من المقرر أن يُعلن اليوم عما يسمى ب"الإعلان الدستوري"، متضمنا المواد الثماني المعدلة، التي أُقرت في استفتاء 19 مارس، فضلا عن مواد أخرى مضافة.. قال موقع التليفزيون الرسمي، أنها تتعلق بالحريات العامة وبعض المواد الأخرى التى تنظم طريقة الحكم والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر إلى جانب بعض المواد الخاصة بالحياة السياسية والسلطة التشريعية وطريقة تنظيمها والقوانين المنظمة للعمليات الانتخابية. الملاحظ أن المادة الثانية لم ترد من بين المواد التي ذكرها موقع التليفزيون الرسمي، ولا ندري ما إذا كان قد أصابها التعديل الذي اقترحه يحيى الجمل، أم ستظل كما هي خوفا من إثارة فتن متوقعة. عشية الكشف عن "الإعلان الدستوري" شهدت ألمانيا جدلا بشأن هويتها، بمناسبة انطلاق فعاليات "مؤتمر الإسلام" في برلين تحت رئاسة وزير الداخلية الألماني ""هانز بيتر فريدريش".. الأخير كان عقب توليه منصبه قد أثار موجة من الانتقادات بسبب تصريحاته الّتي قال فيها "إنّه لا يوجد دليل تاريخي يدل على أنّ الإسلام جزء من ألمانيا". الوزير الألماني يوم أمس الثلاثاء عاد وكرر تقريبا ما قاله في السابق، وأدلى بتصريحات للقناة الأولى في التليفزيون الألماني (إيه.أر.دي) قال فيها: "طابع البلد وثقافته الممتدة عبر عقود كثيرة ومعايير القيم فيها هي مسيحية غربية". كلام "فريدرش" يأتي متسقا مع موقف رئيسة الوزراء الألمانية "انجيلا ميركل" والتي أكدت فيها بأنها لن تسمح بأن تعتلي مآذن المساجد أبراج الكنائس حفاظا على الهوية المسيحية لألمانيا. ثمة وعي عام في أوروبا، بأن "قلق الهوية".. يفرض على السياسات الرسمية بأن تحافظ على هويتها المعمارية أولا على نحو يحفظ التفوق لمظهرها المسيحي، ويُبقي على التعبير الرمزي الإسلامي، وحضوره في إطار يراعي الأوزان النسبية للطوائف، والذي يأتي منطقيا لصالح الأغلبية المسيحية. المسألة هنا لا تتعلق بدولة غربية معينة، بل إن هذا القلق يمتد إلى العواصمالغربية كلها بما فيها عاصمة "التنوير" باريس.. والتي تمثل مركزالثقل العلماني في أكثر صوره تطرفا، أو ما يسميه الجزائريون والمغاربة عموما ب"العلمانية اللائكية". وهذا المنحى طبيعي، ولا يتعارض مع مفهوم "الحداثة السياسية" لأن هوية الدولة تظل خارج لعبة المشاغبات الفكرية وهي في منزلة "المُثل العليا" المستقرة في الوجدان العام، ولا يجوز طرح الأسئلة بشأنها مجددا. وباختصار فإن "الهوية" إحدى ثوابت "الأمن القومي"، وأية محاولة للعبث بها، أو وضعها موضع التحريف والتبديل يعتبر اعتداءا خطيرا على "الأمن القومي" ينبغي التصدي له وبقوة. وانطلاقا من هذا الوعي فإن يحيى الجمل، بما اقترحه بشأن "مادة الهوية" في الدستور المصري "المادة الثانية" يعتبر قد اقترف جريمة "أمن دولة" يستحق عليها المساءلة .. بالاضافة إلى التفكير جديا في امكانية إحالته إلى المكان الذي يستحقه وهو "مقهى المعاشات". [email protected]