تقوم مصر بالمثول أمام لجنة الأممالمتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في جنيف في 14 نوفمبر الجاري، ، وسوف يترتّب عليها شرح كيفية أخذها بالالتزامات المتعلّقة بحقوق الإنسان، كطرف في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خلال المرحلة الانتقالية المضطربة التي تمر بها البلاد. وسوف تكون هذه هي المرة الأولى التي تمثل فيها مصر أمام إحدى هيئات الأممالمتحدة المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، وذلك منذ ثورة يناير 2011. وتم إعداد تقرير مشترك ما بين مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية CESR، ومقرّه نيويورك، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ECESR، وبتأييد من ائتلاف واسع يتشكّل من 55 منظمة مجتمع مدني مصرية شاركت في الصياغة، ويقول التقرير أن الحكومات الانتقالية المتعاقبة فشلت في الشروع بالإصلاحات الهيكلية المطلوبة لمعالجة الأنماط الطويلة الأمد في زيادة الفقر ومستوى عدم المساواة الصارخ وانتشار الحرمان الاجتماعي على نطاق واسع. ويوضّح التقرير، المقدّم إلى لجنة الأممالمتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل الاستعراض المزمع عقده هذا الاسبوع، أنه منذ أن خرج الشعب المصري إلى الشوارع في 2011 للمطالبة بمستقبل أفضل، لم يتم فعل سوى القليل لمعالجة القفزات في معدّلات البطالة، والارتفاع المذهل لأسعار المواد الغذائية، وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية كالرعاية الصحية والإسكان والتعليم والمياه والصرف الصحي. وطبقاً لأحدث التقديرات الرسمية، فإن ربع السكّان هم من الفقراء، وثلث الشباب والشابات معطّلون عن العمل، وواحد من كل ثلاثة أطفال تحت الخامسة من العمر يعاني من سوء تغذية مزمن، ومن المرجّح أن يكون الفقر والجوع قد ازدادا في السنوات الماضية، حيث الارتفاع المضطرد في تكاليف السلع الغذائية الأساسية يجعل المزيد من العائلات غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية بحسب ما ذكرت وكالة "أونا". ويدعو التقرير إلى إصلاحات واسعة النطاق للتغلب على النموذج الاقتصادي غير العادل وغير المستدام الذي ساد في عهد مبارك، بما في ذلك دعوته لإصلاحات سياسة مالية تقدمية وغيرها من التدابير لمعالجة حالة انعدام المساواة الجذرية التي تمس مجموعات معيّنة، ولا سيما النساء، ويخلص التقرير إلى أن استدامة التحوّل في مصر تستدعي أن تكون جميع مجالات السياسات الاجتماعية والاقتصادية متماشية مع التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان بموجب العهد، وذلك لمعالجة انعدام العدالة الاجتماعية المتجذّر في صلب الاضطرابات السياسية المستمرة، كما يطالب التقرير بوضع حد للقمع العنيف الذي تتعرّض له الإضرابات والاحتجاجات حول تدهور الأوضاع الاقتصادية، والداعية إلى مسارات أكثر شفافية وتشاركية يتمكّن المجتمع المدني من خلالها الانخراط في التحولات الاجتماعية والاقتصادية اللازمة لتحقيق حقوق الإنسان للجميع في مصر. وسيقوم وفد من منظمات المجتمع المدني بزيارة جنيف لإطلاع أعضاء اللجنة على الهواجس الواردة في التقرير، وبعد استكمال حوارها مع كل من الحكومة المصرية والمجتمع المدني، ستقوم اللجنة بإصدار مجموعة من التوصيات بشأن التدابير اللازم تنفيذها من قبل مصر، وفاءاً بالتزاماتها بموجب العهد. وبالرغم توجيهها إلى السلطات المصرية، فإن التوصيات تساعد أيضاً على تعزيز مساءلة الشركاء الدوليين لمصر، بما في ذلك الجهات المانحة والمؤسسات الدولية، حول دورهم في ضمان وحماية جميع حقوق الإنسان خلال التحّول الهش الذي تشهده مصر.