أسعار الذهب في الصاغة اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الجمعة 20-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    دبروا احتياجاتكم.. قطع المياه 5 ساعات عن 11 منطقة بالدراسة في القاهرة السبت    أسعار الدولار فى البنوك اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    مصابون في قصف إسرائيلي استهدف حي الزيتون جنوب غزة    وزير الاقتصاد التايوانى يكشف معلومات جديدة علن تصنيع أجهزة "بيجر"    موعد مباراة الأهلي وجورماهيا الكيني والقنوات الناقلة    إيقاف تشغيل بعض القطارات بدءا من اليوم، تعرف عليها    «آخر أيام الصيفية».. غيوم وأتربة وارتفاع درجات الحرارة    بيان عاجل من النقل بشأن استعداد السكة الحديد والمترو للعام الدراسي الجديد    انطلاق فعاليات مهرجان سماع الدولى للإنشاد على مسرح السور الشمالي فى دورته ال17 الليلة    موعد مباراة شباب بلوزداد واتحاد دوانس في دوري أبطال افريقيا    حسن نصر الله يكشف عن رسالة تلقاها بعد انفجارات أجهزة «بيجرز» في لبنان    3 قرارات داخل الأهلي قبل لقاء الزمالك في السوبر الأفريقي    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 20 سبتمبر 2024    سورة قرآنية داوم على قراءتها يوميًا.. تقضي بها الحوائج    بدون سكر أو دقيق.. وصفة حلويات مليانة بروتين وبسعرات حرارية قليلة    5 أسباب لحدوث الإغماء المفاجئ ويجب اللجوء للطبيب فورا    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: ارتفاع الأسعار ونداء عاجل للحكومة.. تصريحات الفيشاوي ونهاية تخفيف الأحمال    موعد مباراة الأهلي وضمك اليوم في الدوري السعودي.. والقنوات الناقلة    الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعًا وخيانة للأمانة (فيديو)    «دمعتها قريبة».. عبدالباسط حمودة يكشف عن أغنية أبكت ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بعد خفض الفائدة الأمريكية    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: جدري القردة خارج نطاق السيطرة    التوت فاكهة الغلابة.. زراعة رئيسية ويصل سعر الكيلو 40 جنيه بالإسماعيلية    حرب غزة.. قوات الاحتلال تنكل بجثامين الشهداء الثلاثة في قباطية    دعاء يوم الجمعة.. أفضل ما يقال للرزق والسنن المستحبة    بالأسماء| انتشال جثة طفل والبحث عن شقيقته سقطا في ترعة بالزقازيق    وينسلاند: التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة يغير المشهد ويزيد تعميق الاحتلال    رابطة الأندية تكشف سبب تأخر تسلم درع الدوري ل الأهلي    ترامب يثير الجدل بتصريحاته عن إسرائيل: أفضل صديق لليهود    مقتل شاب على يد جاره في مشاجرة بدار السلام    الرئيس التنفيذي لشركة نايكي الأمريكية يعتزم التقاعد    صفارات الإنذار تدوّي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    عبدالباسط حمودة: أبويا كان مداح وكان أجري ربع جنيه في الفرح (فيديو)    دينا: ابني فخور بنجاحي كراقصة    قرار جديد من وزير التربية والتعليم قبل بدء العام الدراسي المقبل 2025    مفصول من الطريقة التيجانية.. تفاصيل جديد بشأن القبض على صلاح التيجاني    قبل بدء الدراسة.. العودة لنظام كراسة الحصة والواجب في نظام التعليم الجديد    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    رانيا فريد شوقي عن بطالة بعض الفنانين وجلوسهم دون عمل: «ربنا العالم بحالهم»    الداخلية تكشف كواليس القبض على صلاح التيجاني    بعد القبض عليه.. تفاصيل القصة الكاملة لصلاح التيجاني المتهم بالتحرش    الداخلية: فيديو حمل مواطنين عصى بقنا قديم    أحمد فتحي: أنا سبب شعبية هشام ماجد (فيديو)    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيل كيبيل : الظواهرى هو الحقيقة الوحيدة التى تبقى من القاعدة
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 12 - 2009

قبل أن يعلن تنظيم القاعدة عن نفسه فى هجمات سبتمبر 2001، قال الباحث الفرنسى المتخصص فى ظاهرة الإسلام السياسى جيل كيبيل إن «الحركات الإسلامية المتشددة فى سبيلها للانحسار».
وقبل أيام عاد كيبيل إلى القاهرة، وفى منزل السفير الفرنسى المطل على نيل الجيزة الرحب، التقت «الشروق» بالرجل الذى كان شاهدا على اغتيال الرئيس السابق أنور السادات على أيدى «متشددين دينيين»، والمشغول حاليا بأكثر من سؤال يخص الواقع المصرى، وخريطة حركات الإسلام السياسى فى العالم.
فى هذا الحوار يستعرض كيبيل ما جرى لتنظيم القاعدة، وكيف التهمته «فتنة داخلية»، أدخلته فى صراعات بعيدة عن الهدف الذى قام عليه بالأساس، و«عوضا عن حشد الجماهير انشغل التنظيم بمعركة داخلية، فانقسمت الحركة وتهمشت».
يعتبر كيبيل أن كل ما تبقى من القاعدة فعليا هو بيانات واجتهادات الظواهرى، الذى لم يسلم من آثار الهجوم الكاسح عليه، من جانب الدكتور فضل منظر الجهاديين فى مراجعاته، ووصفه للظواهرى وشركاه بأنهم قتلة يسفكون دماء المسلمين.
هل مازلت تعتقد فى انحسار الحركات الإسلامية المتشددة كما كنت تعتقد قبل أحداث 11سبتمبر؟
بعد 11سبتمبر تعرضت لهجوم من جميع الجهات لأنى كنت تحدثت عن انحسار الحركات الجهادية.
أنا لم أقل قط إن الحركة الجهادية اختفت، ولكن شرحت أن الصراع الداخلى داخل هذه الحركة سيتفاقم، وأن الجهاديين سيدخلون فى مسار طائفى ينتهى بهم فى عزلة ما، وأن هذا سيضرب الحركة من الداخل ويشجع حركات إسلامية أخرى على الذوبان فى الديمقراطية.
كما حدث فى تركيا مثلا. وهذا ما نراه اليوم فى مصر، عند مؤسسى حزب الوسط مثلا رغم رفض الدولة الوصول إلى تسوية مع الإخوان المسلمين.
وهو ما نراه أيضا عند هذا الجيل الجديد من الإخوان أمثال عصام العريان. وهذا الاندماج للإخوان السابقين نراه مثلا فى المغرب والكويت.
هل الانحسار العام فى «الحركات الإسلامية» يعنى فقط تراجعا لتنظيم القاعدة على أساس أنه الجماعة الأم، أم أنه يشمل الحركات الأخرى؟
ربما يكون الأمر مختلفا بالنسبة لحركة طالبان، فما يحدث هناك الآن ليس سوى مجرد البداية.
أما تنظيم القاعدة فقد انهار على الأقل فى العراق، لأن رجاله حاولوا أن تكون العراق هى أفغانستان الثانية ولكن هذه المرة ضد الأمريكان وليس السوفييت، بمعنى أن العراق جزء من «دار الإسلام» تحت الاحتلال «الصليبى» وبالتالى يصبح الجهاد فرض عين، ضد الصليبيين غير المؤمنين الذين اجتاحوا العراق.
كانت هذه رؤية أيمن الظواهرى المفكر الحقيقى للقاعدة، لأنى أعتقد أن تأثير بن لادن كان ثانويا فى هذا الشأن.
على أى أساس تعتقد أن أيمن الظواهرى هو الرأس المدبر للقاعدة منذ البداية؟ هل استنادا إلى كتابه «فرسان تحت راية النبى»؟
نعم، لهذا الكتاب أهمية كبيرة لأنه يشرح فيه كل الفكر وراء عمليات 11 سبتمبر، ولكن استنادا أيضا على كل المعلومات التى توفرت لاحقا عن التنظيم وعن العلاقة بين أعضائه وأعتقد أن الظواهرى سرعان ما تفوق فكريا على بن لادن. بن لادن كان يملك المال لكن الظواهرى هو العقل.
وفى كتابه الثانى «الولاء والبراء» يشرح أن غزو العراق قادم، وأن الأمر يشبه احتلال هولاكو لبغداد وأنه يجب الاستعداد للمقاومة وهذا ما أشرحه فى كتابى «الإرهاب والشهادة». وهكذا يتحدث الظواهرى عن إقامة الخلافة الإسلامية فى العراق بما يسمح بإعادة غزو وتحرير سائر المنطقة. وفى هذا السياق فإن تحرير فلسطين لن يأتى من خلال حماس، وهى حركة من الإخوان المسلمين، وبالتالى ينظر إليها الظواهرى على أنها باعت نفسها للكفار.
وما لم تفهمه القاعدة، أن سنة العراق ساندوهم فى البداية، لإنهم لم يحصلوا على شىء من التقسيم الذى حدث. فقد أعطى الأمريكيون ثلثى البترول للشيعة والثلث للأكراد ولا شىء للسنة، وبالتالى فقد حاولوا منع الآخرين من الحصول عليه حتى تم الاتفاق من جديد وأعطيت لهم حصة مقابل وقف العنف.
ولأن الاتفاق لم ينفذ فالعنف مازال مستمرا فى العراق. أعتقد ببساطة أن فى لحظة ما لم يكن لهذه الحركات أو الجماعات السنية أن تستمر من دون دعم من القوى السياسية فى الخليج. وقد تم الاتفاق على وقف العنف فقط عندما أثبتت دول الخليج أنها فقط هى التى تمتلك القدرة على وقف التمرد. لقد قال لى عدد من القيادات فى السعودية: إذا كان الأمريكيون يريدون وقف العنف فى العراق فعليهم الحديث معنا.
لكن الأمريكيين فضلوا فى البداية الحديث مع إيران؟
صحيح. وهذا ما لفت انتباهى فى حقبة المحافظين الجدد.
ذهبت لمقابلة بول وولفوفيتز نائب وزير الدفاع الأمريكى فى البنتاجون وأثناء الانتظار، كان هناك رجال يتحدثون العربية بلكنة عراقية ومنهم يرتدون زى رجال الدين الشيعة. وعندما التقيته أعربت له عن اندهاشى، خاصة أننا فى مكان رسمى وكان الشيعة مصدر رعب لهم.
ولكنه قال لى: لا، إنهم رائعون، لقد صفقوا لى 17 مرة، هم يمثلون التيار العصرى. وللحظة اعتقدت أن الشيعة مثل اليهود، شعب تعرض لشكل من الاضطهاد، بنى هويته حول النخبة المثقفة، الحاخامات من جهة وآيات الله من الجهة الأخرى، إذ لم يكن لهم سبيل للدولة.
فى مراحل لاحقة أصبح بعض أبنائهم من القيادات الاشتراكية والماركسية، ولكنهم حملة الحضارة. وهذا ما حاوله مع الأمريكيين أحمد الجلبى، «المعارض العراقى السابق لصدام حسين، والرئيس الحالى للمؤتمر الوطنى العراقى». كان يتحدث معهم عن دولة عراقية شيعية حديثة، ستكون بمثابة عقاب للقادة المحافظين فى الخليج، لأن أحداث 11 سبتمبر وقعت بسببهم ونتيجة لنظامهم التعليمى كما أن هذا النموذج سيبهر المجتمع المدنى الإيرانى، عندما يجدون دولة ديمقراطية شيعية على الحدود معهم وبالتالى سيعملون على إسقاط نظام الحكم الدينى فى ايران.
من الناحية النظرية ليس هذا غباء تماما، لكن الشيعة ليسوا مثل اليهود، بالإضافة إلى أن الفكرة انطلقت من فرضية أن عراقا شيعيا لن يكون على خلاف كبير مع إسرائيل ودون أن يدركوا أن أصحاب السلطة الشيعية فى العراق على صلة وثيقة جدا بالدوائر الإيرانية.
الأشياء تتحرك اليوم، ولكن لا شىء مؤكد.
فى أى اتجاه تتحرك الأشياء؟
فى اتجاه أن بعض العراقيين الشيعة يحاولون فصل أنفسهم عن الوصاية الإيرانية. وحسب فهمى قد يزداد هذا الاتجاه خاصة لو شاهدنا عملية من العقوبات المتصاعدة ضد إيران، وتعمل على فرض طوق من العزلة على النظام لإجباره على الإذعان، بعد أن فشلت سياسية الأيدى الممدودة لأوباما، الذى كان يهدف إلى تعزيز فرصة فوز موسوى أى مجموعة رافسنجانى الإصلاحية. وكان نتيجة ذلك إعادة تعبئة المتشددين الذين رأوا فى الأمر خطورة كبيرة، ونجحوا فى إقناع خامنئى بالانضمام إلى صفوفهم.
وهل هذا يعنى الحديث عن حركات شيعية متشددة خارج إيران؟
وجدت حركات التطرف السنية نفسها فى المقعد الخلفى بعد تطورين كبيرين فى السنوات الأخيرة، الأول هو حرب ال33 يوما (فى صيف 2006) فى لبنان، والثانى هو فشل القاعدة فى العراق بعد تخلى السنة عنهم، وأوضح مظهر لذلك كان «بيع الزرقاوى».
أصبحت القيادة فى طهران من خلال رجالها فى المنطقة. نحن نتحدث عن حزب الله الذى تجاوز حجمه الشيعى ليصبح ليس رمز المقاومة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وأيضا رمزا يتوجه إلى قطاع من حركة اليسار فى العالم العربى. هو أشبه بتشى جيفارا.
الأمل للجماهير العربية اسمه حسن نصر الله.
فى حين ينظر إلى بن لادن على أنه عروسة ماريونت، لأنه كان يقبض من الأمريكيين خلال الجهاد ضد السوفييت. وهذا أصاب الزعماء فى المنطقة بالقلق وبدأت كل هذه الحملة ضد الهلال الشيعى.
إذن لدينا طهران وحزب الله؟
هناك أيضا حركة حماس التى تحظى بدعم من إيران ولكنى لا أعتقد بصحة المقارنة بين حزب الله وحماس.
حزب الله تربطه بطهران علاقة المركزية الديمقراطية، شىء أشبه بما كان يربط الحزب الشيوعى الفرنسى بموسكو فى البداية. فى حين تموج حركة حماس بتيارات كثيرة، بعضها جهادية والبعض الآخر يرغب فى الاندماج مع فتح فى قيادة مشتركة مع محمود عباس أو مع مروان البرغوثى، خاصة إذا تمت صفقة الإفراج عنه.
أنا قادم من المنامة حيث شاركت فى حوار شارك فيه وزير الخارجية الإيرانى، وما يلفت نظرى اليوم، أن الحركة الخومينية أو ما بعد الخومينية تشبه ما تبقى من الستالينية. أنا أتحدث هنا عن طريقتهم فى الكلام والرطانة وطريقتهم فى مراقبه بعضهم وزيهم المتشابه. نحن بصدد ثقافة مختلفة تماما عن المتشددين السنة. هذا شىء لافت جدا للنظر.
وهل تبدو دول الخليج مشغولة بما يكفى تجاه ما يجرى على الضفة الأخرى من الخليج؟
دول الخليج على قدر كبير من التردد، وأنا أحاول أن أشرح لهم أن موقعهم على خريطة العالم وأمنهم القومى لا يرتبطان فقط بالمساندة الأمريكية، ولكن أيضا بقدرتهم على إقامة علاقات من القوة الناعمة مع محيطهم الإقليمى والأوروبى.
لقد كان لديهم اعتقاد حتى الآن أن القوات العسكرية الأمريكية كافية بالنسبة لهم. المشكلة أن العراق أثبت أن القوة العسكرية لا تتحول بالضرورة إلى سلطة سياسية بل على العكس فلها تأثيرات سلبية كارثية تماما. وفى أفغانستان وباكستان، حيث اعتقد الأمريكيون أنهم يستطيعون القيام بحرب سهلة للتخلص مما تبقى من القاعدة، وجدوا أنفسهم فى وضع يذكرنا بجهاد الأربعينيات ضد الجيش السوفييتى.
ورغم كل قواتها العسكرية، فإن أمريكا أوباما لم تستطع ممارسة أى ضغوط على إسرائيل، فاليوم تحولت التوقعات الكبيرة التى تولدت عقب كلمته فى القاهرة إلى خيبة أمل مريرة للغاية.
ألا يجب إعطاء أوباما مزيدا من الوقت؟
نحن بصدد فشل تام مع إسرائيل على الأقل، ولا أرى كيف يمكن لأوباما وقد فشل فى الشهور الأولى لرئاسته أن يستطيع تحقيق شىء ما لاحقا، لأنه كلما اقتربنا من انتخابات التجديد النصفى كلما أصبح بحاجة لدعم اللوبى المساند لإسرائيل لضمان الأغلبية للديمقراطيين.
لذا أعتقد أنه من المهم أن نفهم أن القوة العسكرية لها أهمية كبيرة ولكنها غير كافية، وأن أحد الشواغل الرئيسية فى المنطقة، أن هناك قطبا يمثل ثروة كبيرة جدا فى منطقة الخليج، وقطبا آخر من التنمية التجارية والصناعية والاقتصادية والتشريعية فى أوروبا، حيث غالبية السكان من كبار السن، وحيث لا يوجد مزيد من الأموال.
ما أحاول إقناعه لدول الخليج به هو فكرة التعاون مع أوروبا للاستثمار والمساهمة فى التنمية الاقتصادية طواعية فى جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، وهى استثمارات سيحصدون نتائجها، فى نهاية المطاف، وسوف تسمح بحل مشكلة الأمن الإقليمى، والتى سوف تفرض نفسها بشكل درامى فى السنوات المقبلة. فلم يعد بالإمكان الاستمرار فى مشاهدة هجرة كثيفة إلى أوروبا وكل هؤلاء الناس الذين يلقون حتفهم فى الطريق إلى مضيق جبل طارق أو سردينيا.
وهل تعتقد أنهم فى الخليج على استعداد لتغيير سياساتهم، والمشاركة فى هذه المشروعات الاقتصادية طويلة الأمد؟
أعتقد أن البعض على وعى بأهميتها، لأنهم على قدر كبير من القلق، خاصة وأن الملف الإسرائيلى الفلسطينى لا يتقدم، بالإضافة إلى الزيادة السكانية فى دول مثل مصر والمغرب وخاصة فى اليمن.
يقول عدد آخر من قادة الخليج: نحن لسنا بحاجة إلى المستعمر القديم (وسيطا أو شريكا) للاستثمار عند إخواننا العرب. ربما، وإن كان جزء كبير من هذه الاستثمارات يندرج تحت عنوان المضاربة. لذا أعتقد انه يجب الوصول إلى إستراتيجية للاستثمار، وليس مجرد توزيع للثروات.
وهل تعتقد أن قضية الحوثيين فى اليمن يمكن أن تزيد من مخاوف دول الخليج من التمدد الشيعى؟
هذا هو الهاجس الأول فى الخليج اليوم. وهذا يذكر بسياسة عبدالناصر وتدخله فى اليمن ضد الإمام والسعودية، لكن ما نشاهده اليوم هو إسلام متشدد. ووفقا لمعلوماتى وهى من مصادر موثقة فى اليمن، لا يوجد أى دليل على تدخل ايرانى، وهذا ما تقوله واشنطن. أعتقد أن الخوف فى اليمن هو تفتت اليمن على الطريقة الصومالية، أى أن تنهار الدولة اليمنية.
لا وجود إذن لما يسمى بالهلال الشيعى؟
أعتقد أنها مبالغة شديدة. ربما تكون هذه رغبة النظام الإيرانى خاصة فيما يتعلق بدول الخليج. وهو ما يفسر قلق دول الخليج الشديد من زعزعة الاستقرار، قد ينتج عن تمرد تدعمه إيران.
وهذا ما فهمه القطريون، أنهم الهدف الأسهل فى حال ضرب إيران وهذا يفسر أيضا تدخلهم للوساطة فى لبنان وفلسطين.
وأين هى أرض الجهاد اليوم، هل أصبحت باكستان؟
العراق لم يتم تطهيره تماما، ولا نعلم من يفعل ماذا هناك فيما يتعلق بعمليات التفجير والقتل، نحن نراهم بصورة اقل على شرائط الفيديو. ويوجد قطب آخر، فى لبنان، فقد تم الدفع ببعض المجموعات السنية الراديكالية بعد الصعود المتنامى لحزب الله، وهذا ما رأيناه فى نهر البارد. وفى ظنى أن هذا الأمر مدعاة للقلق الشديد لأن رجال السياسة السنية اضطروا للاعتماد على جهاديين، وهنا نرى هذا الاختلاط المعقد جدا الذى قد ينبئ بتحول الأمر لأفغانستان أخرى عندما تقرر هذه الجماعات خدمة مصالحها هى وليس الزعماء السنيين الموالين للغرب.
أما السؤال الأكبر فهو أفغانستان. رغم وجود الظواهرى فهناك انطباع أن طالبان هى التى تقود القتال. إذن هى حرب محلية لا تتبع بالضرورة ثقافة عامة أى أن القاعدة لم تنجح فى السيطرة على حرب طالبان وتحويلها إلى حرب ضد العدو البعيد.
لذا فإن المنطقة القبلية الأفغانية الباكستانية هى المنطقة الأهم اليوم.
وأين هى قاعدة بن لادن والظواهرى اليوم؟
جزء منها فى المخيمات فى لبنان. ثم هناك ما يثير قلقا خاصا لدى الأوروبيين وهو ما يسمى قاعدة المغرب الإسلامى وهى تلك المنطقة لقبائل الطوارق جنوب الجزائر وجنوب المغرب وموريتانيا، ومن الصعب معرفة إذا كانوا قطاع طرق أو مجموعات محلية.
عندما تسمى نفسك «القاعدة» فأنت على ثقة من لفت انتباه الإعلام. القاعدة فى بلاد الشام، القاعدة فى بلاد الرافدين، هذا أفضل للعلاقات العامة.
وأين ذهبت القاعدة الأم؟
جغرافيا القيادات موجودة بين بيشاور وقندهار، حيث يبدو أنهم يحظون بحماية من طالبان وبالتأكيد من جزء من الاستخبارات الباكستانية الذين يعتقدون أنهم لو تخلوا عن بن لادن فستسقط المساعدات الأمريكية.
لكن الشىء الوحيد الحقيقى الذى تبقى من القاعدة هو الظواهرى. وأعتقد أن السلطات المصرية كانت فاعلة بشدة فى هذا الأمر، فقد تضرر الظواهرى بقوة من الانتقادات الحادة التى وجهها إليه الدكتور فضل منظر الجهاديين فى مراجعاته، حتى وهو فى السجن ولا يتمتع بكامل حرية التعبير، لكنه يمتلك تأثيرا هائلا على الحركات الجهادية السلفية، خاصة انه كان معلم الظواهرى.
استنادا لما حدث فى العراق، يشرح الدكتور فضل فى كتابه «الجامع فى طلب العلم الشريف» أن الظواهرى وشركاه قتلة يسفكون دماء المسلمين، وليس الكفار. وهكذا أصبح الظواهرى فى موقف دفاعى، كتب مئات الصفحات على الإنترنت لدحض نظريات الدكتور فضل. وهذه ليست علامة صحية، فعوضا عن حشد الجماهير انشغل فى معركة داخلية. إذن بشكل ما انقسمت الحركة وتهمشت، حتى وإن كانت ما تزال موجودة.
وهل يحاول الظواهرى اللعب أيضا على الانقسام السنى الشيعى أو «الفتنة فى دار الإسلام»؟
فى البداية كان الظواهرى يعارض تماما هذه الرؤية، وكان يعتقد أن الأفضل هو فى وجود جبهة إسلامية موحدة، وكانت مشكلة «الفتنة» تطارده، لكن مع أحداث العراق ثم الصراع السنى الشيعى فى لبنان، أصبحت تصريحاته الأخيرة قاسية جدا ضد الشيعة. «إيران طعنت الأمة المسلمة فى ظهرها»، هكذا قال.
وواضح أن القاعدة لم تعد لديها القدرة على إطلاق خطاب انفتاحى «توحيدى» كما كانت فى السابق.
واعتقد أن دور أجهزة الأمن المصرية فى زرع بذور هذا الانفصام كان مهما جدا. سقطت القاعدة فى هذا الفخ، وتجد صعوبة كبيرة فى الفكاك منه.
هل كان انحسار دور القاعدة نتيجة للفتنة الداخلية فقط؟
نعم، وأعتقد أن هناك بعدا آخر يدخل فى هذه العملية وهو منطق «العمليات الانتحارية»، التى كان ينظر إليها على أنها السلاح المطلق ضد اسرائيل، وبررها القرضاوى وآخرون. لكن مشكلة العمليات الانتحارية هى أنها يجب أن تتحول إلى شكل من الحشد الجماهيرى وإلا تصبح بلا قيمة ولكنها باهظة الثمن. فبسببها ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية ووجدت إسرائيل مبررا لإنشاء الجدار وفى نهاية المطاف اضطرت حماس إلى وقف هذه العمليات.
والحشد الجماهيرى أو الشعبى، المقصود به هو التجنيد، على طريقة الثورة الإيرانية. فقد كان هاجس القاعدة هو كيف يمكن التحول من خلية إلى حركة جماهيرية، وهذا ما يعبر عنه الظواهرى فى «فرسان تحت راية النبى»، ويقول إن فشل الحركات الجهادية فى التسعينيات يرجع إلى الخوف الذى أصاب الجماهير وعدم قدرتهم على التعبئة ضد العدو القريب.
كانت القاعدة تعتقد انها لو هاجمت الولايات المتحدة، فإنها ستضرب العدو البعيد الذى يحمى العدو القريب، أى الأنظمة، وبذلك ستتخلى الجماهير عن خوفها، والعمليات الانتحارية هى مصدر أساسى للتعبئة وفق هذه الرؤية. وكان هناك فى البداية حماس شديد لهذه العمليات وكانت تسمى «استشهادية».
يتذكر كيبيل يوم اغتيال الرئيس أنور السادات، فقد كان موجودا فى مصر وقتها، والآن وبعد 30 عاما من هذا الحدث يعتقد أن الدولة المصرية تعلمت الكثير منذ ذلك اليوم.
يقول إن «برز الإسلاميون فى عهد السادات الذى أرادهم لكسر شوكة اليسار، على أن يبقوا فى الصف. وهم قاموا بالجزء الأول من المهمة التى أوكلت إليهم ونجحوا فى السيطرة على الحرم الجامعى. قاموا بعمل كبير سياسى واجتماعى معتمدين أيضا على الأموال، التى كانت تأتى من الخليج. كنت وقتها أرى كيف خصصوا «مينى باصات» للفتيات المحجبات، حتى لا يختلطن بالرجال. ثم قاموا بالجزء الثانى من المهمة وقتلوا السادات.
واليوم اعتقد أن الدولة المصرية أكثر حذرا، خاصة بعد الحرب، التى أطلقها الأفغان العرب فى التسعينيات من القرن الماضى وهى حرب خسرها الإسلاميون وانتصرت فيها السلطة. أعتقد أن هذا الفشل هو ما دفع الظواهرى إلى التركيز على العدو البعيد، فى حين كان شكرى مصطفى يروج لاستراتيجيه المضادة فى السبعينيات. بمعنى إسقاط «المرتدين» ثم التفرغ «للكفار».
ويرى كيبيل أن النظام فى مصر غير راغب فى للتفاوض أو الوصول إلى منطقة وسط مع الإخوان. «أعتقد أن هذا الأمر معلق بانتقال السلطة وعلى أى شرعية سيستند الرئيس المصرى المقبل. أى تحالف سياسى سيعتمد عليه؟ هل مع المؤسسة العسكرية، أم مع المجتمع المدنى؟ هل يكون الجناح المعتدل من الإخوان طرفا فى هذه المعادلة؟ أعتقد أن هذه أحد التحديات التى تناقش فى أروقة النظام المصرى، حسب فهمى للأمور. الأمر مرتبط أيضا بالطريقة التى سيحدث بها انتقال السلطة.
من الواضح اليوم أن داخل الإخوان، رغم قوتهم وقدرتهم عل الحشد، لم يتمكنوا من ترجمة ذلك إلى مشاركة فى السلطة. واعتقد أنه أن الأوان لهم أن يتساءلوا عن ذلك، خاصة أن قيادتهم تتقدم فى العمر. لقد عرفتهم عندما كانوا طلبة فى الجامعة، وهم الآن فى مثل سنى، والسؤال هو: هل سيقضون عمرهم كله فى المعارضة أم هم على استعداد للوصول إلى حلول وسط؟».
أما قضية اختيار مرشد جديد لجماعة الإخوان المسلمون فى نظر كيبيل فهى «إحدى قضيتين للخلافة، سيرسمان شكل مصر القادمة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.