عزا الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ظاهرة "العنف الانتخابي" إلى عدم توافر الثقافة الديمقراطية، وعدم احترام سيادة القانون، بجانب ضعف التحكم في ضبط الممارسات الخاطئة في العملية الانتخابية. وعدد مظاهر هذا العنف في عشرة نقاط، منها بدنية وأخرى معنوية تتمثل في الضرب والجرح والقتل والرشوة والسب والقذف والابتزاز والوعد والوعيد والخداع والتضليل، واصفا تلك الظواهر بالبلطجة الانتخابية. أكد سرور في كلمة أمس بجنيف أمام الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي حول منع العنف المرتبط بالانتخابات وضمان الانتقال السلس للسلطة، أن مظاهر البلطجة الانتخابية لها تأثيرات عديدة على سلب إرادة الناخبين، والاعتداء على حرية إدارة الشعب في اختيار ممثليه. واعتبر أن العنف الانتخابي هو العدو الأول للديمقراطية، لكنه استدرك قائلاً: "لا نستطيع القول أن القضاء على البلطجة الانتخابية يعتمد على الإطار التشريعي وحده، كما أنه بالمقابل ليس من السهل نشر ثقافة مناهضة للعنف الانتخابي ما لم تتعمق ثقافة الديمقراطية وسيادة القانون والإيمان بأن إرادة الشعب هي الأساس في اختيار ممثله في نظام الحكم". وأوضح أن التشريع ينهض بمواجهة العنف الانتخابي من خلال الضمانات التي يوفرها في جميع مراحل العملية الانتخابية، بدءا من مرحلة الدعاية الانتخابية مرورا بمرحلة الاقتراع وصولا إلى مرحلة الفرز وإعلان النتيجة، فالإطار التشريعي لهذه الضمانات يجب أن يكفل حرية إرادة الناخبين في التعبير. وأشار إلى أن هناك عددا كبيرا من الدول، ومن بينها مصر أسندت الإشراف على الانتخابات بجميع مراحلها إلى لجنة عليا مستقلة ومحايدة، وعنيت مصر على أن يكون على رأس هذه اللجنة قاض كبير هو رئيس محكمة استئناف القاهرة، وتختص اللجنة بتلقي البلاغات والشكاوى المتعلقة بمخالفة قواعد العملية الانتخابية للتحقق من صحتها، كما نص القانون على أنه كل دائرة في كل دائرة انتخابية توجد لجنة عامة تتكون من عدد من القضاة وأن يتولى أعضاؤها الإشراف على الانتخابات التي تجري في كل لجنة من لجان الاقتراع، على حد زعمه. وتابع سرور: يمكن تصور أن يعالج التشريع والقواعد التي تضعها اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات العنف الانتخابي في مرحلة الدعاية الانتخابية، عبر ضمان إتاحة فرصة الترشيح للجميع، وتحديد نوعية الدعاية الانتخابية، وضمان ألا تتضمن تعبيرات مسيئة للمجتمع أو تعبيرات تستغل الدين في أغراض انتخابية. وقال إن هذا ما أوجبه الدستور والقانون المصري عندما نص على حظر مباشرة أي نشاط سياسي على أساس ديني أو مرجعية دينية وحظر استخدام شعارات أو رموز على هذا الأساس أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل. وشدد أيضا على أهمية أن يتضمن التشريع تحريم العبث بدعايات الخصوم طالما قامت على أسس غير محظورة، والامتناع عن شن حملات تشويه مغرضة بحقهم، أو بث شائعات واتهامات باطلة من غير دليل، أو محاولات العبث بالسرادقات الانتخابية وبث الذعر فيها. أما المرحلة الثانية في مكافحة العنف الانتخابي غي مرحلة عقد الانتخابات ويوم الإدلاء بالأصوات، فقال إنه من المهم أن تنصب الجهود فيها على مكافحة كل أشكال العنف المحتملة، لكونها المرحلة الأكثر من حيث قابلية ممارسة العنف، و تشهد أحيانا بعض أحداث عنف تصل إلى الوفاة والاعتداء البدني واللفظي، أو حتى قد تصل إلى مضايقات بالتحرش أو بعض حوادث إطلاق نار أو مواجهات بينية على أسس عائلية وقبلية كما قد تشهد اعتداء على عناصر ورموز قضائية وعلى المشرفين على اللجان والمراقبين من منظمات المجتمع المدني، لذلك يجب إيلاء اهتمام أساسي لهذه المرحلة، والنص على عقوبات وأساليب الترويع والتخويف بقصد التأثير في سلامة إجراءات الانتخاب. وقال سرور إنه على الرغم من أن المرحلة الثالثة في العملية الانتخابية وهي إعلان النتيجة قد تبدو أقل المراحل من حيث ممارسات العنف الانتخابي إلا أنها قد تشهد ألوانا أخرى من العنف، "فبالتأكيد أن الترويج من الخاسرين في الانتخابات بعدم العدالة في إدارة العملية الانتخابية والزعم بتواطؤ الأجهزة مع أحد المرشحين دون الأخر هو عامل مساعد على العنف، ومن ثم من المهم التأكد من أن ذلك الانحراف لم يقع ورفع أي التباس قد يكون نابعا من سوء فهم أو خطاء في هذه الصدد حتى يتأكد الخاسر نتائج الانتخابات سليمة تماما. وأكد أنه من المهم أيضا معالجة الأسباب والتعامل مع الدوافع التي تدفع إلى العنف في مرحلة ما بعد الانتخابات من خلال ضمان أن تأتي نتائج الانتخابات معبرة تماما عن حالة الدائرة واتجاهات التصويت. وقال سرور في ضوء ما سبق يفترض أن يتضمن أي إطار تشريعي خاص بمراقبة الانتخابات ومكافحة العنف الانتخابي التأكيد على ضمان عدم تحول مؤيدي ومساندي كل مرشح إلى قوى ضاغطة على العملية التصويتية تمارس البلطجة أو الإرهاب والتخويف الفكري أو النفسي أو المعنوي أو تطرح شعارات عدائية تستهجن القيم الأساسية أو تتسلط على القيم الأساسية للمجتمع. وأشار إلى دور منظمات المجتمع المدني الوطنية ووسائل الإعلام التي تكون بمثابة القوى الناعمة خلل كل مراحل العملية الانتخابية، فهي تقوم بدور حيوي في متابعة الانتخابات والاطمئنان علي حرية الناخبين في التعبير. وأكد القانون المصري على حق منظمات المجتمع المدني المصرية في متابعة العملية الانتخابية، وقال: هدفنا الأسمى كبرلمانيين هو احترام حرية التعبير من إدارة الشعب في اختيار ممثليه باعتبارها الأساس الوحيد لسلطة الحكم وانتقالها من هيئة إلى أخرى.