ذكرت في المقال السابق أن الحجامة لا تستعمل في (مرض السل، ولا في دوالي الخصية، ولا في أمراض الغدة الدرقية، ولا في مرض الصرع) لأن هذه الأمراض معلومة الأسباب وبالتالي معلومة العلاج، ولا يوجد أي سند علمي لعلاجها بالحجامة، بل العكس الحجامة في هذه الحالات خطر شديد لأنها تضعف المريض. فمرض السل، مرض درن خطير جدًا جدا، ناتج عن عدوى ببكتريا الدرن، وترجع خطورته إلى أن البكتريا التي تسبب المرض (السل) تكتسب المناعة ضد المضادات التي تستعمل في علاجه بشكل سريع لوم لم يجر العلاج بطريقة علمية وطبية صحيحة. لدرجة أن المؤسسات الصحية المحترمة والتي تعمل على حسب القياسات العالمية. تجبر المريض على الحضور وأخذ الدواء تحت الإشراف الطبي المباشر. وأما دوالي الخصية فهي تمدد وتوسع في أوردة الخصية الناقلة للدم من الخصيتين، وتشخيصهما ليس بالأمر السهل على المبتدئين من أطباء بكالوريوس الطب والجراحة، وقد يختلف على وجودها وأهمية إجراء جراحة لعلاجها أخصائيو الجراحة، ناهيك عن ممارس للحجامة، أو صيدلي يمارس الطب البشري، كما انتشر في أيامنا هذه. أما الغدة الدرقية وأمراضها فالسؤال، لأي أمراض (الغدة الدرقية) تستعمل الحجامة؟ هل لنشاطها؟ أم لخمولها أم لأورامها ولأي الأورام تستعمل للحميدة أم للخبيثة؟ يا سادة يا أفاضل لا يتم علاج أي مرض إلا بعد التشخيص الدقيق، فالغدة الدرقية على سبيل المثال يطلب الطبيب المعالج من المريض عمل تحاليل طبية، وقد يطلب أشعات قبل البدء في العلاج . وقد يُحوْل المريض لزميل له في تخصص الجراحة، ليعالج الحالة جراحيًا أو طبيب آخر ليعالج الحالة كيميائيًا أو إشعاعيًا. ولكل من هذه التخصصات فريق طبي يعمل بعد سنوات من الدراسة والعمل والبحث. وأما مرض الصرع وعلاجه بالحجامة فهذا أمر مضحك جدًا، وخصوصًا لو قال به أحد المشايخ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعالج هذا المرض بالحجامة، وقصة المرأة التي من أهل الجنة معروفة في بالحجامة، وقصة المكتب السيرة. فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله لمن حوله (من أراد أن ينظر لامرأه فالينظر لهذه المرأة ، فقد سمعتها تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصرع، فقال لها “إن شئت دعوت الله لكي فيشفاك، وإن شئت صبرت ولكي الجنة"، فقالت بل أصبر، ثم قالت، ولكني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف. فبالعقل والمنطق لو الحجامة تفيد في مثل هذه الحالة، لأمر الرسول الحجام ليحجم هذه السيدة. مثل ما فعل مع أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها عندما اشتكت ألًما بالرأس فأمر لها بالحجامة. ونحن في مسألة الحجامة نلتمس الحجج, ونأخذ العبر من سيرته صلى الله عليه وسلم، ولو لم يذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف لما كان لها وجود الآن في ظل ثورة التكنولوجيا في التشخيص والعلاج. ولا ريب في فائدتها، ولكن البحث العلمي فيها مازال هو الأساس.