاع القادم. ويسعى السيسى إلى الاحتفاظ بمنصب وزير الدفاع المحصن بحكم الدستور لمدة ثمانى سنوات، والدفع بأحد الشخصيات العسكرية المقربة منه لخوض معركة الرئاسة قد يكون من بينهم اللواء مراد موافى رئيس المخابرات السابق،والذى يرتبط بصلات وثيقة مع المشير، بعد تمهيد الأرض له بانسحاب شفيق وعنان من السباق الرئاسي. وذكرت المصادر، أن السيسى يجرى مشاورات حاليًا مع عدد من القوى الحليفة للتشاور حول القرار الأنسب لاتخاذه، وكان هذا الملف حاضرًا بقوة خلال زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة ولقائه بولى عهد أبوظبى محمد بن زايد وعدد من وزراء الخارجية العرب الذين زاروا القاهرة على هامش المشاركة فى الدور العادية لوزراء خارجية الدول العربية إلا أن هذه المشاورات لم تؤد إلى حسم الموقف بالنسبة للاستحقاق الرئاسي. ورأت المصادر، أن مخاوف المشير من مرحلة ما بعد استقالته من وزارة الدفاع وبين وصوله لسدة الرئاسة يمكن أن تشهد تطورات دراماتيكية خلال المرحلة القادمة، فضلاً عن التكلفة الباهظة لتأمين تحركات المشير خلال حملاته الانتخابية، والتى قد يجد صعوبة فى توفير تمويل لها، لاسيما أن القوات المسلحة هى من تتحمل تكاليف حمايته حاليًا وهو ما يدفعه لتأخير الاستقالة. من جانبه، قال اللواء سامح أبو هشيمة الخبير الاستراتيجي، إن المشير عبدالفتاح السيسى هو من سيحسم إمكانية خوضه الانتخابات الرئاسية فى التوقيت الملائم له، حيث لن تفرض عليه من أسماها القوى المتطرفة التوقيت المناسب للترشح مستغربا بشدة الضجة المثارة حول عدم ترشح المشير لانتخابات الرئاسة فى وقت لم يفتح باب الترشيح بشكل رسمى ولم تنته الضجة حول قانون الانتخابات الرئاسية وخصوصًا مادة تحصين أعمال اللجنة العليا للانتخابات. إلى ذلك، أكد عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التى أعدت الدستور الجديد أن العمل يجرى على قدم وساق للانتهاء خلال أيام من صياغة رؤية المشير السيسى كمرشح رئاسي والأسس التى يعتمد عليها برنامجه. وقال موسى خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط: من الواضح أن المرشح المحتمل الذى يتمتع بتأييد شعبى كبير يتجه إلى أن تقوم رؤيته على محورين أولهما: إعادة بناء الدولة على أسس حديثة آخذا فى الاعتبار التكليفات التى أقرها دستور 2014 وألزم بها الدولة وثانيهما أن يشرك المشير الشعب فى تفاؤله بالنسبة للمستقبل من حيث التنمية الشاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية مع وضعه فى الصورة بكل شفافية بحقائق الوضع الاقتصادى والظروف التى تمر بها البلاد . وأشار إلى أن البرنامج سوف يحدد إطار رؤية المرشح لإعادة البناء وتحقيق الرخاء للناس وضمان الحياة الكريمة لهم إلى جانب احترام الحقوق والحريات التى جاءت فى الدستور الجديد وعلى رأسها عدم التمييز بين المواطنين وتكافؤ الفرص بينهم, وحرية الرأى والاختلاف السلمي فى ضوء محددات رئيسية تقوم أساسا على أولوية تحقيق العدالة الاجتماعية والنمو المتوازن جغرافيا وقطاعيا حفاظا على حقوق ومصالح الجيل الحالى والأجيال القادمة خاصة فى ضوء الزيادة المتوقعة فى عدد سكان مصر. وقال إن البرنامج الذي تتم بلورته للمشير السيسي يتضمن خطة طموحة مقترحة لإعادة صياغة الخريطة التنموية والاستثمارية لمصر, عبر إجراء تعديلات جذرية على عدد المحافظات وعلى حدود اغلبها بما يتضمنه ذلك من تغيير فى الخريطة الإدارية أيضا، حيث ينتظر أن تمتد حدود بعض محافظات الصعيد شرقا وغربا توسيعا لآفاق العمل والإنتاج. وأضاف أن مجموعة من الشخصيات العامة والخبراء يشاركون فى مناقشات مكثفة تتعلق ببرنامج التنمية والإصلاح وإنجاز البرنامج الانتخابي .