قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما تخفيض المساعدات الأمريكية المخصصة لتعزيز الديموقراطية في مصر، بتخصيص مبلغ 25 مليون دولار لمنظمات المجتمع المدني لعامي 2010 و2011، وهو تحول قالت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية إنه يمكن أن يؤثر على كل شيء بدءًا من برامج مكافحة الفساد وحتى مراقبة الانتخابات. وأضافت إن تخفيض المساعدات إلى 50 بالمائة خلال العام الماضي يشير بأصابع الاتهام إلى إدارة أوباما بتخفيف الضغط من أجل الإصلاح على ما وصفته ب "النظام الاستبدادي" الحاكم في مصر، وذلك لتضمن دعمه في سياسة الشرق الأوسط بما في ذلك عملية السلام مع إسرائيل. ونقلت في هذا الإطار عن أحمد سميح رئيس إحدى المنظمات الحقوقية في مصر التي استخدمت منحة الولاياتالمتحدة لمراقبة الانتخابات البرلمانية في عام 2005، قوله: "أوباما يريد تغييرًا لا يتسبب في غضب الحكومة المصرية، و في السياق المصري هذا يعني أنه لن يكون هناك تغيير". من جانبها، أكدت وكالة المعونة الأمريكية أن "الولاياتالمتحدة ملتزمة بتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان وتنمية المجتمع المدني في مصر"، وبررت تقليص المساعدات في مجال حقوق الإنسان إلى قيام واشنطن بتخفيض المساعدات غير العسكرية لمصر بشكل عام في السنوات الأخيرة، وقامت الإدارة بعمل تخفيضات مماثلة في منحة تعزيز الديموقراطية في الأردن. وأضافت الوكالة إن هذه السياسة تعكس بشكل جزئي تغييرًا في التركيز، وذلك مع زيادة منح المساعدات الاقتصادية والتنموية في باكستان وأفغانستان، ويعكس أيضًا ابتعاد أوباما عن سياسة سلفه جورج بوش في الضغط العدواني من أجل تحقيق الديموقراطية في أنظمة الشرق الأوسط. وقالت إن مصر كانت محور سياسة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش مما أدى لتوتر العلاقات الأمريكية مع الرئيس حسني مبارك، على الرغم من أنه بحلول نهاية الإدارة الأمريكية السابقة بدا كأن سياسة الدفع من أجل الإصلاح الأمريكية قد تلاشت. وفي تقرير صدر يوم الجمعة، اعتبرت منظمة "فريدوم هاوس" الحقوقية الأمريكية التخفيضات بأنها تمثل مصدر قلق خاصة بعد أن أصبح الأجواء في مصر مقيدة بشكل متزايد كما يتضح من حملة الاعتقالات الأخيرة ضد النشطاء السياسيين و المدونين والصحفيين. وكانت مصر من أكبر متلقي المعونة الخارجية للولايات المتحدة منذ أن أصبحت أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل في عام 1979، وكانت المعونة تصل على 2 مليار دولار سنوياً في الماضي بما في ذلك 1,3 مليار دولار مساعدات للجيش المصري، ولكن منذ قدوم إدارة بوش بدأت واشنطن بخفض جزء المساعدات غير العسكرية. ووصلت المساعدات هذا العام 1,55 مليار دولار، مثل العام الماضي، منها 250 مليون دولار للمساعدات الغير عسكرية. وأضافت الوكالة إنه في عام 2008 كرست إدارة بوش نحو 45 مليون دولار من هذا المبلغ لبرامج "الحكم العادل و الديموقراطي"، وجزء منها يمول مباشرة منظمات المجتمع المدني التي تنفذ برامج مستقلة لتعزيز حقوق الإنسان، ومساءلة الحكومة، وتعزيز الإصلاح. وقامت إدارة بوش بتخصيص نفس المبلغ لميزانية عام 2009، لكن عندما وصلت إدارة أوباما إلى الحكم قامت بإعادة تنظيم الميزانية و تخصيص 20 مليون دولار فقط لبرنامج الديموقراطية و نقل الفارق إلى مشاريع إقتصادية بحته، وفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية للكونغرس، و لكنها وضعت مبلغاً أعلى بقليل لعامي 2010 و 2011 يبلغ 25 مليون دولار. وقالت إنه فرض قواعد جديدة تمنع الجمعيات غير المسجلة سواء كانت مصرية أو عالمية من الحصول عن أموال المنحة، و أشارت إلى أن الكثير من الجماعات لا تسجل نفسها لدى الحكومة المصرية لأنهم يخشون الضغط و التدخل. و قالت وكالة المعونة الأمريكية أن المساعدات من الوكالات الأمريكية الأخرى ستستمر في دعم الجماعات غير المسجلة و أشارت إلى "بيئة ميزانية مقيدة". ولكن يتم تقليل المبلغ من 10 مليون دولار في 2008 إلى حوالي 2,8 مليون دولار الآن وفقاً لتقرير صادر عن "مشروع للديموقراطية في الشرق الأوسط" وهي مجموعة مقرها واشنطن قامت بدراسة الميزانية. وحذرت منظمة "فريدوم هاوس" من أن القواعد الجديدة تمنح الحكومة المصرية حق الفيتو في تحديد من يحصل على تمويل من المنحة الأمريكية. وقالت "الأسوشيتيد برس" إن هذه التغييرات تأتي في وقت مظلم بالنسبة لمصر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2011، مشيرة إلى "السمعة السيئة" للانتخابات السابقة بسبب التقارير التي أشارت إلى حدوث تزوير على نطاق واسع لضمان انتصار الحزب الحاكم. وقال صفوت جرجس مدير المركز المصري لحقوق الإنسان إنه تم رفض طلبه للحصول على 300 ألف دولار من المعونة الأمريكية لمراقبة الانتخابات البرلمانية العام الماضي، وأشار إلى أنه اتجه إلى إحدى المنظمات الأمريكية المسموح لها بتمويل الجماعات غير المسجلة ولكن قيل له إنها لا تتعامل مع مراقبة الانتخابات. وأضاف أن وكالة المعونة الأمريكية قامت بنزع مشروع آخر لمجموعته لتعزيز حقوق المرأة و المعاقين والتواصل بين المسلمين والمسيحيين في مصر من خلال ورشات عمل. وقالت الوكالة إن الحكومة المصرية تتجه الآن إلى إلغاء الجماعات غير المسجلة، حيث أن هناك مشروع قانون أمام البرلمان المصري من شأنه أن يفرض عقوبات شديدة على هذه الجماعات إلا إذا قامت بالتسجيل لدى الحكومة، وبموجب القانون يحق للحكومة رفض تسجيل أي منظمة غير حكومية إذا لم توافق عليها الأجهزة الأمنية، ويمكن للدولة أيضًا حل مجلس إدارة أي جمعية غير ربحية مسجلة أو سحب ترخيصها.