تشهد مؤسسة "الأهرام" حالة من الغليان جراء تغطية أحداث الثورة الشعبية التي شهدتها مصر وأدت إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك مساء الجمعة بعد احتجاجات استمرت 18 يومًا، وسط مطالبات من جانب الصحفيين بأن يتم نشر اعتذار للشعب المصري عن ذلك، وإصدار قرار بإقالة قيادات المؤسسة. واجتمع العديد من الصحفيين الأحد لليوم الثاني لنشر الاعتذار على صفحات "الأهرام" – أوسع الصحف المصرية انتشارًا- للشعب المصري عن مهاجمة الثورة الشعبية، خاصة في بداية الثورة وقبل اندلاعها، في مبادرة اقترحعها أكثر من 300 صحفي قاموا بالتوقيع على بيان بهذا الخصوص. لكن القائمين على السياسة التحريرية ل "الأهرام"، وعلى رأسهم الدكتور عبد المنعم سعيد وأسامة سرايا وحازم عبد الرحمن وعبد العظيم درويش رفضوا مبادرة الصحفيين لتقديم الاعتذار للشعب المصري. وكان مجموعة من شباب الصحفيين ب "الأهرام" ممن شاركوا في الثورة بشكل فردي، أو ممن سعى لتغطية الثورة بشكل محايد اجتمعوا في قاعة محمد حسنين هيكل وطالبوا بإقالة أسامة سرايا وعبد المنعم سعيد وطارق حسن وجميع رؤساء تحرير إدارات الإصدارات ب "الأهرام". واتهم الصحفيون الأسماء المذكورة بأنها قامت بتضليل الشعب المصري، فضلا عن كونهم أعضاء بالحزب "الوطني" الحاكم حزب الرئيس المخلوع حسني مبارك، وطالب بعضهم بتقديمهم إلى المحاكمة. و"المصريون" تنشر نص البيان الذي رفضت "الأهرام" نشره على النحو التالي: إعتذار وتوضيح من صحفيي "الأهرام" يعتذر صحفيو " الأهرام " الموقعون على هذا البيان للقارئ والشعب المصري العظيم على السياسة التحريرية غير المهنية وغير الأخلاقية التي اعتمدتها قيادة المؤسسة والصحيفة في تغطية ثورة 25 يناير 2011 . وهي السياسة التي أساءت الى سمعة "الاهرام"ومكانته في الداخل والخارج. ويوضح الصحفيون أن " الأهرام " عاش على مدى عشرات السنين من حكم الاستبداد والفساد رهينة قيادات اختيرت على اسس غير مهنية ، وحيث كان المعيار هو الولاء للحاكم الفرد واسرته وللحزب الحاكم ولأجهزة الأمن، وفي ظل هذه الظروف الخانقة جرى تغييب الحقائق وتزييف المعلومات و أصبح الرأي مقيدا على صفحاته ، واخففت الجريدة في ان تعكس تنوع وحيوية الآراء والاتجاهات في المجتمع،. بل و تدهور الأداء المهني الى حد ارتكاب اخطاء إملائية ومطبعية في صفحاته الأولى، ودون أن تعرف قيادة المؤسسة والجريدة فضيلة الاعتذار للقارئ. ويوضح الصحفيون أن أبناء المؤسسة أنفسهم دفعوا ثمن هذه السياسات المشينه من تفاوت رهيب في الأجور والدخول، كما أن العديد من الكتاب والصحفيين عانوا من "حرمان مهني"، حيث احتكر نفر من المقربين للنظام الدكتاتوري بحاكمه الفرد وأسرته و حزبه الحاكم وأجهزة أمنه مساحات النشر وحجبوا فرصه عنهم، ومارسوا رقابة كريهة على المعلومات والآراء وقمعوا حرية زملائهم في التعبير. وكغيرها من مؤسسات الدولة فقد أدير "الأهرام" في غياب الديموقراطية والشفافية والرقابة الماليه الفعالة، في ظل حديث عن فساد ونهب وامتيازات بالمخالفة للقانون وبغير وجه حق، بل شاع الخلط بين الإعلان والتحرير على صفحات "الأهرام" ومطبوعاته الأخرى وعمل محررون كمستشارين لوزراء ورجال اعمال وشركات ومصالح محلية وأجنبيى في انتهاك سافر للقانون وميثاق الشرف الصحفي. ولقد نهض عشرات من صحفيي "الأهرام" كصوت ضمير فأصدروا بيانا للرأي العام في 30 يناير الماضي يتبرأون فيه من سياسة التحرير ويتبنون مطالب الثورة كاملة، لكن قيادة "الأهرام" أمعنت في غيها وأصدرت تكذيبا لم يكن هو إلا الكذب بعينه، كما شارك العديد من صحفيي "الأهرام" زملاءهم في المؤسسات الصحفية القومية الأخرى في التقدم ببلاغ الى النائب العام في 9 فبراير الماضي يطالبه بمنع رؤساء الادارة والتحرير الحاليين والسابقين في عهد مبارك من السفر احترازيا والتحقيق في مشروعية ثرواتهم. ويتعهد الصحفيون بالعمل على اصلاح شأن مؤسستهم و اعادة المصداقية إلى "الأهرام" في ظل هذه الثورة العظيمه، وأن تنحاز المؤسسة وإصداراتها إلى الشعب، تعكس حضارته وتنوع اتجاهاته، لا أن تكون بوقا لأي حكومة أو حاكم، وهم على وعي بأن "الأهرام" يحتاج إلى تغيير في السياسات والمنهج لا الوجوه فقط من أجل مشاركة المصريين في بناء دولة مدنية ديموقراطية ومجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية والوطنية.