اكتفى مجلس الشعب بتوقيع الحد الأدنى من العقوبة على النائب نشأت القصاص في واقعة إدانته ب "مخالفة الدستور والقانون" بتحريضه وزارة الداخلية على إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بدلاً من استخدام خراطيم المياه، وذلك بأن وجه له اللوم فقط، وهي أخف العقوبات التي يمتلك المجلس توقيعها، خلال الجلسة التي عقدت أمس برئاسة الدكتور أحمد فتحي سرور ولم تتجاوز مدة انعقادها 15 دقيقة. وتلا سرور خلال الجلسة بيانًا مكتوبًا من القصاص النائب عن الحزب "الوطني" اعتذر فيه عما بدر منه من تعليقات مسيئة موضحا "أن ما صدر مني كان "فلتة لسان" لن تتكرر مرة أخرى"، وأنه شعر أن هذه العبارات والتعليقات أدت إلى الإساءة للحزب الذي ينتمي إليه والمجلس الموقر. وقال النائب عن دائرة العريش في اعتذاره إن "عباراتي ربما انفلتت من أجل الصالح العام وفهم منها أنى أطالب بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وأحسست بخطورتها، وأنا لا أملك إلا أن أعتذر للمجلس الموقر مما سببته له من عبارات مسيئة، مؤكدا احترامه وتقديره للدستور والقانون. وكانت اللجنة التشريعية أدانت الأسبوع الماضي القصاص بمخالفة الدستور والقانون بالاستهتار بالحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون، إثر تفريغ مضبطة اجتماع لجنة الدفاع والأمن القومي الذي أدلى فيه النائب بتصريحاته التي دعا فيها قوات الأمن إلى إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ورفعت بيانًا حول الواقعة إلى مجلس الشعب لاتخاذ ما يراه في هذا الشأن. وسادت توقعات على نطاق واسع بأن يتم حرمانه على الأرجح من حضور الجلسات حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالية إلا أن نواب المعارضة والمستقلين و"الإخوان المسلمين" تفاجئوا بتوجيه عقوبة اللوم فقط على النائب، وطالبوا عقوبات مغلظة عليه حتى لا يتهم المجلس بازدواجية المعايير، كما سبق وأن قضى بحرمان النائب سعد عبود من حضور جلسات البرلمان. غير أن سرور دافع عن العقوبة التي اعتبرها النواب لا تليق بحق ما ارتكبه النائب من إساءة، ومضى إلى القول إن "عقوبة اللوم ليست أمرًا سهلاً في الحياة البرلمانية وهي أقسى من الحرمان من عدد جلسات البرلمان"، موضحًا أن عقوبة توجيه اللوم عملية صعبة جدا ويجب أن ترتفع إلى مستوى القيم. في المقابل، بدا لافتًا أن القصاص التزم الصمت التام ورفض التعقيب على الانتقادات التي صدرت بحقه، بشكل أعطى إيحاءً بأن صمته كان بناءً على اتفاق مسبق، خاصة وأنه لوحظ خلال الاجتماع أنه كانت هناك لغة تخاطب بالعيون بينه وبين المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب "الوطني" ولاحظ الحضور نظرات الأخير التي كانت تدعو "نائب الرصاص" إلى الصمت. وتقدم عز بالاعتذار إلى النواب عن "سقطة" النائب في محاولة لتهدئة ثورة وغضب النواب، وكرر عبارة: اعتذر.. اعتذر.. اعتذر، وأضاف: لسنا في سياق تبرير لكن من الواضح أن عبارات القصاص خرجت عن سياقها، وأني اعتذر مرة ثانية للمجلس والنواب والشعب المصري كله لأن ما صدر لا يقبله أي نائب أو أي مصري، مشيرا إلى أنه لولا هذا الاعتذار لكان الموقف سيختلف!. من جهته، أبدى النائب المستقل علاء عبد المنعم دهشته من تقديم اقتراح مقدم من 20 نائبًا بتوجيه عقوبة اللوم قبل عرض تقرير اللجنة التشريعية، فضلاً عن إعلان رسالة الاعتذار مطالبا بمحاكمة النواب المتجاوزين، قائلا: لا خيار ولا فاقوس في التعامل، مطالبا بإحالة القصاص إلى لجنة القيم أو توقيع جزاء فوري أسوة بما حدث مع بعض النواب، وقال: أنا لا أفهم أن نتجاوز عن كلمات صدر من نائب تخالف الدستور ونحاسب آخرين في جلسة واحدة مثلما حدث مع النائب سعد عبود. من ناحيته، وصف النائب حسين إبراهيم نائب رئيس الكتلة البرلمانية ل "الإخوان المسلمين" تصريحات القصاص بأنها أساءت إلى المجلس كله، مبديا اعتراضه على محاسبة بعض النواب على مواقفهم والتساهل مع البعض الآخر. ودعا إلى معالجة ما اعتبرها ظاهرة مرضية أفرزت نوابًا يشتمون المعارضة ويسبون الدين حتى وصل الأمر إلى المطالبة بإعدام المصريين رميا بالرصاص، مطالبا بالكشف عن المحرض للنائب، وقال: لقد تم إهانة البرلمان. ورفض الدكتور سرور منح الكلمة للنائب سعد عبود، وقال موجها حديثه له: "أنت مش قاعد في الشارع أنت قاعد في مجلس الشعب يا أستاذ عيب ولن أعطيك الكلمة". في المقابل حاول سلامة الرقيعي النائب عن الحزب "الوطني" التقليل مما ورد على لسان القصاص، واعتبر أن ما تفوه به كان "زلة لسان نرجو أن تغفر لأن صاحبها اعتذر للمجلس والشعب المصري"، وقال: الاعتذار والتوبة تأتي بعد الذنب فإذا وقع الاعتذار فإن المجلس هو صاحب الشأن أن يقبله أو لا يقبله. واستنادًا إلى ما ورد بالنص في مضبطة المجلس، فقد قال القصاص بالحرف الواحد: "لو افترضنا أن الداخلية أعطت لك تصريح بمظاهرة ورأت أثناءها أن هناك خطرا على الأمن يا أخي إعدم إعدم بلاش خراطيم المياه دي تضرب بالنار على طول.. تضرب بالنار والله كل المتظاهرين دول خارجين عن القانون"، وفق ما نقلت اللجنة في بيانها الصادر حول الواقعة المثيرة للجدل.