نشرت وكالة أنباء "رويترز" تقريرا عن مصر، كتبه مراسلها في القاهرة " ادموند بلير"، ولا أدري ما إذا كان هذا الاسم حقيقيا أم مستعارا.. تكلم التقرير عن انتقال السلطة والحالة الاقتصادية والتشدد الاسلامي. التقرير لم يضف جديدا، إذ نقل ما هو معروف في المشهد السياسي المصري، وما تنشره الصحف المصرية اليومية من تقارير وأخبار وتحقيقات وآراء بشأن هذه الملفات، غير أن الملفت في التقرير والذي بثته الوكالة يوم 2/7/2010 كان بعنوان غريب وغير مألوف في التقاليد الصحفية إذا جاء العنوان على هذا النحو اللافت والصادم أيضا .. يقول بالنص:" المخاطر السياسية الرئيسية التي تتعين مراقبتها في مصر"!.. ويمكن للسادة القراء التأكد من ذلك بمراجعته على هذا اللينك والذي نقلته من على موقع الوكالة على الانترنت:" http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE6610DZ20100702 " قد يكون عاديا أن يتحدث تقرير صحفي عن "المخاطر السياسية الرئيسية في مصر"، ولكن حين يضيف إلى عنوان التقرير عبارة "التي يتعين مراقبتها".. فإن هذا ما يلفت الانتباه ويبعث على الدهشة بل والصدمة أيضا.. لأنه والحال كذلك لم يعد تقريرا صحفيا وإنما بات تقريرا أمنيا يقدم للجهات التي تنفق عليه "توصياته" صراحة بالمخاطر التي يجب أن "تراقبها"! عقب كل نقطة اعتبرها من المخاطر، يبدأ التقرير بعنوان فرعي معقبا على ذلك بقوله "ما يجب مراقبته"!!.. فعل ذلك فيما يتعلق بالسلطة والاقتصاد والجماعات الإسلامية: إذ يوصي بمراقبة تدفق رأس المال والسندات الأجنبية والتأمين والأسهم وأسعار السلع والأحكام القضائية التي تصدر ضد الشركات الأجنبية على غرار ما حدث بين "أوراسكوم تليكوم" و"فرانس تليكوم" حول ملكية شركة موبينيل للهاتف المحمول والنزاع بين شركة مصرية و"ميتسوبيشي موتورز كورب" اليابانية.. ويوصي بمراقبة "تحركات الشارع" ويشدد صراحة نصا وحرفا ب"مراقبة ما اذ كان أنصار البرادعي في المواقع الالكترونية يمكنهم الاحتشاد على الارض أو ما اذا كان الاخوان سيغيرون أسلوبهم. سيشير هذا الى ما اذا كانت حركة شعبية يمكن أن تحول احتجاجات لا يشارك فيها حتى الان سوى مئات قليلة الى مسيرات بالالاف مما سيعرقل انتقال السلطة لجمال أو لشخصية أخرى من داخل المؤسسة الحاكمة" وفيما يتعلق بما وصفه ب"التشدد الإسلامي" يوصي التقرير بمراقبة الإسلاميين وتوقع حدوث حملة تفجيرات بقوله: يمكن أن تبرهن سلسلة من الهجمات وليس تفجيرا فرديا على أن المتشددين أعادوا تنظيم صفوفهم. من يقرأ التقرير على هذا النحو لا يمكنه قبوله إذا قيس بالمعايير المهنية وليس بوسع أي صحفي محترف أن يصنفه إلا في خانة "التقارير الأمنية".. صحيح أنه لم يأت بجديد كما أشرت في مقدمة المقال، إلا أن خطورته أنه يقدم "توصيات" بالمراقبة، وهي خطوة غير مسبوقة لأنه لم يقدم "سرا" لجهة ما وإنما نشر علانية في وكالة أنباء كبيرة ولها تاريخ وتراث مهني يمتد لعشرات السنين.. ولعل ذلك ما يحملنا على الاعتقاد بأنها تحمل دلالة لا تخطئها عين المراقب على ما بلغ إليه الاستخفاف بالبلد وبأمنها القومي، حتى باتت التوصيات بمراقبته تنشر علانية على صفحات وسائل الاعلام الغربية. [email protected]