وافق مجلس الشورى أمس من حيث المبدأ على مشروع قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة، وسط اعتراض العديد من النواب على القانون باعتباره بداية لخصخصة المرافق العامة وتسليم رقابة المجتمع لأناس قادمين من الخارج، على حد قولهم. يتيح القانون للوزارات والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية بأن تبرم عقود مشاركة تعهد بمقتضاها إلى شركات لتمويل وإنشاء وتجهيز مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة وإتاحة خدماتها وتمويل وتطوير هذه المرافق، مع الالتزام بصيانة ما يتم إنشاؤه أو تطويره، وتقديم الخدمات والتسهيلات اللازمة لكي يصبح المشروع صالحا للاستخدام في الإنتاج، وتقديم الخدمة بانتظام طوال فترة التعاقد التي تتراوح ما بين 5 سنوات و30 سنة من تاريخ اكتمال أعمال البناء والتجهيز أو إتمام عملية التطوير ولا تقل قيمة العقد الإجمالية عن 100 مليون جنيه. ويمنح القانون للجنة العليا لشئون المشاركة التي سوف تتشكل بموجب القانون برئاسة رئيس مجلس الوزراء إمكانية الموافقة على إبرام عقود تزيد على 30 عامًا إذا اقتضت ذلك مصلحة عامة جوهرية. ووصف النواب المعترضون على القانون بأنه الطلقة الأخيرة في مشروع الفوضى الخلاقة التي تتبناه الولاياتالمتحدة، وطالبوا بإعادة القانون مرة أخرى لدراسته، مؤكدين أنهم لا يستطيعون التوقيع على بياض. وأكد النائب الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب "التجمع" أن القانون بالغ الخطورة وحرام أن يناقش بهذه السرعة، مشيرا إلى أنه ليس هدفه إنشاء مرافق جديدة وإنما خصخصة الجزء الأكبر من المرافق الموجودة وهو ما يعد بمثابة ضياع ما تبقى من أموال الشعب وثرواته. وقال: الشعب ليس له ذنب حتى تأتي الحكومة بعد 50 عاما من حكم الحزب الوطني وتقول معنديش موارد "طب ما أنتم اللي عملتوا كده"، وأشار إلى أن النواب لم يقرءوا القانون بتأن، محذرا من تسليم أنفسنا لأيدي مستثمرين لا نعرفهم خاصة أن هذه خصخصة لكل ما لم يخصخص. من جانبه، دافع صفوت الشريف رئيس المجلس عن المشروع نافيا وجود تسرع في مناقشته، وقال: الحكومة لا تملك أن تفرض علينا رأيا، وأوضح أن القانون هدفه إقامة المزيد من البنية الأساسية دون أي أعباء علي المواطنين، وإن الأحزاب باقية والحكومات زائلة والهدف الذي لدينا جميعا هو مصلحة الوطن والمواطنين. في حين رفض الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية تشكيك رئيس حزب "التجمع" في القانون، قائلا إن هذا القانون مثل "المشرط" وأن دكتور رفعت السعيد نظر إليه علي أنه سيستخدم في " ذبح " الناس، وأضاف استخدام هذا المشرط قرار سياسي وصيانته قرار فني، ومن الممكن أن نترك المشرط أو نستخدمه في إجراء عملية جراحية. وأوضح أن هذا القانون امتداد لقانون المناقصات الحالي لكنة يتيح الفرصة لاتخاذ قرارات من نوع معين، نافيا وجود أي صيغة سياسية لهذا القانون، وتابع "أن لا أبتكر شيئا لا يفعله الناس ولم أكتشف الذرة، لأن قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية يطبق في معظم الدول النامية لاستكمال بنيتها الأساسية، ولا يطبق في الدول المتقدمة لأن هذه الدول انتهت من بنيتها الأساسية حتى في دولة مثل فرنسا يتم غلق العديد من المدارس لعدم وجود طلاب بها". لكن النائب ناجي الشهابي رئيس حزب "الجيل" اعتبر أن الحكومة بصياغة هذا القانون تكون قد أعلنت إفلاسها، واصفا المشروع بالطلقة الأخيرة في مشروع "الفوضى الخلاقة" الذي تنتاب الولاياتالمتحدة وبأنه تفتيت لأوامر الدولة المصرية. وذكر أن أي مشروع تمت إقامته علي أرض مصر كان بأموال مصرية من مدخرات المصريين في البنوك، متسائلا: إذا سيحدث لو قررت الحكومة تمويل الدعم إلي نقدي وترك أسعار الكهرباء والمياه بسعر التكلفة, وقال: لا أعتقد أن المواطن سيستطيع تحمل سعر التكلفة للخدمة, ووقتها سيخرج الناس للشارع وستحدث الفوضى الخلاقة. ورد الشريف قائلا: إ أحنا مش بتوع خضوع والفوضى الخلاقة في نفوس أصحابها فقط، نحن لسنا بلد معرض لكل "من هب ودب" والحكومة ليست مفلسة"، وحذف عبارة "الحكومة مفلسة" من المضبطة، وقال: هناك فرق بين الخصخصة وما تقوم به الحكومة في هذا القانون، خاصة أن الشعب المصري يزيد 2 مليون نسمة سنويا، والحكومة تريد فتح باب رف مستوي الخدمات وأن تضمن حقوق المواطن البسيط. وطالب النائب دكتور شوقي السيد بإعادة المشروع لمزيد من الدراسة, قائلا: لا نستطيع أن نوقع علي بياض للحكومة، وعقب وزير المالية قائلا: النواب "مخضوضين" من القانون رغم أنه لا يخصخص أي شيء، وأنه عبارة عن أداة في أيديهم من الممكن أن يستخدموها أو يضعوها في الدرج. ولفت غالي إلي أن 17 محطة صرف صحي تنتظر هذا القانون، مشيرا إلي أن مشروعات مثل هذه ستتسبب في عجز قدرة 114 مليار جنية ستتحملها الأجيال القادمة، وتدخل النائب أسامة شلتوت رئيس حزب التكافل, متسائلا: إذا كانت مشروعات البنية الأساسية ستطرح لمستثمرين, " فيه وزير مالية بيلم فلوس؟". وعاد غالي ليدافع عن أهداف القانون، قائلا إن الاستثمارات البنية الأساسية تحتاج إلي 120 مليار جنية في حين أن الحكومة لا تملك سوي 30 مليار جنية لكل عام، وقال: أجيب منين هاضطر أستلف لكي أوفي بوعود الرئيس للمصريين وهذا سيرهن مستقبل أولادنا في ديون سيفرقوا فيها لذلك لابد من قانون جديد.