رسائل كثيرة وصلتني في الأيام الماضية تعقيباً علي ما كتبته في نفس المكان قبل أسبوعين تحت عنوان "الظواهري والإخوان" والذي أشرت فيه إلي الخلافات الشديدة بين الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين من جهة وأيمن الظواهري الرجل الثاني بتنظيم القاعدة من جهة أخري.. غالبية الرسائل اتفقت مع وجهة نظري تماماً بأن الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية لا علاقة لهما من قريب أو بعيد بحادث الاعتداء الذي تعرضت له كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة الاحتفال برأس السنة وأن كل المؤشرات تشير إلي تورط تنظيم القاعدة في ارتكاب الحادث. واستجابة لطلب عدد كبير من القراء الأعزاء أقدم في السطور التالية نبذة مختصرة عن علاقة جماعة الإخوان المسلمين مع أيمن الظواهري الرجل الثاني بتنظيم القاعدة والخلافات الشديدة التي وقعت بينمها. رغم أن مؤلفات سيد قطب هي التي أثرت في فكر أيمن الظواهري ودفعته إلي تشكيل أول قوات للحركة الجهادية المعاصرة في مصر وهو لا يزال طالباً بالمرحلة الثانوية إلي أن أصبح القائد الفعلي لتنظيم القاعدة العالمي إلا أنه اعتاد شن حملات عدائية واسعة النطاق علي جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها بل أصدر العديد من المؤلفات والنشرات التي تتضمن هجوماً عنيفاً عليهم وانتقادات لاذعة لهم وصلت إلي حد مطالبتهم بإعلان توبتهم علي الملأ. كان أول خلاف بين الظواهري وجماعة الإخوان المسلمين بعد حادث المنصة مباشرة عندما شن هجوماً عنيفاً علي مرشدها العام - في ذلك الوقت - الشيخ عمر التلمساني بسبب تصريحاته بأن السادات قتل مظلوماً وشبهه بالخليفة الثالث المبشر بالجنة فبعث الظواهري رسالة شديدة اللهجة إلي مجلة "الدعوة" الناطقة باسم الإخوان المسلمين تستنكر تصريحات مرشدها العام. ورغم أن سفر الظواهري لأول مرة إلي افغانستان عام 1980 كان علي أيدي جماعة الإخوان المسلمين ضمن قافلة طبية إغاثية لعلاج المجاهدين الافغان إلا أن ذلك لم يشفع لهم عنده بل اتخذ من أراضيها عقب عودته إليها مرة أخري في منتصف عام 1986 مركزاً لهجومة العنيف عليهم عندما أصدر كتابه "الحصاد المر.. الإخوان المسلمين في 60 عاماً" وقام بترويجه بصورة واسعة في افغانستان وباكستان ومصر والعديد من الدول العربية والإسلامية. يري الظواهري في كتابه "الحصاد المر" أن الإخوان المسلمين لم تتحرك باتخاذ أي إجراءات عقب وفاة كمال السنانيري في السجن أثناء حبسه رغم علمهم التام - علي حد قوله - أنه مات نتيجة التعذيب. ورغم هجوم الظواهري علي الإخوان إلا أنه خصص جزءاً كبيراً من أحد فصول كتابه للإشادة بكمال السنانيري وقصة وفاته داخل السجن وقال: "اعتقل كمال السنانيري في سبتمبر عام 1981 وبعد اغتيال السادات أدرك النظام أن أجهزة الأمن كانت آخر من يعلم عما يدور في مصر من غضب مكتوم - علي حد قوله - بل بلغ الأمر بجهل المباحث بما يدور في مصر أنها طمأنت السادات بأن حملتها لاعتقال المعارضين في سبتمبر عام 1981 قد أمنت البلد لصالحه من المعارضة السياسية عامة والإسلاميين خاصة". ويقول الظواهري: "لذا سارعت المباحث إلي بدء تحقيق جديد مع الإخوان رغم قناعتها السابقة أنهم مسالمون وركز التحقيق علي الصفين الثاني والثالث وكان من أهمهم كمال السنانيري لعدة اعتبارات منها أن المرشد العام عمر التلمساني كان كهلاً لا يحتمل التعذيب بالإضافة إلي وضعه المعنوي كمرشد عام للإخوان الأمر الذي يورط النظام في الكثير من المشاكل.. كما أن النظام كان يعلم أن مفاتيح الأمور وتفاصيل أنشطة الإخوان لم تكن بيد عمر التلمساني ومنها النشاط الكبير الذي كان يقوم به كمال السنانيري في تحقيق الاتصال بين الإخوان في مصر والتنظيم الدولي في الخارج ورحلاته المتكررة في هذا الصدد وقصة تبنيه لقضية افغانستان وريادته في دعم الجهاد الافغاني والاتصال بقادته. ويري الظواهري أن بصمات كمال السنانيري كانت واضحة في افغانستان وأن قادة المجاهدين كانوا يشيدون به لجهوده في التوحيد بينهم.. للحديث بقية مادام في العمر بقية إن شاء الله. [email protected]