اتفق حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم بالسودان، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"- حركة التمرد السابقة بالجنوب- على إجراء الاستفتاء المحدد لتحديد مصير جنوبي السودان في التاسع من يناير المقبل، وعلى ضرورة استمرار ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، بحسب اتفاقهما في ورشة العمل الثانية التي عقدت بالقاهرة أمس حول القواسم المشتركة والروابط الايجابية بين شمال وجنوب السودان. وبحسب مسئول مصري شارك فى أعمال الحوار، تم مناقشة كافة السيناريوهات المطروحة بشأن مستقبل جنوبي السودان، توافق الطرفان على عقد الاستفتاء فى موعده فى التاسع من يناير المقبل والعمل على إجراء استفتاء حر ونزيه وبمراقبة دولية وقبول خيار شعب جنوب السودان سواء كان وحدة أو انفصالا وتنفيذه، فيما دعا الطرفان إلى إخلاص الجهود لتجاوز المصاعب التي تواجه تنفيذ برتوكول أبيي. واتفق الطرفان على التواصل بين القبائل والمواطنين فى مناطق التمازج بين الشمال والجنوب، هو القاسم المشترك الأكبر فى العلاقات بين الشمال والجنوب، وبما يستدعي الحفاظ على علاقات وروابط اقتصادية وجغرافية وثقافية واجتماعية بين المواطنين فى هذه المناطق، وحل كافة نقاط الخلاف حول الحدود واستكمال ترسيمها وتطبيق هذا الترسيم على الأرض. كما اتفقا خلال جلسات الحوار على أن المشورة الشعبية فى كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان من أهم آليات اتفاقية السلام الشامل وعلى حث الخطى من أجل تنفيذ هذه المشورة والالتزام بما تقضى إليه، ودعا الطرفان إلى ضرورة معالجة أي قضايا عالقة لم يتم حسمها خلال الفترة الانتقالية مع تطوير أوجه التعاون المناسبة للعلاقة بين شمالي وجنوبي السودان. وحول ما تردد بان هناك تأكيدات من الحركة الشعبية لتحرير السودان على خيار الوحدة فى حال تخلى حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم عن فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية، أكد فاقان أموم أمين الحركة الشعبية لتحرير السودان فى مؤتمر صحفي عقدته الحركة عقب انتهاء جلسات الحوار أن الحركة الشعبية لا تطالب بإلغاء أي مشروع أو أي فكرة لأي حزب لكنها ترفض تطبيق الشريعة الإسلامية من دون تغير الدستور أو الخدمة المدنية أو القضائية. وأوضح أن استطلاعات الرأي فى جنوبي السودان تشير إلى أن الأغلبية مع الانفصال، وأرجع ذلك إلى فشل الدولة السودانية فى جعل الوحدة خيارا جاذبا خلال الخمس سنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام متهما المؤتمر الوطني بعدم تقديم أي برنامج مشترك ولا حوار حول قضايا الوحدة والانفصال إلا فى الفترات الأخيرة، وهو ما اعتبره جاء متأخرا ولم يعد له فائدة بحسب تعبيره، مضيفا أن الدولة السودانية أخطأت حين حاولت الحفاظ على وحدة السودان باستخدام العنف. وحول القضايا الاقتصادية العالقة بين الطرفين خاصة فيما يخص تقسيم الثروة والموارد بين الشمال والجنوب، قال أموم إن البترول يوجد فى الجنوب وعلى الشمال إن يستغل موارده المتعددة من ذهب وثروة حيوانية وبعض البترول الموجود بالشمال. وأشار إلى أهمية أن يستثمر الشماليون مرور أنابيب البترول فى الشمال وصولا إلى ميناء الخرطوم حيث يتم تصديرها، لكنه هدد بأن يلجأ الجنوبيين إلى بناء مصفاة للبترول وأنابيب تمر بالجنوب وصولا إلى ميناء كينيا إذا تعسف الشماليون. وحول سؤال عن قلق مصري فى حال الانفصال، قال أموم إن مصر خلال مشاركتها فى الحوار أكدت على أهمية وجود سلام، مشيرا إلى أن الجانب المصري كان طرحه محددا فى انه إذا لم تستطيعوا تحقيق أسس للوحدة فعليكم بانفصال أمن وحققوا التعاون فيما بينكم "على حسب تعبيره"، مؤكدا أن جنوب السودان لن يصبح مركزا لقواعد عسكرية أمريكية فى حال الانفصال وإنما سيكون بيئة جاذبة لاستثمارات أجنبية من خلال شركات متعددة الجنسيات وعابرة للحدود.