عزيزي القارئ ممكن تسمح لي بسؤال محرج؟ طب وليه الإحراج نسأل على طول.. كم عدد الوزراء في مصر؟ ممكن تمسك ورقة وتكتب عشرة أسماء منهم؟ لا تحاول لن تستطيع، حاول مرة أخرى أعتقد أنك لم تستطع، من فضلك توقف عن المحاولة. فليسأل كل منا نفسه: ما الأسماء التي تبادرت إلى ذهنه الآن؟.. أكيد وزير شغال بجد في وزارته لا يجلس في مكتبه وتراه بين الحقول ومحطات تموين البترول، وأتخيل أنك تذكرت وزيراً لم يمر على تعيينه عدة أسابيع، ولكن سمع به الجميع، لأنه قرر من أول يوم دخول جحر الثعابين لم ينتظر أو يعطي نفسه فرصة، لم يخف من دعوات إقالته، إنه الوزير المحارب، أو كما أطلق عليه أحد أصدقائي (أسد الوزراء) إنه علاء عبدالعزيز وزير الثقافة. تبدأ الحكاية من احتكار اتجاه سياسي معين لتلك الوزارة منذ سنوات عديدة فلا يتم النشر إلا لهم، ولا يحصد الجوائز إلا هم، وبأموال الشعب كانت تطبع الروايات التي تصطدم مع عقيدة الشعب وثقافته ك"وليمة أعشاب البحر"، لذا أصبحت الوزارة عزبة خاصة لا يدخلها إلا التنويريون الذين يرون في أي اتجاه آخر ظلاميين لا يفهمون في الثقافة ويجب سحقهم. لم تنته الحكاية عند ذلك، بل كان إهدار المال العام ونزيفه لا يتوقف، وعلى سبيل المثال معرض متحف الآثار المصرية المعروضة بالأكاديمية المصرية للفنون بروما يصرف عليه سنوياً نحو 300 ألف يورو منذ عام 2010 ولمدة ثلاث سنوات لم تستفد الوزارة بأي حصيلة لبيع تذاكر الدخول للمتحف طوال هذه المدة، حفلات للأوبرا يتم إعدادها وأداؤها والإنفاق عليها، على الرغم من وجود 8 تذاكر محجوزة فقط، وباقي المقاعد دعوات مجانية توزع على صفوة القوم والأصدقاء الأعزاء، نعم إنها عزبة خاصة يمتلكها المثقفون الجدد ولا عزاء للفقراء الذين نذكرهم فقط عندما نتاجر بقضية العدالة الاجتماعية. ولكن ماذا اتخذ الوزير من قرارات جعلت البعض يثور ويعتصم ويقتحم مكتب الوزير للمطالبة بإقالته؟ هل منع نشر كتاب؟ هل قام بتهديد الثقافة المصرية؟ هل قام بطباعة كتب تمس الذات الإلهية كما فعل سابقوه على حساب الدولة ومن جيوب الفقراء؟ لم يفعل الوزير ذلك، بل حاول أن يزيل كل من ساهم في ضياع وإهدار المال العام ولم يفكر في كيفية ترشيده. أقال الوزير كلاً من رئيس الهيئة المصرية للكتاب، ورئيسة الأوبرا المصرية، فهل يدعو ذلك للخوف على الثقافة المصرية كما يدعون؟ وهل لهؤلاء حصانة خاصة تمنع إقالتهم؟ إن هؤلاء شعروا بأن هذا الوزير لن يتوقف عن (التطهير) مع غضب البعض من هذا المصطلح، ولن تكون هذه الإقالة هي النهاية، فكان الخوف على إنهاء احتكار البعض لتكية الوزارة، وكما صرح الوزير بأنه سيجعلها وزارة ثقافة مصر وليس وزارة مجموعة تحتكر الثقافة والمعرفة. إن قضية هؤلاء الذين يصطنعون المشكلات ويحاربون طواحين الهواء خاسرة، لأنهم ببساطة لم ينتظروا حتى يقع الوزير في خطأ ما يمكن ترويجه للرأي العام بأنه ضربة للثقافة المصرية، فكان صخب الإعلام يصب في شعبية الوزير ويثبت مكانه ومكانته، ويفتح سريعاً ملفات إهدار المال العام، ويتوقع الكاتب ظهور أرقام جديدة ومفاجآت عن أنهار الأموال المهدرة في تلك الوزارة، وعندها قد يكون هناك إجابة لأسئلة كثيرة محرجة.