قال مركز "الأرض لحقوق الانسان"، إن عدد العمالة المؤقتة في مصر منذ أن وقعت على اتفاقية إعادة الهيكلة مع صندوق النقد الدولي يبلغ نحو 3 ملايين عامل، من بينهم 600 ألف عامل مؤقت بالجهاز الإداري للدولة، الأمر الذي تسبب في اشتعال احتجاجات كثيرة هذا العام، فيما قال إن التقديرات الواقعية لعدد العاطلين عن العمل في تزيد بنسب كبيرة عن الأرقام الرسمية المعلنة، وتصل إلى حوالى 10% من إجمالي قوة العمل التى تجاوزت 20 مليون شخص، على أقل تقدير. وقال المركر في تقرير حصلت "المصريون" على نسخة منه إن العمالة المؤقتة تتوزع في قطاعات مختلفة على رأسها الزراعة، حيث تقدر العمالة المؤقتة بنحو مليوني عامل، يليهم عمال المقاولات بعدد 500 ألف عامل، ثم عمال المناجم والمحاجر ب 340 ألف عامل، وعمال الملاحة ب 70 ألف عامل، بخلاف 600 ألف موظف مسجلين على بند العقود المؤقتة بالجهاز الإداري بالدولة، ولم يتم تثبيتهم منذ سنوات، على الرغم من سعيهم الحثيث لذلك. وحذر التقرير من تداعيات أزمة العمالة المؤقتة، التي قال إنها قد تنفجر في أي وقت، في ظل إخلاء الجميع مسئوليته عنها، بدءًا من الحكومة، انتهاء باتحاد العمال، الذي لم يخصص حتي الآن لجنة داخلية لحل تلك المشكلة، مرورًا بالتأمينات والمعاشات التي قال إنها لا تزال تدرس امكانية تعديل البنود الخاصة بهم في قانون التأمينات والمعاشات، في حين لا يتعدى عدد المقيدين في المعاشات والتأمينات مليون شخص. وأوضح أن على رأس المشكلات التي تواجهها العمالة المؤقتة في القطاعين العام والخاص، أن العامل يوقع على استمارة استقالته مع تعيينه، والذي فاقم من الأزمة هو عدم اعتراف الحكومة بالعمالة المؤقتة، والتي أكدت أكثر من مرة على لسان الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية تثبيتهم ،إلا أن ذلك لم يحدث على الإطلاق. وأشار إلى أن هؤلاء العمال يتعرضون للطرد من حين لآخر، إما لعدم الكفاءة أو لتعسف الجهة التي يعمل بها، وهذا ما يجعل الأزمة مثل اللغم الذي يمتوقع انفجاره في أي وقت، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية المصرية منذ عقد من الزمان تفاقمت معها أزمة العمالة المؤقتة وما تعانيه من سلب للحقوق سواء على مستوى الأجور أو التأمينات أو الإحساس بالأمان في العمل. ورصد التقرير نماذج من الاحتجاجات التي قام بها العمال المؤقتون في العديد من القطاعات والتي تثبت الى أي مدى يعانون من سحب لكل الحقوق على مستوى العمال او الصحة والسلامة المهنية والأجور، ومن بينها أزمة العاملين المؤقتين في جامعة المنيا، والذين مضى على بعضهم أكثر من 15 عاما. فقد ظل أصحاب المؤهلات المتوسطة سنة يتقاضون 70 جنيهًا شهريًا، وأصحاب المؤهلات العليا 90 جنيهًا شهريًا، والإجازات تخصم من هذه الأجور الزهيدة، ولم تزد هذه المبالغ، على الرغم من أن بعضهم يعمل منذ أكثر من 15 سنة. وأضاف إن جميع هؤلاء مؤمن عليهم برقم تأميني واحد، مما يعني أنهم لا يتمتعون بأي حقوق في المعاشات، إلى جانب الغياب التام لضمانات السلامة والصحة المهنية التي أدت الى وفاة عاملين من العاملين بالصرف الصحي بالفيوم، وإصابة عاملين بنفق الأزهر نتيجة غياب عوامل الأمان. ورصد التقرير 55 احتجاجا للعمال غير المعينين في عام 2010 فقط، في حين وصل عدد العمالة المؤقتة داخل القطاع الحكومي في مصر إلى 600 ألف عامل، ليس لهم معظم الحقوق بعدما أطاحت الحكومة بهم لصالح المستثمرين الذين قضوا على أي آمال لهم في التعيين أو في معيشة كريمة لهم ولأسرهم. واتهم الحكومة بأنه تسعى لإلغاء ما يسمي بالعقود الدائمة تدريجيا والتحول إلى نظام العقود المؤقت، ومن أهم القطاعات التي تتمركز فيها العمالة المؤقتة القطاع التعليمي فعدد العمالة المؤقتة فيه يترواح ما بين 250 او 300 ألف شخص، ناهيك عن القطاع الخاص غير المنظم، فلا يوجد لها إطار قانوني يضمن حقوق العامل ومزايا العمل والتأمينات، ويبلغ عددهم في هذا القطاع حوالي 13 مليون مشتغل. وقال التقرير إن العمالة المؤقتة محرومة من المميزات التي تمثل 80% من أجر أي موظف، لأن الأجور الأساسية 20% والأجور المتغيرة 80%، وفي نفس الوقت هم محرومون من التأمينات الاجتماعية والصحية. وكانت الحكومة بدأت عام 2007 إجراء ترتيبات لتغيير أوضاع أكثر من 6 ملايين موظف، يمثلون العدد الإجمالي للعاملين بالقطاع الحكوم في مصر، مستهدفة تحويلهم من العمل الدائم (الميزة الوحيدة الباقية في الوظيفة العامة) إلى العمل المؤقت، والتوسع في شروط فصل وتشريد الموظفين. واقترحت الحكومة ما أسمته بقانون الوظيفة العامة، الذي أثار الكثير من الجدل، مما جعلها تتراجع مؤقتًا وتتحدث عن تعديله، وهو ما لا يعني بأي حال توقف الترتيبات الهادفة إلى التخلص من موظفي الحكومة كما حدث مع العاملين في القطاع العام، كما يقول التقرير. وفي إطار الإعداد لتمرير قانون الوظيفة العامة كانت الحكومة تنوي التخلص من 1.1 مليون عامل خدمات ووظائف حرفية (سائقون- فنيون- سعاة) وتحويلهم إلى العمل في شركات متخصصة في توفير عمال الخدمات المعاونة، في شكل هيئة عامة لشئون النظافة والخدمات الحرفية. كما كانت تنوي التخلص من أكثر من نصف مليون موظف مؤقت، حيث أن مشروع القانون لم يتحدث من قريب أو بعيد عنهم، وكأنهم غير موجودين من الأساس. وقانون الوظيفة العامة الجديد يهدف إلى التحول من الاهتمام بالموظف في القانون 47لسنة 1978 (قانون العاملين المدنيين) إلى الاهتمام بالوظيفة كتوظيف وعلاقة دون الاهتمام بشاغلها. ودعا التقرير الحكومة إلى تثبيت العمالة المؤقتة ووقف كل أشكال التلاعب القانونى بنظام الفصل وكذلك السماح بتكوين نقابات تدافع عن حقوقهم وتحديد أجورهم مساواة بالمعينين وكذلك فى كل ما يتمتعون به من مزايا، وطالب بالزام الدولة بوضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 1500 جنيه. من جانب آخر، قال التقرير إن التقديرات الواقعية لعدد العاطلين عن العمل في تزيد بنسب كبيرة عن الأرقام الرسمية المعلنة، وتصل إلى حوالى 10% من إجمالى قوة العمل التى تجاوزت 20 مليون شخص، على أقل تقدير. وذكر أن عدد من تم تسريحهم الى حتى 1997 بلغ حوالى 450 ألف، فيما وصل عدد العاملين فى القطاع غير الرسمى إلى 6.9 مليون عامل وهم يتعرضون لأشكال من الانتهاكات بالإضافة الى ضعف الحركة النقابية. وتضمن التقرير مجموعة من التوصيات لوقف تشريد آلاف العمال، وأهمها: السماح للعمال بممارسة حق الضراب والتجمع السلمى مع تعديل نص المادة 198 فى القانون رقم 12 لرفع المحظورات عن ممارسة هذا الحق. كما طالب بتعديل قانون النقابات العمالية بما يعطى الحق للعمال في تشكيل نقابات مستقلة ومتعددة لهم بعيدا عن النقابات الموحدة لتمكينهم من الدفاع عن حقوقهم المشروعة بشكل سلمى. ودعا إلى إجبار الشركات الخاصة والعامة على دفع التأمينات الاجتماعية للعمال وخلق آلية لضمان مراقبة تنفيذ ذلك من الهيئات المختصة، وإلزام الحكومة بعدم المضاربة بأموال التأمينات الاجتماعية وعدم التصرف فيها حرصًا على حياة الملايين الذين قاموا بدفع هذه الأموال من جهودهم. وطالب بصرف حقوق العمال من أجور وحوافز تحت أي ظرف مع صرف الرواتب في مواعيدها بالطرق والآليات الملائمة حرصًاً على حياة الملايين من أبناء العمال، والتوقف عن سياسات الفصل والنقل التعسفي للعمال تمهيدا لتصفية المصنع أو بيعة للقطاع الخاص. كما دعا إلى تعيين العمالة المؤقتة ومنحها الضمانات الكافية لعمل مستقر و آمن وكفالة حقوقهم العمالية الاخرى سواء كانت بالهيئات الحكومية أو قطاع الاعمال أو الخاص، ووقف تدخل بعض الجهات الامنية التى ترهب العمال وتضغط عليهم أثناء التعبير عن مطالبهم العادلة فى الاجور والحوافز أو عند استخدام وسائل الاعتصام والإضراب.