وأخيراً وبعد طول انتظار ، ووقوف على حافة اليأس وجدنا في العالم العربي من يهتم بأمر الدماغ ، ويعلن أنَّ الدماغ في خطر !! المفاجيء في الأمر أن الإعلان لم يأتِ من أطباء الدماغ الذين أشكُّ باهتمام أكثرهم بأمر الدماغ إلا في حدود ما يحقق لهم من مكاسب ! ولم يأت من أهل الفكر الذين تعاني نسبة لا بأس بها منهم من خلل في الدماغ ! ولم يأت من أهل السياسة المشغولة أدمغتهم بمصالحهم قبل أن تسحب من تحتهم الكراسي ! جاء الاهتمام واحبسوا أنفاسكم من فئة المحششين ! أي والله ! من المحششين لا يوجد خطأ إملائي . فقد أعلنت روابط وجماعات التحشيش في مصر عن قلقها من اختفاء الحشيش من الأسواق ! نعم هناك روابط وأحزاب للمحششين ولا تتعجبوا ، فما دام هناك حزب للخضر ، وهناك نقابة لمصففي الشعر ، وهناك جمعيات للرفق بالحيوا ، فلم لا يكون هناك روابط للمحششين فلا أحد أحسن من أحد ! المهم أن الروابط المشار إليها من مثل : رابطة محبي الكيف في مصر ، ورابطة الدماغ في خطر وهذه الأخيرة أعجبتني وقد انتمي إليها أعلنت عن اختفاء الحشيش من الأسواق ، وأن اختفاءه تمَّ في ظروف غامضة لاحظ الوعي السياسي لدى المحششين !! وأن أسعاره قد زادت كثيراً عن إمكانيات المهتمين بأمر الدماغ ، الأمر الذي يدعو إلى القلق وضرورة ضرب ناقوس الخطر . وقد طالبت الروابط المذكورة أعلاه بلزوم توفير الحشيش ، وتوزيعه لمنع ارتفاع أسعاره . وقد أعلن المحششون بأنهم في حالهم هنا يبين المحششون منهجهم في المعارضة ، وفلسفتهم السياسية التي لا تتدخل فيما لا يعنيها وليس لهم مطالب من الحكومة سوى توفير الحشيش لأن الدماغ في خطر . ثم أبان المحششون عن وعيهم الاقتصادي والسياسي وفهمهم لأساليب التجار وقالوا بأن التجار يخزنون الحشيش لرفع أسعاره ، وأنهم يقومون بشراء كميات كبيرة منه لتوزيعها خلال مواسم الانتخابات البرلمانية ! وكأن المحششين ينبهون الحكومات إلى أمر غاية في الأهمية يصب في مصلحتهم أي مصلحة الحكومات وهو أن توفير الحشيش سيؤدي إلى نتائج انتخابية ممتازة ، إذ لا شك بأن مدخلات المحششين الانتخابية ، ستؤدي إلى مخرجات نيابية رائعة ! ومن ثَمَّ فإنَّ الوضع السياسي سيكون في قمة الروعة والهدوء والانسجام بين السلطتين ؛ التنفيذية والتشريعية ! فلسفة سياسية آخر انسجام بلغة المحششين ، وهي لا تختلف كثيراً عن الوضع السائد في العالم العربي الذي لا يتعاطى الكيف الأخضر ، ويتعاطى أنواعاً أخرى من الكيف والحشيش ، كالحشيش السياسي مثلاً الذي ينتهي بالناس إلى نفس حالة متعاطي الكيف الأخضر ، والعنوان في كلا الحالتين واحد : الدماغ في خطر ! لكن هناك فرق مهم جداً وهو أن المحششين الأشراف يعني الخضر واضحون منسجمون ، يدركون خطورة بقاء الدماغ في خطر ، في حين أن المحششين غير الشرفاء منافقون منفصمون ولا يدركون خطورة وضع الدماغ ! بربكم وبصراحة أجيبوني لو خيرتم فمن تختارون ؟! أنا شخصياً سأختار الخضر ، وأعلن من الآن معهم بأن الدماغ في خطر