رئيس جامعة بني سويف يناقش مع السفير السعودي ملف الطلاب الوافدين    وزيرة الخزانة الأمريكية: خفض أسعار الفائدة أمر جيد لكن السياسة لا تزال مقيدة    الخارجية الأمريكية تبرر للاحتلال جريمة تفجيرات لبنان: يحق لأي دولة استهداف جماعات إرهابية    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها لوقف التهديدات بالشرق الأوسط    عاجل.. تطور مفاجئ في الانتخابات الأمريكية بسبب العرب.. ماذا يحدث؟    فيرتز يسجل هدفا تاريخيا ل ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا    عاجل.. «التعليم» تعلن رابط التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس خلال ال72 ساعة وموعد ذروة ارتفاع الحرارة    أوهمه بتعرض ابنته للتسمم، حجز عاطل بتهمة النصب على مالك مطعم بالدقي    «الثقافة» تبحث نقل التكنولوجيا الرقمية لحفظ التراث مع الولايات المتحدة    7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟    تصيبك بالنزلة المعوية.. 5 أطعمة احذر تناولها في هذه الحالة    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    صلاح: جائزة أفضل لاعب في الشهر أمر مميز ولكن الأهم الفوز بالمباريات    أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي في تلحين آيات القرآن الكريم -(فيديو)    وديًا.. غزل المحلة يفوز على التحدي الليبي    أول رد فعل من ناصر عبدالرحمن بشأن صورته المتداولة مع صلاح التيجاني    رئيس الإنجيلية يلتقي محافظ المنيا لتهنئته بتولي مهام المحافظة    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    استشهاد وإصابة 7 فلسطينيين جراء اقتحام قوات الاحتلال لجنين بالضفة    أمين الفتوى: المرأة الناجحة توازن بين عملها والتزامات بيتها    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    مباحث الدقي تكشف حيلة عاطل للاستيلاء على مبلغ مالي من مالك مطعم شهير    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    جوارديولا يحسم الجدل حول الذهاب إلى الدوري الإيطالي    ساري مرشح لتدريب ميلان بدلًا من فونسيكا    جيش الاحتلال: مقتل ضابط وجندى فى استهداف بصاروخ مضاد للدروع على الحدود مع لبنان    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    حكايات| شنوان.. تحارب البطالة ب «المطرقة والسكين»    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي ضمن احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    حبيبتي | مادونا | يرقة | نية | بين البينين تنافس بخمسة أفلام قصيرة بمهرجان طرابلس للأفلام بلبنان    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وطريقة الاستعلام    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد المركز التكنولوجي وأعمال تطوير ميدان الزراعيين    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    «المركزي» يصدر تعليمات جديدة للحوكمة والرقابة الداخلية في البنوك    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    أبرز تصريحات الشاب خالد ف«بيت السعد»    "خناقة ملعب" وصلت القسم.. بلاغ يتهم ابن محمد رمضان بضرب طفل في النادي    تشكيل أتالانتا المتوقع لمباراة أرسنال في دوري أبطال أوروبا    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية"    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حماس = (سلطة + مقاومة) أم (سلطة – مقاومة )؟! جواد البشيتي
نشر في المصريون يوم 09 - 04 - 2006


لا مال، وإنما ديون متراكمة، في خزينة حكومة "حماس"، التي ينبغي لها أن تجد مصدرا لدفع رواتب موظفي السلطة (نحو 140 ألف موظَّف) الذين لم يتقاضوا، حتى الآن، رواتبهم (نحو 116 مليون دولار) لشهر آذار المنصرم.. ولتمويل خدمات عامة عديدة تتولاها الحكومة. وإلى الآن، لم نسمع خبرا ماليا "مثيرا" من قبيل أن حكومة "حماس" قد تلقت مساعدة مالية عاجلة يُعتد بها من إيران، أو من قبيل أن الدول العربية "المانحة للوعود المالية" قد وفت بوعودها، مرسِلةً بمساعدات مالية عاجلة إلى حكومة "حماس"، أو حتى إلى "فرع الرئاسة" في السلطة الفلسطينية. كل ما سمعناه هو أن الولايات المتحدة، بحسب أقوال لرايس في جلسة للكونغرس، تريد زيادة مساعداتها الإنسانية للفلسطينيين؛ لأنها لا تريد إرسال رسالة سلبية إليهم في شأن احتياجاتهم الإنسانية. وحتى لا تذهب تلك المساعدات إلى حكومة "حماس"، التي لا بد من إفقارها ماليا واقتصاديا من أجل إفقارها سياسيا، تتوفر إدارة الرئيس بوش على إجابة السؤال "كيف؟"، وإن أظهرت رغبة في اتخاذ المنظمات غير الحكومية قناة تصل عبرها المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين. وهناك ميل لديها، على ما يزعم بعض المقرَّبين لها، إلى قناة ثانية هي مكتب الرئاسة الفلسطينية. أما إسرائيل فتدرس خيارا آخر هو إرسال أموال الجمارك والضرائب الفلسطينية (نحو 60 مليون دولار شهريا) التي تحتجزها إلى "قيادات محلية"! كل تلك المواقف إنما تنطوي على رسالة مالية سياسية يقول فيها مرسلوها إنهم، في لعبتهم المالية، يستهدفون تبرئة أنفسهم من تهمة أنهم عازمون على معاقبة الفلسطينيين، ماليا واقتصاديا، على النتائج السياسية لأخذهم بالخيار الديمقراطي الذي طالما دعوهم إلى الأخذ به، و"تمويل" عملية التغيير السياسي ل "حماس" وحكومتها، أي العملية المؤدية إلى قبولها للشروط والمطالب الإسرائيلية في محتواها، والدولية في شكلها، فالإفقار المالي والاقتصادي لحكومة "حماس" سيستمر ويزداد إلى أن تُظهر قيادة الحركة من "التجاوب" ما يكفي لمعاملتها ماليا على أنها من "المؤلَّفة قلوبهم"! إن إسرائيل، وبدعم من الولايات المتحدة و"المجتمع الدولي" الذي تُحكم القوة العظمى في العالم قبضتها عليه، تسيطر سيطرة شبه مطلقة على الشروط المالية والاقتصادية الأساسية لحياة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، موظِّفة هذه السيطرة مع آلتها العسكرية لنشر الموت والدمار، في سعيها المستمر إلى إنجاز مهمة فرض الحل النهائي الذي تريد، والمرفوض فلسطينيا، على الفلسطينيين. بآلتها الحربية تُدمِّر، وتعيد تدمير، الحياة الاقتصادية للفلسطينيين. وبسيطرتها البنكية تمنع، متى شاءت، وصول المساعدات المالية الخارجية إليهم. وبتحكمها في المنافذ الداخلية والخارجية تتحكم في اقتصادهم غير المالي من سلع وخدمات. لقد أدركت إسرائيل عبر الشارونية، برأسها القديم شارون ورأسها الجديد اولمرت، أن الحل النهائي الذي تريد لن تتوصل إليه عبر التفاوض السياسي مع الفلسطينيين قبل أن تنجح الضغوط العسكرية والاقتصادية والمالية في جعل قبولهم لهذا الحل الوسيلة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها تلبية حاجاتهم الإنسانية الأولية. إسرائيل الشارونية سألت نفسها: ماذا تفعل بالفلسطينيين؟ هل تمنحهم من الأرض والسلطة ما يكفي لقيام دولة قومية لهم، مستقلة، ذات سيادة، متصلة جغرافيا وقابلة للحياة؟ هل تنقل السيطرة عليهم، وعلى أراضيهم، للأمم المتحدة حتى التوصل إلى حل نهائي عبر المفاوضات؟ هل تظل محتفظة بالسيطرة عليهم بصفة كونها سلطة احتلال ينبغي لها أن تتحمل المسؤولية كاملة عنهم؟ لقد اختارت "الأحادية" جوابا عن كل تلك الأسئلة، فالأحادية، نهجا ونتائج، هي وحدها التي ستؤدي، بحسب ما تتمنى وتتوقع، إلى فرض الحل النهائي الذي تريد، والمرفوض فلسطينيا، على الفلسطينيين. إنها الجريمة التي تُرتكب في حق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من "المجتمع الدولي"، الذي فاضل بين الحل الدولي المفروض على الطرفين والحل الإسرائيلي المفروض على الفلسطينيين ففضَّل الثاني على الأول! ليس من أهمية لنصر أحرزْتهُ إذا لم تعرف كيف تحافظ عليه.. لقد أحرزت "حماس"، في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، نصرا فاجأها، في حجمه، أكثر من غيرها، وتحداها أن تعرف كيف تحافظ عليه، وتدرأ عنه شرَّ أن يحبل بنقيضه. ولو كان لنصرها الانتخابي العظيم أن يهمس إلى قيادتها بنصيحة لهمس إليها بنصيحة أن تخاطب الفلسطينيين، وناخبيها، قائلة إنها تفضِّل البقاء في المعارضة (البرلمانية) على تأليف الحكومة، التي هي كبيت العنكبوت أوهن البيوت، فكل من له عين تبصر، وأذن تسمع، لن يختار ما اختارته "حماس"؛ لأن ترجمة النصر الانتخابي بسلطة حكومية، في حال مثل الحال الفلسطينية، هي الخيار الأسوأ بالنسبة إلى "حماس"، وبالنسبة إلى الفلسطينيين عموما. التجربة لم تبلغ بعد خاتمتها، ولكن ليس من سبب للاعتقاد بأنها ستأتي بنتائج تذهب بتوقع أن تأتي حكومة "حماس" بنتائج تذهب بالنصر الانتخابي للحركة، وتُضعف وزنها السياسي والشعبي. وهذا الذي أتوقع لا يصدر عن رغبة في أن تمنى "حماس" وحكومتها بالفشل، ولا يبرِّر الإحجام عن سعي الفلسطينيين جميعا إلى تذليل العقبات من طريق حكومة "حماس"، فالقارب واحد. ونحن لو جئنا بنابليون، وعهدنا إليه بتأليف الحكومة الفلسطينية، لما استطاع أن يأتي بما يعجز عنه هنية. الخطأ الأول ارْتُكِب إذ ارتضت "حماس" تأليف حكومة اللون الواحد. والخطأ الثاني ارْتُكِب إذ سعت "حماس"، أو أظهرت ميلا، إلى تضخيم سلطات وصلاحيات حكومتها، وكأن نتائج انتخابات المجلس التشريعي، وحدها، تمنحها الحق في أن تكون الوريث الشرعي الوحيد للممثل الشرعي الوحيد، وهو منظمة التحرير الفلسطينية. والخطأ الثالث ارْتُكِب إذ شرعت حكومة "حماس" تخاطب العالم سياسيا وكأن لا وجود لمرجعية سياسية عليا للشعب الفلسطيني، وكأن رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئيس السلطة الفلسطينية قد أصبح في منزلة ملكة بريطانيا، يملك ولا يحكم. والخطأ الرابع ارْتُكِب إذ عادت "حماس" إلى جدل سياسي أصبح جزءا من الماضي، ولا يمكن فهمه الآن إلا على أنه فخ سياسي نصب ل "حماس" وحكومتها، وللفلسطينيين عموما. وكان اجتناب الوقوع في هذا الفخ ممكنا لو أن قيادة "حماس" قالت إن الملف السياسي ليس من اختصاصها، وإنما من اختصاص منظمة التحرير الفلسطينية، التي لبت، من قبل، الشروط التي تُدعى "حماس" إلى تلبيتها الآن. لو قالت ذلك لكفت نفسها، والشعب الفلسطيني، شرور ما يسمى "الشروط والمطالب الدولية"، التي هي إسرائيلية القلب. إن الإفراط في تسييس الحكومة الفلسطينية لن يسمح ل "حماس" بالجمع بين المقاومة والسلطة، فهذا الجمع لا تقوم له قائمة إلا إذا أقامت حماس "جداراً أمنياً" بين حكومتها وبين الملف السياسي، الذي يحظى امتلاك المنظمة له بالشرعية الفلسطينية والعربية والدولية. و"حماس"، لو قررت العمل بما تقتضيه مصالحها الحقيقية، لما طلبت مزيدا من السلطة التي لدى رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، فلتفكِّر قيادة "حماس" مليا، وعلى سبيل المثال، في عواقب نقل السيطرة الأمنية على معبر رفح من رئاسة السلطة إلى حكومة "حماس". لو حدث ذلك، هل يظل المراقبون الأوروبيون في المعبر؟! وإذا تركوه، هل ثمة ما يمنع إسرائيل، عندئذٍ، من استعادة سيطرتها العسكرية عليه؟! إنها مفاضلة لا تسر الفلسطينيين، ولكن هل من مفاضلة أقل سوءا؟! إنه لخيار سيىء، بحسب معيار المصلحة السياسية الفلسطينية، أن تلبي "حماس"، أو حكومتها، ما يسمى "الشروط والمطالب الدولية"، ولكن الأسوأ منه أن تَقترح تلك الهدنة المشروطة طويلة الأجل (عشر سنوات) فهذا الاقتراح لن يعطي من النتائج إلا ما يعود بالنفع، عمليا وموضوعيا، على الجولة الثانية من الأحادية التي يتوعد بها اولمرت الفلسطينيين، وعلى السعي الإسرائيلي لإظهار حكومة "حماس" على أنها المرجعية السياسية العليا للشعب الفلسطيني حتى يظل ممكنا تعريضه لمزيد من الضغوط. كانت النية هي "الجمع"، أي التوصل إلى نتائج عملية يتأكد من خلالها أن "حكومة حماس = سلطة + مقاومة". ولكن، حتى الآن، لم نرَ من النتائج إلا ما يؤكد أن "حكومة حماس = سلطة – مقاومة".

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.