«يا أصيل دع القلوب تَقَرّ» قالها الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ودمعه الشريف يجري حنيناً الى «مكة»، عندما سمع «بلال» وهو ينشد في دار الهجرة بأبيات تقطر حنيناً ورقّة وعذوبة.. في الشوق الى «مكة»، رغم أن «بلال» كان عبداً في مكة.. وعاش حراً في المدينة.. إلا أنه أنشد ما أبكى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام عندما قال: «ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي «أذخر» و«جليل» وهل أردَّن يوماً مياه مجنةٍ وهل يبدُوَنّ لي "شامة" و"طفيل"». وهو – صلى الله عليه وسلم – القائل عندما غادر مكة مضطراً: «والله إنك خير أرض الله وأحب أرض الله إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت منك». سبحان الله - أشرف الخلق - صفي الله.. رسولنا ومعلّمنا وقدوتنا، أحب الأرض التي عاش عليها (مكة)، والتي بها أهله وأصدقاؤه.. فلماذا يستكثر «الإخوان» علينا أن نحب وطننا مصر، ونعشق ترابها؟ ولماذا يقول مفكرهم «ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن»؟!.. ويزهو مرشدهم السابق مهدي عاكف بتأكيده ان «طز في مصر.. واللي في مصر واللي جابوا مصر»!! (جريدة «روز اليوسف» عام 2006 حوارمع الأستاذ سعيد شعيب)؟! ومن غير «الإخوان» يجرؤ على وصف زعماء مثل أحمد عرابي وسعد زغلول ومصطفى كامل وعبدالناصر بأنهم كانوا عملاء للصليبية العالمية لأن دعوتهم لإذكاء روح الوطنية في المسلمين، وترسيخ فكرة القومية سواء المصرية الخالصة، أو العربية هدفها الأساس تفتيت فكرة الخلافة الإسلامية! من أين جاءت «للإخوان» فكرة «إزدراء» الوطن، والارتكان الى مقولات حق، يلوى عنقها لتثبت الباطل؟! «الإسلام لا وطن له» - صحيح فالإسلام في القلب وهو عقيدتنا الدينية نحملها في قلوبنا أينما توجهنا، ولا يوجد مسلم ثابت الإيمان لا يحلم بأن يستقر الإسلام في قلوب أكبر عدد من خلق الله، وأن تتوحّد مصالح الدول الإسلامية، وتقوى شوكتها ويعمها الرخاء، ويسود أهلها التسامح والصفاء، والسلام. ولكن هل يتعارض كل ذلك مع حب «البلد» الذي ننتمي إليه ويعيش فيه «كل» من نحب، والذي هتفنا كل صباح على مدى سنين عدة بحياته؟ «تحيا مصر».. كانت تصرخ بها حناجرنا في طوابير الصباح، وتقشعرّ لها أجسادنا ونحن ننظر الى علم «بلدنا» يرفرف عالياً، كيف تحوّلت الأرض الطاهرة فجأة الى «حفنة من تراب عفن»، وعلم مصر الى «خرقة بالية»؟ ثم ألا يحتاج وجود دول إسلامية قوية وغنية أن نعدّ لها قواعد القوة والغنى والرخاء من علم متقدم، وعلماء أفذاذ، وتعليم متطور ومنظومة قيم راسخة، ومواطنين أصحاء الجسد والعقل؟.. هل انتهينا بالفعل من مرحلة «الإعداد»؟، انظروا حولكم لحال المسلمين وأجيبوا.. رحمكم الله! وإلا ما هي فائدة شعار الإخوان.. (.. وأعدوا)!! لماذا تصرون على تحقيق «يوتوبيا» إسلامية دون أسس سليمة؟.. وهل «شرع الله» هو حقاً.. وحتماً ما تفهمونه أنتم فقط؟ وهل نظام الحكم (الخلافة) هو حقاً ما يصلح في عصرنا هذا؟.. للأسف الشديد فإن كل من حاول أن «يناقش» الإخوان في أمر من تلك الأمور، أو في «مقاصد الشريعة» التي تحمل وجوهاً عديدة لتحقيق صالح المسلمين وغير المسلمين وإعمارهم في الدنيا، كل من تساءل أو ناقش أو فكّر.. رماه «الإخوان» خارج جنتهم إن كان إخوانياً، أو رموه بالكفر وتعالوا عليه لو كان من غير فرقتهم. والغريب أن مرشدهم الأول، ومؤسسهم حسن البنا، لم يفسر أبداً مفهوم الوطن بأنه «حفنة من تراب عفن» ولم يقل على مصر «طز» أبداً، بل كان تفكيره في مفهوم «الوطن» يستحق الاحترام. فكيف كان هذا؟.. غداً نكمل إن كان في العمر بقية. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
حسام فتحي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66